ويجوز أن يكون كلاما صادرا من جانب الله تعالى للمنافقين تأييسا لهم من الطمع في نوال حظ من نور المؤمنين ، فيكون الفاء من عطف التلقين عاطفة كلام أحد على كلام غيره لأجل اتحاد مكان المخاطبة على نحو قوله تعالى قال ومن ذريتي .
ويكون عطف ولا من الذين كفروا جمعا للفريقين في توبيخ وتنديم واحد لاتحادهما في الكفر .
وإقحام كلمة " فاليوم " لتذكيرهم بما كانوا يضمرونه في الدنيا حين ينفقون مع المؤمنين رياء وتقية . وهو ما حكاه الله عنهم بقوله ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر .
لأن تأنيث " فدية " غير حقيقي ، وقد فصل بين الفعل وفاعله بالظرف فحصل مسوغان لترك اقتران الفعل بعلامة المؤنث . وقرأ الجمهور " لا يؤخذ " بياء الغائب المذكر ابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب بمثناة فوقية جريا على تأنيث الفاعل في اللفظ ، والقراءتان سواء . وقرأه
وكنى بنفي أخذ الفدية عن تحقق جزائهم على الكفر ، وإلا فإنهم لم يبذلوا فدية ، ولا كان النفاق من أنواع الفدية ولكن الكلام جرى على الكناية لما هو [ ص: 389 ] مشهور من أن
فعطف الأسير والجاني قد يتخلصان من المؤاخذة بفدية تبذل عنهما . ولا من الذين كفروا قصد منه تعليل أن لا محيص لهم من عذاب الكفر ، مثل الذين كفروا ، أي : الذين أعلنوا الكفر حتى كان حالة يعرفون بها . وهذا يقتضي أن المنافقين كانوا هم والكافرون في صعيد واحد عند أبواب جهنم ، ففيه احتراس من أن يتوهم الكافرون الصرحاء من ضمير لا يؤخذ منكم فدية أن ذلك حكم خاص بالمنافقين تعلقا بأقل طمع ، فليس ذكر ولا من الذين كفروا مجرد استطراد .
والمأوى : المكان الذي يؤوى إليه ، أي : يصار إليه ويرجع ، وكني به عن الاستمرار والخلود .
وأكد ذلك بالصريح بجملة مأواكم النار هي مولاكم أي ترجعون إليها كما يرجع المستنصر إلى مولاه لينصره أو يفادي عنه ، فاستعير المولى للمقر على طريقة التهكم .
ويجوز مع ذلك أن يجعل المولى اسم مكان الولي ، وهو القرب والدنو ، أي : مقركم ، كقول لبيد :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
أي : مكان المخافة ومقرها .و " بئس المصير " تذييل يشمل جميع ما يصيرون إليه من العذاب . وقد يحصل العلم للمؤمنين بما أجابوا به أهل النفاق لأنهم صاروا إلى دار الحقائق .