الجواب السادس : عن حديث - رضي الله عنهما - هو حمل لفظ الثلاث في الحديث على أن المراد بها البتة كما قدمنا في حديث ابن عباس ركانة ، وهو من رواية أيضا ، قال الحافظ ابن عباس ابن حجر في " فتح الباري " بعد أن ذكر هذا الجواب ما نصه : وهو قوي ويؤيده إدخال في هذا الباب ، الآثار التي فيها البتة ، والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث ، كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما ، وأن البخاري إلا إن أراد المطلق واحدة فيقبل ، فكأن بعض رواته حمل لفظ البتة على الثلاث ; لاشتهار التسوية بينهما ، فرواها بلفظ الثلاث . وإنما المراد لفظة البتة ، وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال أردت بالبتة واحدة ، فلما كان عهد البتة إذا أطلقت حمل على الثلاث عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم . اهـ من " فتح الباري " بلفظه ، وله وجه من النظر كما لا يخفى ، وما يذكره كل ممن قال بلزوم الثلاث دفعة ، ومن قال بعدم لزومها من الأمور النظرية ليصحح به كل مذهبه ، لم نطل به الكلام ; لأن الظاهر سقوط ذلك كله ، وأن هذه المسألة إن لم يمكن [ ص: 133 ] تحقيقها من جهة النقل فإنه لا يمكن من جهة العقل ، وقياس أنت طالق ثلاثا على أيمان اللعان في أنه لو حلفها بلفظ واحد لم تجز ، قياس مع وجود الفارق ; لأن من اقتصر على واحدة من الشهادات الأربع المذكورة في آية اللعان أجمع العلماء على أن ذلك كما لو لم يأت بشيء منها أصلا ، بخلاف الطلقات الثلاث فمن اقتصر على واحدة منها اعتبرت إجماعا ، وحصلت بها البينونة بانقضاء العدة إجماعا .