[ ص: 166 ] وكان الله غفورا رحيما ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
عطف على جملة فمن يملك لكم من الله شيئا فهو من أجزاء القول ، وهذا انتقال من التخويف الذي أوهمه فمن يملك لكم من الله شيئا إلى إطماعهم بالمغفرة التي سألوها ، ولذلك قدم الضر على النفع في الآية الأولى فقيل إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ليكون احتمال إرادة الضر بهم أسبق في نفوسهم .
وقدمت المغفرة هنا بقوله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ليتقرر معنى الإطماع في نفوسهم فيبتدروا إلى استدراك ما فاتهم .
وهذا تمهيد لوعدهم الآتي في قوله قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد إلى قوله فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا .
وزاد رجاء المغفرة تأكيدا بقوله وكان الله غفورا رحيما أي الرحمة والمغفرة أقرب من العقاب ، وللأمرين مواضع ومراتب في القرب والبعد ، والنوايا والعوارض ، وقيمة الحسنات والسيئات ، قد أحاط الله بها وقدرها تقديرا .
ولفظ " من يشاء " في الموضعين إجمال للمشيئة وأسبابها وقد بينت غير مرة في تضاعيف القرآن والسنة ومن ذلك قوله إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .