[ ص: 271 ] إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون
ذيل تقويمهم على الحق بهذا التذييل ليعلموا أن الله لا يكتم ، وأنه لا يكذب ، لأنه يعلم كل غائبة في السماء والأرض فإنهم كانوا في الجاهلية لا تخطر ببال كثير منهم أصول الصفات الإلهية .
وربما علمها بعضهم مثل زهير في قوله :
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ليخفى فمهما يكتم الله يعلم
( ولعل ذلك من آثار تنصره ) .
وتأكيد الخبر بـ ( إن ) لأنهم بحال من ينكر أن الله يعلم الغيب فكذبوا على النبيء صلى الله عليه وسلم مع علمهم أنه مرسل من الله فكان كذبهم عليه مثل الكذب على الله .
وقد أفادت هذه الجملة تأكيد مضمون جملتي والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، والله بكل شيء عليم ولكن هذه زادت بالتصريح بأنه يعلم الأمور الغائبة لئلا يتوهم متوهم أن العمومين في الجملتين قبلها عمومان عرفيان قياسا على علم البشر .
وجملة والله بصير بما تعملون معطوف على جملة إن الله يعلم غيب السماوات والأرض عطف الأخص على الأعم لأنه لما ذكر أنه يعلم الغيب وكان شأن الغائب أن لا يرى ، عطف عليه علمه بالمبصرات احتراسا من أن يتوهموا أن الله يعلم خفايا النفوس وما يجول في الخواطر ولا يعلم المشاهدات ، نظير قول كثير من الفلاسفة : إن الخالق يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات ، ولهذا أوثر هنا وصف " بصير " .
وقرأ الجمهور : " بما تعملون " بتاء الخطاب . وقرأه ابن كثير بياء الغيبة .