أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكفرين أمثالها تفريع على جملة والذين كفروا فتعسا لهم الآية ، وتقدم القول في نظائر أفلم يسيروا في الأرض في سورة الروم وفي سورة غافر .
والاستفهام تقريري ، والمعنى : أليس تعس الذين كفروا مشهودا عليه بآثاره من سوء عاقبة أمثالهم الذين كانوا قبلهم يدينون بمثل دينهم .
وجملة دمر الله عليهم استئناف بياني ، وهذا تعريض بالتهديد . والتدمير : الإهلاك والدمار وهو الهلك .
[ ص: 88 ] وفعل ( دمر ) متعد إلى المدمر بنفسه ، فيقال : دمرهم الله ، وإنما عدي في الآية بحرف الاستعلاء للمبالغة في قوة التدمير ، فحذف مفعول دمر لقصد العموم ، ثم جعل التدمير واقعا عليهم فأفاد معنى دمر كل ما يختص بهم ، وهو المفعول المحذوف ، وأن التدمير واقع عليهم فهم من مشموله .
وجملة وللكافرين أمثالها اعتراض بين جملة أفلم يسيروا في الأرض وبين جملة ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا . والمراد بالكافرين : كفار مكة والمعنى : ولكفاركم أمثال عاقبة الذين من قبلهم من الدمار وهذا تصريح بما وقع به التعريض للتأكيد بالتعميم ثم الخصوص .
وأمثال : جمع مثل بكسر الميم وسكون الثاء ، وجمع الأمثال لأن الله استأصل الكافرين مرات حتى استقر الإسلام فاستأصل صناديدهم يوم بدر بالسيف ، ويوم حنين بالسيف أيضا ، وسلط عليهم الريح يوم الخندق فهزمهم وسلط عليهم الرعب والمذلة يوم فتح مكة ، وكل ذلك مماثل لما سلطه على الأمم في الغاية منه وهو نصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودينه ، وقد جعل الله ما نصر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - أعلى قيمة بكونه بيده وأيدي المؤمنين مباشرة بسيوفهم وذلك أنكى للعدو .
وضمير " أمثالها " عائد إلى عاقبة الذين من قبلهم باعتبار أنها حالة سوء .