nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29036_27477_12389يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن .
توجيه الخطاب إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - أسلوب من أساليب آيات التشريع المهتم به فلا يقتضي ذلك تخصيص ما يذكر بعده النبيء - صلى الله عليه وسلم - مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يا أيها النبيء حرض المؤمنين على القتال لأن النبيء - صلى الله عليه وسلم - الذي يتولى تنفيذ الشريعة في أمته وتبيين أحوالها . فإن كان التشريع الوارد يشمله ويشمل الأمة جاء الخطاب مشتملا على ما يفيد ذلك مثل صيغة الجمع في قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إذا طلقتم النساء وإن كان التشريع خاصا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءت بما يقتضي ذلك نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : وهذا قولهم أن الخطاب له لفظا . والمعنى له وللمؤمنين ، وإذا أراد الله الخطاب للمؤمنين لاطفه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبيء ، وإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له قال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يا أيها الرسول اهـ . ووجه الاهتمام بأحكام الطلاق والمراجعة والعدة سنذكره عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1واتقوا الله ربكم .
فالأحكام المذكورة في هذه السورة عامة للمسلمين فضمير الجمع في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إذا طلقتم النساء وما بعده من الضمائر مثله مراد بها هو وأمته . وتوجيه الخطاب إليه لأنه المبلغ للناس وإمام أمته وقدوتهم والمنفذ لأحكام الله فيهم فيما بينهم من المعاملات فالتقدير إذا طلقتم أيها المسلمون .
وظاهر كلمة ( إذا ) أنها للمستقبل وهذا يؤيد ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي من أنها
[ ص: 295 ] شرع مبتدإ قالوا إنه يجوز أن يكون المراد إذا طلقتم في المستقبل فلا تعودوا إلى مثل ما فعلتم ولكن طلقوهن لعدتهن ، أي في أطهارهن كما سيأتي .
وتكرير فعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فطلقوهن ) لمزيد الاهتمام به فلم يقل إذا طلقتم النساء فلطهرهن وقد تقدم نظير ذلك عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=130وإذا بطشتم بطشتم جبارين في سورة الشعراء ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وإذا مروا باللغو مروا كراما في سورة الفرقان .
واللام في ( لعدتهن ) لام التوقيت وهي بمعنى عند مثل كتب ليوم كذا من شهر كذا . ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس لا تحتمل هذه اللام غير ذلك من المعاني التي تأتي لها اللام . ولما كان مدخول اللام هنا غير زمان علم أن المراد الوقت المضاف إلى عدتهن أي وقت الطهر .
ومعنى التركيب أن عدة النساء جعلت وقتا لإيقاع طلاقهن فكني بالعدة عن الطهر لأن المطلقة تعتد بالأطهار .
وفائدة ذلك أن يكون إيماء إلى حكمة هذا التشريع وهي أن يكون الطلاق عند ابتداء العدة وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=26702تبتدأ العدة بأول طهر من أطهار ثلاثة لدفع المضرة عن المطلقة بإطالة انتظار تزويجها لأن ما بين حيضها إذا طلقت فيه وبين طهرها أيام غير محسوبة في عدتها فكان أكثر المطلقين يقصدون بذلك إطالة مدة العدة ليوسعوا على أنفسهم زمن الارتياء للمراجعة قبل أن يبين منهم .
وفعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1طلقتم ) مستعمل في معنى أردتم الطلاق وهو استعمال وارد ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية والقرينة ظاهرة .
والآية تدل على إباحة التطليق بدلالة الإشارة لأن القرآن لا يقدر حصول فعل محرم من دون أن يبين منعه .
nindex.php?page=treesubj&link=11698والطلاق مباح لأنه قد يكون حاجيا لبعض الأزواج فإن الزوجين شخصان اعتشرا اعتشارا حديثا في الغالب لم تكن بينهما قبله صلة من نسب ولا جوار ولا تخلق بخلق متقارب أو متماثل فيكثر أن يحدث بينهما بعد التزوج تخالف في بعض نواحي المعاشرة قد يكون شديدا ويعسر تذليله ، فيمل أحدهما ولا يوجد سبيل إلى
[ ص: 296 ] إراحتهما من ذلك إلا التفرقة بينهما فأحله الله لأنه حاجي ولكنه ما أحله إلا لدفع الضر فلا ينبغي أن يجعل الإذن فيه ذريعة للنكاية من أحد الزوجين بالآخر . أو من ذوي قرابتهما ، أو لقصد تبديل المذاق . ولذلك قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002674أبغض الحلال إلى الله الطلاق .
وتعليق (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1طلقتم ) بإذا الشرطية مشعر بأن الطلاق خلاف الأصل في علاقة الزوجين التي قال الله فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .
واختلف العلماء في أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - طلق وجزم به
الخطابي في شرح سنن
أبي داود ولم يثبت تطليق النبيء - صلى الله عليه وسلم - بحديث صحيح والمروي في ذلك خبران ، أولهما ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة ومسروق بن المرزبان بسندهم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=hadith&LINKID=2002675أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها . وفي هذا السند ضعف لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ضعيف نسبه
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين إلى الكذب وضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي . وقبله
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وأبو حاتم . وكذلك
مسروق بن المرزبان يضعف أيضا . وبقي
عبد الله بن عامر بن زرارة لا متكلم فيه فيكون الحديث صحيحا لكنه غريب وهو لا يقبل فيما تتوفر الدواعي على روايته كهذا . وهذا الحديث غريب في مبدئه ومنتهاه لانفراد
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير بروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وانفراد
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب مع عدم إخراج أهل الصحيح إياه فالأشبه أنه لم يقع طلاق النبيء - صلى الله عليه وسلم -
حفصة ولكن كانت قضية الإيلاء بسبب
حفصة .
والمعروف في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه فقال الناس طلق رسول الله نساءه . قال عمر : فقلت يا رسول الله أطلقت نساءك ، قال : لا آليت منهن شهرا . فلعل أحد رواة الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عبر عن الإيلاء بلفظ التطليق وعن الفيئة بلفظ راجع على أن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه يضعف عند أهل النقد .
وثانيهما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12315الجونية أسماء أو أميمة بنت شراحيل الكندية في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002677أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وأنه لما دخل يبني بها قالت له : أعوذ بالله منك ، فقال : [ ص: 297 ] قد عذت بمعاذ ألحقي بأهلك وأمر nindex.php?page=showalam&ids=45أبا أسيد الساعدي أن يكسوها ثوبين وأن يلحقها بأهلها ، ولعلها أرادت إظهار شرفها والتظاهر بأنها لا ترغب في الرجال وهو خلق شائع في النساء .
والأشبه أن هذا طلاق وأنه كان على سبب سؤالها فهو مثل التخيير الذي قال الله تعالى فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يا أيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا في سورة الأحزاب . فلا يعارض ذلك قوله
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002678أبغض الحلال إلى الله الطلاق . إذ يكون قوله ذلك مخصوصا بالطلاق الذي يأتيه الزوج بداع من تلقاء نفسه لأن علة الكراهية هي ما يخلفه الطلاق من بغضاء المطلقة من يطلقها فلا يصدر من النبيء - صلى الله عليه وسلم - ابتداء تجنبا من أن تبغضه المطلقة فيكون ذلك وبالا عليها ، فأما إذا سألته فقد انتفت الذريعة التي يجب سدها .
وعلم من قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لعدتهن ) أنهن النساء المدخول بهن لأن غير المدخول بهن لا عدة لهن إجماعا بنص آية الأحزاب .
وهذه الآية حجة
لمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور أن العدة بالأطهار لا بالحيض فإن الآية دلت على أن يكون إيقاع الطلاق عند مبدإ الاعتداد فلو كان مبدأ الاعتداد هو الحيض لكانت الآية أمرا بإيقاع الطلاق في الحيض ولا خلاف في أن ذلك منهي عنه لحديث
عمر في قضية طلاق ابنه
عبد الله بن عمر زوجه وهي حائض . واتفق أهل العلم على الأخذ به فكيف يخالف مخالف في
nindex.php?page=treesubj&link=12438معنى القرء خلافا يفضي إلى إبطال حكم القضية في
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وقد كانت العدة مشروعة من قبل بآية سورة البقرة وآيات الأحزاب فلذلك كان نوط إيقاع الطلاق بالحال التي تكون بها العدة إحالة على أمر معلوم لهم .
وحكمة العدة تقدم بيانها .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29036_27477_12389يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ .
تَوْجِيهُ الْخِطَابِ إِلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ آيَاتِ التَّشْرِيعِ الْمُهْتَمِّ بِهِ فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ تَخْصِيصَ مَا يُذْكَرُ بَعْدَهُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ لِأَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يَتَوَلَّى تَنْفِيذَ الشَّرِيعَةِ فِي أُمَّتِهِ وَتَبْيِينَ أَحْوَالِهَا . فَإِنْ كَانَ التَّشْرِيعُ الْوَارِدُ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ الْأُمَّةَ جَاءَ الْخِطَابُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِثْلَ صِيغَةِ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ وَإِنْ كَانَ التَّشْرِيعُ خَاصًّا بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَتْ بِمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا قَوْلُهُمْ أَنَّ الْخِطَابَ لَهُ لَفْظًا . وَالْمَعْنَى لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ الْخِطَابَ لِلْمُؤْمِنِينَ لَاطَفَهُ بِقُولِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ ، وَإِذَا كَانَ الْخِطَابُ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا لَهُ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ اهـ . وَوَجْهُ الِاهْتِمَامِ بِأَحْكَامِ الطَّلَاقِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَالْعِدَّةِ سَنَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ .
فَالْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الضَّمَائِرِ مِثْلُهُ مُرَادٌ بِهَا هُوَ وَأُمَّتُهُ . وَتَوْجِيهُ الْخِطَابِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُبَلِّغُ لِلنَّاسِ وَإِمَامُ أُمَّتِهِ وَقُدْوَتُهُمْ وَالْمُنَفِّذُ لِأَحْكَامِ اللَّهِ فِيهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَالتَّقْدِيرُ إِذَا طَلَّقْتُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ .
وَظَاهِرُ كَلِمَةِ ( إِذَا ) أَنَّهَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّهَا
[ ص: 295 ] شَرْعُ مُبْتَدَإٍ قَالُوا إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِذَا طَلَّقْتُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَعُودُوا إِلَى مَثْلِ مَا فَعَلْتُمْ وَلَكِنْ طَلَّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ، أَيْ فِي أَطْهَارِهِنَّ كَمَا سَيَأْتِي .
وَتَكْرِيرُ فِعْلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فَطَلِّقُوهُنَّ ) لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ بِهِ فَلَمْ يَقُلْ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَلِطُهْرِهِنَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=130وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ .
وَاللَّامُ فِي ( لِعِدَّتِهِنَّ ) لَامُ التَّوْقِيتِ وَهِيَ بِمَعْنَى عِنْدَ مِثْلَ كُتِبَ لِيَوْمِ كَذَا مَنْ شَهْرِ كَذَا . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ لَا تَحْتَمِلُ هَذِهِ اللَّامُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تَأْتِي لَهَا اللَّامُ . وَلَمَّا كَانَ مَدْخُولُ اللَّامِ هُنَا غَيْرَ زَمَانٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَقْتُ الْمُضَافِ إِلَى عِدَّتِهِنَّ أَيْ وَقْتُ الطُّهْرِ .
وَمَعْنَى التَّرْكِيبِ أَنَّ عِدَّةَ النِّسَاءِ جُعِلَتْ وَقْتًا لِإِيقَاعِ طَلَاقِهِنَّ فَكُنِّيَ بِالْعِدَّةِ عَنِ الطُّهْرِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَطْهَارِ .
وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إِيمَاءً إِلَى حِكْمَةِ هَذَا التَّشْرِيعِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=26702تُبْتَدَأُ الْعِدَّةُ بِأَوَّلِ طُهْرٍ مِنْ أَطْهَارٍ ثَلَاثَةٍ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ بِإِطَالَةِ انْتِظَارِ تَزْوِيجِهَا لِأَنَّ مَا بَيْنَ حَيْضِهَا إِذَا طُلِّقَتْ فِيهِ وَبَيْنَ طُهْرِهَا أَيَّامٌ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ فِي عِدَّتِهَا فَكَانَ أَكْثَرُ الْمُطَلِّقِينَ يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إِطَالَةَ مُدَّةِ الْعِدَّةِ لِيُوَسِّعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ زَمَنَ الِارْتِيَاءِ لِلْمُرَاجَعَةِ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ مِنْهُمْ .
وَفِعْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1طَلَّقْتُمُ ) مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى أَرَدْتُمُ الطَّلَاقَ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ وَارِدٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ .
وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ التَّطْلِيقِ بِدَلَالَةِ الْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُقَدِّرُ حُصُولَ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ مِنْ دُونِ أَنْ يُبَيِّنَ مَنْعَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=11698وَالطَّلَاقُ مُبَاحٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَاجِيًّا لِبَعْضِ الْأَزْوَاجِ فَإِنَّ الزَّوْجَيْنِ شَخْصَانِ اعْتَشَرَا اعْتِشَارًا حَدِيثًا فِي الْغَالِبِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا قَبْلَهُ صِلَةٌ مِنْ نَسَبٍ وَلَا جِوَارٍ وَلَا تَخَلُّقٍ بِخُلُقٍ مُتَقَارِبٍ أَوْ مُتَمَاثِلٍ فَيَكْثُرُ أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ تَخَالُفٌ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمُعَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ شَدِيدًا وَيَعْسُرُ تَذْلِيلُهُ ، فَيَمَلُّ أَحَدُهُمَا وَلَا يُوجَدُ سَبِيلٌ إِلَى
[ ص: 296 ] إِرَاحَتِهِمَا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا فَأَحَلَّهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ حَاجِيٌّ وَلَكِنَّهُ مَا أَحَلَّهُ إِلَّا لِدَفْعِ الضُّرِّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْإِذْنُ فِيهِ ذَرِيعَةً لِلنِّكَايَةِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ . أَوْ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِمَا ، أَوْ لِقَصْدِ تَبْدِيلِ الْمَذَاقِ . وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002674أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ .
وَتَعْلِيقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1طَلَّقْتُمُ ) بِإِذَا الشَّرْطِيَّةِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي عَلَاقَةِ الزَّوْجَيْنِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ وَجَزَمَ بِهِ
الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحِ سُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يَثْبُتْ تَطْلِيقُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ وَالْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ خَبَرَانِ ، أَوَّلَهُمَا مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16071سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَمَسْرُوقِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ بِسَنَدِهِمْ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002675أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا . وَفِي هَذَا السَّنَدِ ضَعْفٌ لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16071سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ ضَعِيفٌ نَسَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابْنُ مَعِينٍ إِلَى الْكَذِبِ وَضَعَّفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابْنُ الْمَدِينِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13357وَابْنُ عَدِيِّ . وَقَبِلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَاتِمِ . وَكَذَلِكَ
مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ يُضَعَّفُ أَيْضًا . وَبَقِيَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ لَا مُتَكَلَّمَ فِيهِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ صَحِيحًا لَكِنَّهُ غَرِيبٌ وَهُوَ لَا يُقْبَلُ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى رِوَايَتِهِ كَهَذَا . وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ فِي مَبْدَئِهِ وَمُنْتَهَاهُ لِانْفِرَادِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِرِوَايَتِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَانْفِرَادِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِرِوَايَتِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَعَ عَدَمِ إِخْرَاجِ أَهْلِ الصَّحِيحِ إِيَّاهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَفْصَةَ وَلَكِنْ كَانَتْ قَضِيَّةُ الْإِيلَاءِ بِسَبَبِ
حَفْصَةَ .
وَالْمَعْرُوفُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آلَى مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَ النَّاسُ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُ . قَالَ عُمَرُ : فَقَلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ ، قَالَ : لَا آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا . فَلَعَلَّ أَحَدَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَبَّرَ عَنِ الْإِيلَاءِ بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ وَعَنِ الْفَيْئَةِ بِلَفْظِ رَاجَعَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنَ مَاجَهْ يَضْعُفُ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْدِ .
وَثَانِيهُمَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12315الْجُونِيَّةِ أَسْمَاءَ أَوْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ شَرَاحِيلَ الْكِنْدِيَّةِ فِي الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002677أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ يَبْنِي بِهَا قَالَتْ لَهُ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ ، فَقَالَ : [ ص: 297 ] قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ أَلْحَقِي بِأَهْلِكِ وَأَمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=45أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ وَأَنْ يُلْحِقَهَا بِأَهْلِهَا ، وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ إِظْهَارَ شَرَفِهَا وَالتَّظَاهُرَ بِأَنَّهَا لَا تَرْغَبُ فِي الرِّجَالِ وَهُوَ خُلُقٌ شَائِعٌ فِي النِّسَاءِ .
وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا طَلَاقٌ وَأَنَّهُ كَانَ عَلَى سَبَبِ سُؤَالِهَا فَهُوَ مِثْلُ التَّخْيِيرِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ . فَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002678أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ . إِذْ يَكُونُ قَوْلُهُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالطَّلَاقِ الَّذِي يَأْتِيهِ الزَّوْجُ بِدَاعٍ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لِأَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهِيَةِ هِيَ مَا يُخَلِّفُهُ الطَّلَاقُ مِنْ بَغْضَاءِ الْمُطَلَّقَةِ مَنْ يُطَلِّقُهَا فَلَا يَصْدُرُ مِنَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتِدَاءً تَجَنُّبًا مِنْ أَنْ تَبْغَضَهُ الْمُطْلَقَةُ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَبَالًا عَلَيْهَا ، فَأَمَّا إِذَا سَأَلَتْهُ فَقَدِ انْتَفَتِ الذَّرِيعَةُ الَّتِي يَجِبُ سَدُّهَا .
وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لِعِدَّتِهِنَّ ) أَنَّهُنَّ النِّسَاءُ الْمَدْخُولُ بِهِنَّ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ لَا عِدَّةَ لَهُنَّ إِجْمَاعًا بِنَصِّ آيَةِ الْأَحْزَابِ .
وَهَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةٌ
لِمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْعِدَّةَ بِالْأَطْهَارَ لَا بِالْحَيْضِ فَإِنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَبْدَإِ الِاعْتِدَادِ فَلَوْ كَانَ مَبْدَأُ الِاعْتِدَادِ هُوَ الْحَيْضُ لَكَانَتِ الْآيَةُ أَمْرًا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِحَدِيثِ
عُمَرَ فِي قَضِيَّةِ طَلَاقِ ابْنِهِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَوْجَهُ وَهِيَ حَائِضٌ . وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ فَكَيْفَ يُخَالِفُ مُخَالِفٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12438مَعْنَى الْقَرْءِ خِلَافًا يُفْضِي إِلَى إِبْطَالِ حُكْمِ الْقَضِيَّةِ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ كَانَتِ الْعِدَّةُ مَشْرُوعَةً مِنْ قَبْلُ بِآيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآيَاتِ الْأَحْزَابِ فَلِذَلِكَ كَانَ نَوْطُ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِالْحَالِ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْعِدَّةُ إِحَالَةً عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ لَهُمْ .
وَحِكْمَةُ الْعِدَّةِ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا .