nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29051_32337أما من استغنى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فأنت له تصدى
تقدم الكلام على ( أما ) في سورة النازعات أنها بمعنى : مهما يكن شيء ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أما من استغنى تفسيره مهما يكن الذي استغنى فأنت له تصدى ، أي : مهما يكن شيء فالذي استغنى تتصدى له ، والمقصود : أنت تحرص على التصدي له ، فجعل مضمون الجواب وهو التصدي له معلقا على وجود من استغنى وملازما له ملازمة التعليق الشرطي على طريقة المبالغة .
والاستغناء : عد الشخص نفسه غنيا في أمر يدل عليه السياق : قول أو فعل أو علم ، فالسين والتاء للحسبان ، أي : حسب نفسه غنيا . وأكثر ما يستعمل الاستغناء في التكبر والاعتزاز بالقوة .
فالمراد بـ ( من استغنى ) هنا : من عد نفسه غنيا عن هديك بأن أعرض عن قبوله ; لأنه أجاب قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - له ( هل ترى بما أقول بأسا ، بقوله : لا والدماء . . . ) كناية على أنه لا بأس به يريد ولكني غير محتاج إليه .
وليس المراد بـ ( من استغنى ) من استغنى بالمال ؛ إذ ليس المقام في إيثار صاحب مال على فقير .
[ ص: 108 ] وهذا الذي تصدى النبيء - صلى الله عليه وسلم - لدعوته وعرض القرآن عليه هو - على أشهر الأقوال المروية عن سلف المفسرين -
الوليد بن المغيرة المخزومي كما تقدم .
والإتيان بضمير المخاطب مظهرا قبل المسند الفعلي دون استتاره في الفعل يجوز أن يكون للتقوي ، كأنه قيل : تتصدى له تصديا . فمناط العتاب هو التصدي القوي .
ويجوز أن يكون مفيدا للاختصاص ، أي : فأنت لا غيرك تتصدى له ، أي : ذلك التصدي لا يليق بك . وهذا قريب من قولهم : مثلك لا يبخل ، أي : لو تصدى له غيرك لكان هونا ، فأما أنت فلا يتصدى مثلك لمثله . فمناط العتاب هو أنه وقع من النبيء - صلى الله عليه وسلم - في جليل قدره .
وقرأ
نافع ،
وابن كثير ،
وأبو جعفر بفتح التاء وتشديد الصاد على إدغام إحدى التاءين في الصاد . والباقون بالفتح وتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين .
والتصدي : التعرض ، أطلق هنا على الإقبال الشديد مجازا .
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29051_32337أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فَأَنْتَ لَهُ تَصَّدَّى
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ( أَمَّا ) فِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ أَنَّهَا بِمَعْنَى : مَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى تَفْسِيرُهُ مَهْمَا يَكُنِ الَّذِي اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ، أَيْ : مَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ فَالَّذِي اسْتَغْنَى تَتَصَدَّى لَهُ ، وَالْمَقْصُودُ : أَنْتَ تَحْرِصُ عَلَى التَّصَدِّي لَهُ ، فَجُعِلَ مَضْمُونُ الْجَوَابِ وَهُوَ التَّصَدِّي لَهُ مُعَلَّقًا عَلَى وُجُودِ مَنِ اسْتَغْنَى وَمُلَازِمًا لَهُ مُلَازَمَةَ التَّعْلِيقِ الشَّرْطِيِّ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُبَالَغَةِ .
وَالِاسْتِغْنَاءُ : عَدُّ الشَّخْصِ نَفْسَهُ غَنِيًّا فِي أَمْرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ : قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ عِلْمٌ ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْحُسْبَانِ ، أَيْ : حَسِبَ نَفْسَهُ غَنِيًّا . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ الِاسْتِغْنَاءُ فِي التَّكَبُّرِ وَالِاعْتِزَازِ بِالْقُوَّةِ .
فَالْمُرَادُ بِـ ( مَنِ اسْتَغْنَى ) هُنَا : مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ غَنِيًّا عَنْ هَدْيِكَ بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِهِ ; لِأَنَّهُ أَجَابَ قَوْلَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ ( هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا ، بِقَوْلِهِ : لَا وَالدِّمَاءِ . . . ) كِنَايَةً عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ يُرِيدُ وَلَكِنِّي غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِـ ( مَنِ اسْتَغْنَى ) مَنِ اسْتَغْنَى بِالْمَالِ ؛ إِذْ لَيْسَ الْمَقَامُ فِي إِيثَارِ صَاحِبِ مَالٍ عَلَى فَقِيرٍ .
[ ص: 108 ] وَهَذَا الَّذِي تَصَدَّى النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدَعْوَتِهِ وَعَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ هُوَ - عَلَى أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ سَلَفِ الْمُفَسِّرِينَ -
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ مُظْهَرًا قَبْلَ الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ دُونَ اسْتِتَارِهِ فِي الْفِعْلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّقَوِّي ، كَأَنَّهُ قِيلَ : تَتَصَدَّى لَهُ تَصَدِّيًا . فَمَنَاطُ الْعِتَابِ هُوَ التَّصَدِّي الْقَوِيُّ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلِاخْتِصَاصِ ، أَيْ : فَأَنْتَ لَا غَيْرُكَ تَتَصَدَّى لَهُ ، أَيْ : ذَلِكَ التَّصَدِّي لَا يَلِيقُ بِكَ . وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : مِثْلُكَ لَا يَبْخَلُ ، أَيْ : لَوْ تَصَدَّى لَهُ غَيْرُكَ لَكَانَ هَوْنًا ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَا يَتَصَدَّى مِثْلُكَ لِمِثْلِهِ . فَمَنَاطُ الْعِتَابِ هُوَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَلِيلِ قَدْرِهِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ عَلَى إِدْغَامِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الصَّادِ . وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ .
وَالتَّصَدِّي : التَّعَرُّضُ ، أُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْإِقْبَالِ الشَّدِيدِ مَجَازًا .