ولسوف يعطيك ربك فترضى .
هو كذلك عطف على جملة القسم كلها وحرف الاستقبال لإفادة أن هذا العطاء الموعود به مستمر لا ينقطع كما تقدم في قوله تعالى : ( قال سوف أستغفر لكم ربي ) في سورة يوسف ، وقوله : ( ولسوف يرضى ) في سورة الليل .
وحذف المفعول الثاني لـ ( يعطيك ) ليعم كل ما يرجوه - صلى الله عليه وسلم - من خير لنفسه ولأمته ، فكان مفاد هذه الجملة تعميم العطاء كما أفادت الجملة قبلها تعميم الأزمنة .
وجيء بفاء التعقيب في ( فترضى ) لإفادة كون العطاء عاجل النفع بحيث يحصل به رضى المعطى عند العطاء فلا يترقب أن يحصل نفعه بعد تربص .
وتعريف ( ربك ) بالإضافة دون اسم الله العلم لما يؤذن به لفظ ( رب ) من الرأفة واللطف ، وللتوسل إلى إضافته إلى ضمير المخاطب ؛ لما في ذلك من الإشعار بعنايته برسوله وتشريفه بإضافة ( رب ) إلى ضميره .
وهو وعد واسع الشمول لما أعطيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - من النصر والظفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجا وما فتح على الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من أقطار الأرض شرقا وغربا .
واعلم أن اللام في ( وللآخرة خير ) وفي ( ولسوف يعطيك ) جزم صاحب الكشاف بأنه لام الابتداء وقدر مبتدأ محذوفا . والتقدير : ولأنت سوف يعطيك ربك . وقال : إن لام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التوكيد ، وحيث تعين أن اللام لام الابتداء ولام الابتداء لا تدخل إلا على جملة من مبتدأ وخبر تعين تقدير المبتدأ . واختار أن اللام في ( ابن الحاجب ولسوف يعطيك ربك ) لام التوكيد ( يعني : لام وجوب القسم ) . ووافقه ابن هشام في مغني اللبيب . وأشعر كلامه [ ص: 399 ] أن وجود حرف التنفيس مانع من لحاق نون التوكيد ولذلك تجب اللام في الجملة . وأقول : في كون وجود حرف التنفيس يوجب كون اللام لام جواب قسم محل نظر .