الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون [ ص: 473 ] ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن الكفار استهزءوا برسل قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم - وأنهم حاق بهم العذاب بسبب ذلك ، ولم يفصل هنا كيفية استهزائهم ، ولا كيفية العذاب الذي أهلكوا به ، ولكنه فصل كثيرا من ذلك من مواضع متعددة ، في ذكر نوح وقومه ، وهود وقومه ، وصالح وقومه ، ولوط وقومه ، وشعيب وقومه ، إلى غير ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      فمن استهزائهم بنوح قولهم له : " بعد أن كنت نبيا صرت نجارا " ، وقد قال الله تعالى عن نوح : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون [ 11 \ 38 ] ، وذكر ما حاق بهم بقوله : فأخذهم الطوفان وهم ظالمون [ 49 \ 14 ] ، وأمثالها من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن استهزائهم بهود ما ذكره الله عنهم من قولهم : إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء [ 11 \ 54 ] ، وقوله عنهم أيضا : قالوا ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك الآية [ 11 \ 53 ] ، وذكر ما حاق بهم من العذاب في قوله : أرسلنا عليهم الريح العقيم الآية [ 51 \ 41 ] ، وأمثالها من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن استهزائهم بصالح قولهم فيما ذكر الله عنهم : ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين [ 7 \ 77 ] ، وقولهم : ياصالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا الآية [ 11 \ 62 ] ، وذكر ما حاق بهم بقوله : وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين [ 11 \ 94 ] ، ونحوها من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم : فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم الآية [ 27 \ 56 ] ، وقولهم له أيضا : لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين [ 26 \ 167 ] ، وذكر ما حاق بهم بقوله : فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل [ 15 \ 74 ] ، ونحوها من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن استهزائهم بشعيب قولهم فيما حكى الله عنهم : قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز [ 11 \ 91 ] ، وذكر ما حاق بهم بقوله : فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم [ 26 \ 189 ] ونحوها من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية