وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه
هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا نشأ عن قوله وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها إذ علم أنه خيبر ، فحق لهم ولغيرهم أن يخطر ببالهم أن [ ص: 177 ] يترقبوا مغانم أخرى فكان هذا الكلام جوابا لهم ، أي لكم مغانم أخرى لا يحرم منها من تخلفوا عن فتح الحديبية وهي المغانم التي حصلت في الفتوح المستقبلة .
فالخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين تبعا للخطاب الذي في قوله إذ يبايعونك تحت الشجرة وليس خاصا بالذين بايعوا .
والوعد بالمغانم الكثيرة واقع في ما سبق نزوله من القرآن وعلى لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما بلغه إلى المسلمين في مقامات دعوته للجهاد .
ووصف " مغانم " بجملة تأخذونها لتحقيق الوعد .
وبناء على ما اخترناه من أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة يكون فعل " فعجل " مستعملا في الزمن المستقبل مجازا تنبيها على تحقيق وقوعه ، أي سيعجل لكم هذه . وإنما جعل نوالهم غنائم خيبر تعجيلا ، لقرب حصوله من وقت الوعد به . ويحتمل أن يكون تأخر نزول هذه الآية إلى ما بعد فتح خيبر على أنها تكملة لآية الوعد التي قبلها ، وأن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضعها عقبها وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام على أول هذه السورة ولكن هذا غير مروي .
والإشارة في قوله هذه إلى المغانم في قوله ومغانم كثيرة تأخذونها وأشير إليها على اختلاف الاعتبارين في استعمال فعل فعجل لكم هذه .