المسألة العاشرة : أظهر أقوال أهل العلم عندي أنه ، فهو مظاهر لحصول معنى تحريم الزوجة بذلك . وسواء كان عضو الأم يجوز له النظر إليه كرأسها ويدها أو لا يجوز له كفرجها وفخذها ، وهذا قول إن شبه أي عضو من امرأته بظهر أمه ، أو بأي عضو من أعضائها مالك ، ، وإحدى الروايتين عن والشافعي أحمد ، ورواية أخرى : أنه لا يكون مظاهرا حتى يشبه جملة امرأته ; لأنه لو حلف بالله لا يمس عضوا معينا منها لم يسر إلى غيره من أعضائها ، فكذلك المظاهرة ، ولأن هذا ليس بمنصوص عليه ، ولا هو في معنى المنصوص ، وعن أبي حنيفة : إن شبهها بما يحرم النظر إليه من الأم كالفخذ والفرج فهو ظهار ، وإن شبهها بما يجوز النظر إليه ، كاليد والرأس فليس بظهار ; لأن التشبيه بعضو يحل النظر إليه كالتشبيه بعضو زوجة له أخرى ، فلا يحصل به الظهار ، وإنما استظهرنا أنه ظهار مطلقا ; لأن معنى التحريم حاصل به ، فهو في معنى صريح الظهار ، فقولهم : ولا هو في معنى المنصوص ليس بمسلم ، بل هو في معناه ، وقياسه على حلفه بالله لا يمس عضوا [ ص: 199 ] معينا منها ظاهر السقوط ; لأن معنى التحريم يحصل ببعض ، والحلف عن بعض لا يسري إلى بعض آخر ، كما ترى . وقول أبي حنيفة : إن العضو الذي يحل النظر إليه لا يحصل الظهار بالتشبيه به غير مسلم أيضا ; لأنه وإن جاز النظر إليه فإن التلذذ به حرام ، والتلذذ هو المستفاد من عقد النكاح ، فالتشبيه به مستلزم للتحريم ، والظهار هو نفس التحريم بواسطة التشبيه بعضو الأم المحرم .
واعلم أن القول بأن الظهار يحصل بقوله : شعرك ، أو ريقك ، أو كلامك علي كظهر أمي ، له وجه قوي من النظر ; لأن الشعر من محاسن النساء التي يتلذذ بها الأزواج كما بيناه في سورة " الحج " ، وكذلك الريق فإن الزوج يمصه ويتلذذ به من امرأته ، وكذلك الكلام ، كما هو معروف . وأما لو قال لها : سعالك أو بصاقك ، أو نحو ذلك علي كظهر أمي ، فالظاهر أن ذلك ليس بشيء ; لأن السعال والبصاق وما يجري مجراهما ، كالدمع ليس مما يتمتع به عادة ، والعلم عند الله تعالى .