nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=29025_33679وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر .
عطف على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إنا كل شيء خلقناه بقدر فهو داخل في التذييل ، أي
[ ص: 220 ] خلقنا كل شيء بعلم ، فالمقصود منه وما يصلح له معلوم لنا فإذا جاء وقته الذي أعددناه حصل دفعة واحدة لا يسبقه اختبار ولا نظر ولا بداء . وسيأتي تحقيقه في آخر تفسير هذه الآية .
والغرض من هذا
nindex.php?page=treesubj&link=30532تحذيرهم من أن يأخذهم العذاب بغتة في الدنيا عند وجود ميقاته وسبق إيجاد أسبابه ومقوماته التي لا يتفطنون لوجودها ، وفي الآخرة بحلول الموت ثم بقيام الساعة .
وعطف هذا عقب
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إنا كل شيء خلقناه بقدر مشعر بترتيب مضمونه على مضمون المعطوف عليه في التنبيه والاستدلال حسب ما هو جار في كلام البلغاء من مراعاة ترتب معاني الكلام بعضها على بعض حتى قال جماعة من أئمة اللغة :
الفراء ،
وثعلب ،
والربعي ،
وقطرب ،
وهشام ،
وأبو عمرو الزاهد : إن العطف بالواو يفيد الترتيب ، وقال
ابن مالك : الأكثر إفادته الترتيب .
والأمر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50وما أمرنا يجوز أن يكون بمعنى الشأن ، فيكون المراد به الشأن المناسب لسياق الكلام ، وهو شأن الخلق والتكوين ، أي وما شأن خلقنا الأشياء .
ويجوز أن يكون بمعنى الإذن فيراد به أمر التكوين وهو المعبر عنه بكلمة كن والمآل واحد .
وعلى الاحتمالين فصفة واحدة وصف لموصوف محذوف دل عليه الكلام وهو خبر عن أمرنا . والتقدير : إلا كلمة واحدة ، وهي كلمة ( كن ) كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .
والمقصود الكناية عن أسرع ما يمكن من السرعة ، أي وما أمرنا إلا كلمة واحدة . وذلك في تكوين العناصر والبسائط وكذلك في تكوين المركبات لأن أمر التكوين يتوجه إليها بعد أن تسبقه أوامر تكوينية بإيجاد أجزائها ، فلكل مكون منها أمر تكوين يخصه هو كلمة واحدة فتبين أن أمر الله التكويني كلمة واحدة ولا ينافي هذا قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=38ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ونحوه ، فخلق ذلك قد انطوى على مخلوقات كثيرة لا يحصر عددها كما قال تعالى
[ ص: 221 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق فكل خلق منها يحصل بكلمة واحدة كلمح البصر على أن بعض المخلوقات تتولد منه أشياء وآثار فيعتبر تكوينه عند إيجاد أوله .
وصح الإخبار عن أمر وهو مذكر ب واحدة وهو مؤنث باعتبار أن ما صدق الأمر هنا هو أمر التسخير وهو الكلمة ، أي كلمة ( كن ) .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50كلمح بالبصر في موضع الحال من أمرنا باعتبار الإخبار عنه بأنه كلمة واحدة ، أي : حصول مرادنا بأمرنا كلمح بالبصر ، وهو تشبيه في سرعة الحصول ، أي ما أمرنا إلا كلمة واحدة سريعة التأثير في المتعلقة هي به كسرعة لمح البصر .
وهذا التشبيه في تقريب الزمان أبلغ ما جاء في الكلام العربي وهو أبلغ من قول
زهير :
فهن ووادي الرس كاليد للفم
وقد جاء في سورة النحل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب فزيد هنالك
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أو هو أقرب لأن المقام للتحذير من مفاجأة الناس بها قبل أن يستعدوا لها فهو حقيق بالمبالغة في التقريب ، بخلاف ما في هذه الآية فإنه لتمثيل أمر الله وذلك يكفي فيه مجرد التنبيه إذ لا يتردد السامع في التصديق به .
وقد أفادت هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=28781إحاطة علم الله بكل موجود وإيجاد الموجودات بحكمة ، وصدورها عن إرادة وقدرة .
واللمح : النظر السريع واختلاس النظر ، يقال : لمح البصر ، ويقال : لمح البرق كما يقال : لمع البرق . ولما كان لمح البصر أسرع من لمح البرق قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50كلمح بالبصر كما قال في سورة النحل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77إلا كلمح البصر .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=29025_33679وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةً كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ .
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّذْيِيلِ ، أَيْ
[ ص: 220 ] خَلَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمٍ ، فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُ مَعْلُومٌ لَنَا فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهُ الَّذِي أَعْدَدْنَاهُ حَصَلَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَسْبِقُهُ اخْتِبَارٌ وَلَا نَظَرٌ وَلَا بِدَاءٌ . وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ .
وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30532تَحْذِيرُهُمْ مِنْ أَنْ يَأْخُذَهُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً فِي الدُّنْيَا عِنْدَ وُجُودِ مِيقَاتِهِ وَسَبْقِ إِيجَادِ أَسْبَابِهِ وَمُقَوِّمَاتِهِ الَّتِي لَا يَتَفَطَّنُونَ لِوُجُودِهَا ، وَفِي الْآخِرَةِ بِحُلُولِ الْمَوْتِ ثُمَّ بِقِيَامِ السَّاعَةِ .
وَعَطْفُ هَذَا عَقِبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ مُشْعِرٌ بِتَرْتِيبِ مَضْمُونِهِ عَلَى مَضْمُونِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهِ وَالْاِسْتِدْلَالِ حَسَبِ مَا هُوَ جَارٍ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ مِنْ مُرَاعَاةٍ تُرَتِّبُ مَعَانِيَ الْكَلَامِ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ :
الْفَرَّاءُ ،
وَثَعْلَبٌ ،
وَالرَّبَعِيُّ ،
وَقُطْرُبٌ ،
وَهِشَامٌ ،
وَأَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ : إِنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُفِيدُ التَّرْتِيبَ ، وَقَالَ
ابْنُ مَالِكٍ : الْأَكْثَرُ إِفَادَتُهُ التَّرْتِيبَ .
وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50وَمَا أَمْرُنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الشَّأْنِ ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الشَّأْنُ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ ، وَهُوَ شَأْنُ الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ ، أَيْ وَمَا شَأْنُ خَلْقِنَا الْأَشْيَاءَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْإِذْنِ فَيُرَادُ بِهِ أَمْرُ التَّكْوِينِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِكَلِمَةِ كُنْ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ .
وَعَلَى الْاِحْتِمَالَيْنِ فَصِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الكَّلَامُ وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ أَمْرِنَا . وَالتَّقْدِيرُ : إِلَّا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ كَلِمَةُ ( كُنْ ) كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
وَالْمَقْصُودُ الْكِنَايَةُ عَنْ أَسْرَعِ مَا يُمَكِنُ مِنَ السُّرْعَةِ ، أَيْ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ . وَذَلِكَ فِي تَكْوِينِ الْعَنَاصِرِ وَالْبَسَائِطِ وَكَذَلِكَ فِي تَكْوِينِ الْمُرَكَّبَاتِ لِأَنَّ أَمْرَ التَّكْوِينِ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهَا بَعْدَ أَنْ تَسْبِقَهُ أَوَامِرٌ تَكْوِينِيَّةٌ بِإِيجَادِ أَجْزَائِهَا ، فَلِكُلِّ مُكَوَّنٍ مِنْهَا أَمْرُ تَكْوِينٍ يَخُصُّهُ هُوَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ التَّكْوِينِيَّ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=38وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ ، فَخَلْقُ ذَلِكَ قَدِ انْطَوَى عَلَى مَخْلُوقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يُحْصَرُ عَدَدُهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى
[ ص: 221 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فَكُلُّ خَلْقٍ مِنْهَا يَحْصُلُ بِكَلِمِةٍ وَاحِدَةٍ كَلَمْحِ الْبَصَرِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ تَتَوَلَّدُ مِنْهُ أَشْيَاءُ وَآثَارٌ فَيُعْتَبَرُ تَكْوِينُهُ عِنْدَ إِيجَادِ أَوَّلِهِ .
وَصَحَّ الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ وَهُوَ مُذَكَّرٌ بِ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا صَدَّقَ الْأَمْرَ هُنَا هُوَ أَمْرُ التَّسْخِيرَ وَهُوَ الْكَلِمَةُ ، أَيْ كَلِمَةِ ( كُنْ ) .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ أَمْرِنَا بِاعْتِبَارِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ، أَيْ : حُصُولُ مُرَادُنَا بِأَمْرِنَا كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي سُرْعَةِ الْحُصُولِ ، أَيْ مَا أَمْرُنَا إِلَّا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ سَرِيعَةُ التَّأْثِيرِ فِي الْمُتَعَلِّقَةِ هِيَ بِهِ كَسُرْعَةِ لَمْحِ الْبَصَرِ .
وَهَذَا التَّشْبِيهُ فِي تَقْرِيبِ الزَّمَانِ أَبْلَغُ مَا جَاءَ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِ
زُهَيْرٍ :
فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِ
وَقَدْ جَاءَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ فَزِيدَ هُنَالِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أَوْ هُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ الْمَقَامَ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ مُفَاجَأَةِ النَّاسِ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَعِدُّوا لَهَا فَهُوَ حَقِيقٌ بِالْمُبَالَغَةِ فِي التَّقْرِيبِ ، بِخِلَافِ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ لِتَمْثِيلِ أَمْرِ اللَّهِ وَذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ التَّنْبِيهِ إِذْ لَا يَتَرَدَّدُ السَّامِعُ فِي التَّصْدِيقِ بِهِ .
وَقَدْ أَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28781إِحَاطَةَ عِلْمِ اللَّهِ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَإِيجَادِ الْمَوْجُودَاتِ بِحِكْمَةٍ ، وَصُدُورِهَا عَنْ إِرَادَةٍ وَقُدْرَةٍ .
وَاللَّمْحُ : النَّظَرُ السَّرِيعُ وَاخْتِلَاسُ النَّظَرِ ، يُقَالُ : لَمَحَ الْبَصَرَ ، وَيُقَالُ : لَمَحَ الْبَرْقَ كَمَا يُقَالُ : لَمَعَ الْبَرْقُ . وَلَمَّا كَانَ لَمْحُ الْبَصَرِ أَسْرَعَ مِنْ لَمْحِ الْبَرْقِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=50كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ .