قوله تعالى : الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور [ 2 \ 257 ] ، صرح في هذه الآية الكريمة بأن الله ولي المؤمنين ، وصرح في آية أخرى بأنه وليهم ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليهم ، وأن بعضهم أولياء بعض ، وذلك في قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية [ 5 ] ، وقال : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض [ 9 \ 71 ] ، وصرح في موضع آخر بخصوص هذه الولاية للمسلمين دون الكافرين وهو قوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم [ 47 \ 11 ] ، وصرح في موضع آخر بأن ، وهو قوله تعالى : نبيه - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ 33 \ 6 ] ، وبين في آية " البقرة " هذه ، ثمرة ولايته تعالى للمؤمنين ، وهي إخراجه لهم من الظلمات إلى النور بقوله تعالى : الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور [ 2 \ 257 ] ، وبين في موضع آخر أن من ثمرة ولايته إذهاب الخوف والحزن عن أوليائه ، وبين أن ولايتهم له تعالى بإيمانهن وتقواهم ، وذلك في قوله تعالى : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون [ 10 \ 62 ، 63 ] ، وصرح في موضع آخر أنه تعالى ولي نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنه أيضا يتولى الصالحين ، وهو قوله تعالى : إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين [ 7 \ 196 ] .
قوله تعالى : يخرجهم من الظلمات إلى النور المراد بالظلمات الضلالة ، وبالنور الهدى ، وهذه الآية يفهم منها أن طرق الضلال متعددة ; لجمعه الظلمات وأن طريق الحق واحدة ; لإفراده النور ، وهذا المعنى المشار إليه هنا بينه تعالى في مواضع أخر كقوله : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله [ 6 \ 153 ] .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ، ما نصه : ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات ; لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة كما قال : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ، وقال تعالى : وجعل الظلمات والنور [ 6 ] ، وقال تعالى : عن اليمين وعن الشمال عزين [ 70 \ 37 ] ، إلى غير ذلك من الآيات التي في لفظها إشعار بتفرد [ ص: 159 ] الحق وانتشار الباطل وتعدده وتشعبه منه بلفظه .
قوله تعالى : والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت الآية ، قال بعض العلماء : الطاغوت الشيطان ويدل لهذا قوله تعالى : إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه [ 3 \ 175 ] ، أي يخوفكم من أوليائه . وقوله تعالى : الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا [ 4 ] ، وقوله : أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو الآية [ 18 \ 50 ] ، وقوله : إنهم اتخذوا الشياطين أولياء الآية [ 7 ] ، والتحقيق أن والحظ الأكبر من ذلك للشيطان ، كما قال تعالى : كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان الآية [ 36 \ 60 ] ، وقال : إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا [ 4 \ 117 ] ، وقال عن خليله إبراهيم : ياأبت لا تعبد الشيطان الآية [ 19 \ 44 ] ، وقال : وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [ 6 \ 121 ] . إلى غير ذلك من الآيات .