ضمير فيهن عائد إلى فرش وهو سبب تأخير نعم أهل الجنة بلذة التأنس بالنساء عن ما في الجنات من الأفنان والعيون والفواكه والفرش ، ليكون ذكر الفرش مناسبا للانتقال إلى الأوانس في تلك الفرش وليجيء هذا الضمير مفيدا معنى كثيرا من لفظ قليل ، وذلك من خصائص الترتيب من هذا التركيب .
ف قاصرات الطرف كائنة في الجنة وكائنة على الفرش مع أزواجهن قال تعالى وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا الآية .
و ( قاصرات الطرف ) صفة لموصوف محذوف تقديره نساء ، وشاع المدح بهذا الوصف في الكلام حتى نزل منزلة الاسم ، ف قاصرات الطرف نساء في نظرهن مثل القصور والغض خلقة فيهن ، وهذا نظير ما يقول الشعراء من المولدين : مراض العيون ، أي مثل المراض خلقة . والقصور : مثل الغض من صفات عيون المها والظباء ، قال كعب بن زهير :
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول
[ ص: 270 ] أي : كغضيض الطرف وهو الظبي .والطمث بفتح الطاء وسكون الميم مسيس الأنثى البكر ، أي من أبكار . وعبر عن البكارة ب لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان إطنابا في التحسين ، وقد جاء في الآية الأخرى فجعلناهن أبكارا . وهؤلاء هن نساء الجنة لا أزواج المؤمنين اللائي كن لهم في الدنيا لأنهن قد يكن طمثهم أزواج فإن الزوجة في الجنة تكون لآخر من تزوجها في الدنيا .
وقرأ الجمهور يطمثهن هنا ، وفي نظيره الآتي بكسر الميم . وقرأه عن الدوري بضم الميم وهما لغتان في مضارع طمث . ونقل عن الكسائي التخيير بين الضم والكسر . الكسائي
وقوله إنس قبلهم أي لم يطمثهن أحد قبلهم ، وقوله ولا جان تتميم واحتراس وهو إطناب دعا إليه أن الجنة دار ثواب لصالح الإنس والجن فلما ذكر ( إنس ) نشأ توهم أن يمسهن جن فدفع ذلك التوهم بهذا الاحتراس .
وجملة كأنهن الياقوت والمرجان نعت أو حال من قاصرات الطرف .
ووجه الشبه بالياقوت والمرجان في لون الحمرة المحمودة ، أي حمرة الخدود كما يشبه الخد بالورد ، ويطلق الأحمر على الأبيض فمنه حديث بعثت إلى الأحمر والأسود ، وقال عبد بني الحساس :
فلو كنت وردا لونه لعشقتني ولكن ربي شانني بسواديا