وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب . الضمير في قوله : ذريته راجع إلى قوله تعالى : إبراهيم .
والمعنى : أن الأنبياء والمرسلين الذين أنزلت عليهم الكتب بعد إبراهيم كلهم من ذرية إبراهيم ، وما ذكره هنا عن إبراهيم ذكر في سورة " الحديد " : أن نوحا مشترك معه فيه ، وذلك واضح لأن إبراهيم من ذرية نوح ، مع أن بعض الأنبياء من ذرية نوح دون إبراهيم ; وذلك في قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب الآية [ 57 \ 26 ] .
قوله تعالى : وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه آتى إبراهيم أجره ، أي : جزاء عمله في الدنيا ، وإنه في الآخرة أيضا من الصالحين .
وقال بعض أهل العلم : المراد بأجره في الدنيا : الثناء الحسن عليه في دار الدنيا من جميع أهل الملل على اختلافهم إلى كفار ومؤمنين ، والثناء الحسن المذكور هو لسان الصدق ، في قوله : واجعل لي لسان صدق في الآخرين [ 26 \ 84 ] ، وقوله تعالى : وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ 19 \ 50 ] ، وقوله : وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، لا يخفى أن ، وأنه في الآخرة يظهر بالجزاء الحسن ، وقد أثنى الله في هذه الآية الكريمة على نبيه الصلاح في الدنيا يظهر بالأعمال الحسنة ، وسائر الطاعات إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، وقد أثنى على إبراهيم أيضا في آيات أخر ; كقوله تعالى : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما [ 2 \ 124 ] ، وقوله تعالى : وإبراهيم الذي وفى [ 53 \ 37 ] ، وقوله تعالى : إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين [ 16 \ 120 - 122 ] .