وبهذه القاعدة الأصولية التي ذكرنا تعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=32397حكم آية الحجاب عام ، وإن كان لفظها خاصا بأزواجه - صلى الله عليه وسلم - ; لأن قوله لامرأة واحدة من أزواجه أو من غيرهن كقوله لمائة امرأة ، كما رأيت إيضاحه قريبا .
ومن الأدلة القرآنية الدالة على الحجاب قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم [ 24 \ 60 ]
[ ص: 248 ] لأن الله جل وعلا بين في هذه الآية الكريمة أن القواعد أي العجائز اللاتي لا يرجون نكاحا ، أي : لا يطمعن في النكاح لكبر السن وعدم حاجة الرجال إليهن يرخص لهن برفع الجناح عنهن في وضع ثيابهن ، بشرط كونهن غير متبرجات بزينة ، ثم إنه جل وعلا مع هذا كله قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وأن يستعففن خير لهن ، أي : يستعففن عن وضع الثياب خير لهن ، أي : واستعفافهن عن وضع ثيابهن مع كبر سنهن وانقطاع طمعهن في التزويج ، وكونهن غير متبرجات بزينة خير لهن .
وأظهر الأقوال في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60أن يضعن ثيابهن ، أنه وضع ما يكون فوق الخمار والقميص من الجلابيب ، التي تكون فوق الخمار والثياب .
فقوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وأن يستعففن خير لهن ، دليل واضح على أن المرأة التي فيها جمال ولها طمع في النكاح ، لا يرخص لها في وضع شيء من ثيابها ولا الإخلال بشيء من التستر بحضرة الأجانب .
وإذا علمت بما ذكرنا أن حكم آية الحجاب عام ، وأن ما ذكرنا معها من الآيات فيه الدلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=1364احتجاب جميع بدن المرأة عن الرجال الأجانب ، علمت أن القرآن دل على الحجاب ، ولو فرضنا أن آية الحجاب خاصة بأزواجه - صلى الله عليه وسلم - ، فلا شك أنهن خير أسوة لنساء المسلمين في الآداب الكريمة المقتضية للطهارة التامة وعدم التدنس بأنجاس الريبة ، فمن يحاول منع نساء المسلمين كالدعاة للسفور والتبرج والاختلاط اليوم من الاقتداء بهن في هذا الأدب السماوي الكريم المتضمن سلامة العرض والطهارة من دنس الريبة غاش لأمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - مريض القلب كما ترى .
واعلم أنه مع دلالة القرآن على احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب ، قد دلت على ذلك أيضا أحاديث نبوية ، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009367 " إياكم والدخول على النساء " ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرأيت الحمو ؟ قال : " الحمو الموت " . أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في كتاب " النكاح " ، في باب : لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم إلخ .
ومسلم في كتاب " السلام " ، في باب تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=25018الخلوة بالأجنبية والدخول عليها ، فهذا الحديث الصحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتحذير الشديد من الدخول على النساء ، فهو دليل واضح على منع الدخول عليهن وسؤالهن متاعا إلا من وراء
[ ص: 249 ] حجاب ; لأن من سألها متاعا لا من وراء حجاب فقد دخل عليها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذره من الدخول عليها ، ولما سأله الأنصاري عن الحمو الذي هو قريب الزوج الذي ليس محرما لزوجته ، كأخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه ونحو ذلك قال له - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009368الحمو الموت " ، فسمى - صلى الله عليه وسلم - دخول قريب الرجل على امرأته وهو غير محرم لها باسم الموت ، ولا شك أن تلك العبارة هي أبلغ عبارات التحذير ; لأن الموت هو أفظع حادث يأتي على الإنسان في الدنيا ، كما قال الشاعر :
والموت أعظم حادث مما يمر على الجبله
والجبلة : الخلق ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=184واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين [ 26 \ 184 ] ، فتحذيره - صلى الله عليه وسلم - هذا التحذير البالغ من دخول الرجال على النساء ، وتعبيره عن دخول القريب على زوجة قريبه باسم الموت دليل صحيح نبوي على أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فاسألوهن من وراء حجاب عام في جميع النساء ، كما ترى . إذ لو كان حكمه خاصا بأزواجه - صلى الله عليه وسلم - لما حذر الرجال هذا التحذير البالغ العام من الدخول على النساء ، وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهن ولو لم تحصل الخلوة بينهما ، وهو كذلك ، فالدخول عليهن والخلوة بهن كلاهما محرم تحريما شديدا بانفراده ، كما قدمنا أن
مسلما رحمه الله أخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها ، فدل على أن كليهما حرام .
وقال
ابن حجر في " فتح الباري " في شرح الحديث المذكور : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009369إياكم والدخول " ، بالنصب على التحذير ، وهو تنبيه المخاطب على محذور ليتحرز عنه ; كما قيل : إياك والأسد ، وقوله : " إياكم " ، مفعول لفعل مضمر تقديره : اتقوا .
وتقدير الكلام : اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء ، والنساء أن يدخلن عليكم . ووقع في رواية
ابن وهب ، بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009370لا تدخلوا على النساء " ، وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى ، انتهى محل الغرض منه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله في " صحيحه " ، باب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12263أحمد بن شبيب : حدثنا أبي عن
يونس ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن
عروة عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن [ 24 \ 31 ] ، شققن مروطهن فاختمرن بها .
حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12398إبراهيم بن نافع ، عن
الحسن بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة :
[ ص: 250 ] أن
عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول : لما نزلت هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي ، فاختمرن بها ، انتهى من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وقال
ابن حجر في " الفتح " ، في شرح هذا الحديث : قوله : فاختمرن ، أي غطين وجوههن ، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر ، وهو التقنع . قال
الفراء : كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار . انتهى محل الغرض من " فتح الباري " .
وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمن أن
nindex.php?page=treesubj&link=1364معنى قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، يقتضي ستر وجوههن ، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن ، أي : سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن المقتضي ستر وجوههن ، وبهذا يتحقق المنصف أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى ، وقد أثنت
عائشة رضي الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه ، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن ، والله جل وعلا يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [ 16 \ 44 ] ، فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن . وقال
ابن حجر في " فتح الباري " :
nindex.php?page=showalam&ids=16328ولابن أبي حاتم من طريق
عبد الله بن عثمان بن خيثم ، عن
صفية ما يوضح ذلك ، ولفظه : ذكرنا عند
عائشة نساء
قريش وفضلهن ، فقالت : إن لنساء
قريش لفضلا ، ولكن والله ما رأيت أفضل من نساء
الأنصار أشد تصديقا بكتاب الله ، ولا إيمانا بالتنزيل ، ولقد أنزلت سورة " النور " :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رءوسهن الغربان ، انتهى محل الغرض من " فتح الباري " .
ومعنى معتجرات : مختمرات ، كما جاء موضحا في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري المذكورة آنفا ، فترى
عائشة - رضي الله عنها - مع علمها وفهمها وتقاها أثنت عليهن هذا الثناء العظيم ، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ، ولا إيمانا بالتنزيل ، وهو دليل واضح على أن فهمهن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن من تصديقهن بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله ، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان بتنزيله ، كما ترى .
[ ص: 251 ] فالعجب كل العجب ، ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب ، مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيمانا بتنزيله ، ومعنى هذا ثابت في الصحيح ، كما تقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين ، كما ترى .
وقال
ابن كثير رحمه الله في تفسيره : وقال
البزار أيضا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16710عمرو بن عاصم ، حدثنا
همام ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17167مورق ، عن
أبي الأحوص ، عن
عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009371إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها " ، ورواه
الترمذي عن
بندار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16710عمرو بن عاصم به نحوه ، اه منه .
وقد ذكر هذا الحديث صاحب " مجمع الزوائد " ، وقال : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الكبير " ، ورجاله موثقون ، وهذا الحديث يعتضد بجميع ما ذكرنا من الأدلة ، وما جاء فيه من كون المرأة عورة ، يدل على الحجاب للزوم ستر كل ما يصدق عليه اسم العورة .
ومما يؤيد ذلك : ما ذكر
الهيثمي أيضا في " مجمع الزوائد " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال :
nindex.php?page=treesubj&link=1364إنما النساء عورة ، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس فيستشرفها الشيطان ، فيقول : إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه ، وإن المرأة لتلبس ثيابها فقال : أين تريدين ؟ فتقول : أعود مريضا أو أشهد جنازة ، أو أصلي في مسجد ، وما عبدت امرأة ربها ، مثل أن تعبده في بيتها ، ثم قال : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الكبير " ، ورجاله ثقات ، اه منه . ومثله له حكم الرفع إذ لا مجال للرأي فيه .
ومن الأدلة الدالة على ذلك الأحاديث التي قدمناها ، الدالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1621_1615صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المساجد ، كما أوضحناه في سورة " النور " في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=36يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال الآية [ 24 \ 36 - 37 ] ، والأحاديث بمثل ذلك كثيرة جدا ، وفيما ذكرنا كفاية لمن يريد الحق .
فقد ذكرنا الآيات القرآنية الدالة على ذلك ، والأحاديث الصحيحة الدالة على الحجاب ، وبينا أن من أصرحها في ذلك آية " النور " ، مع تفسير الصحابة لها ، وهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن فقد أوضحنا غير بعيد تفسير الصحابة لها ، والنبي صلى الله عليه وسلم موجود بينهم ينزل عليه الوحي ، بأن المراد بها يدخل فيه ستر الوجه وتغطيته عن
[ ص: 252 ] الرجال ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=1364ستر المرأة وجهها عمل بالقرآن ، كما قالته
عائشة رضي الله عنها .
وإذا علمت أن هذا القدر من الأدلة على عموم الحجاب يكفي المنصف ، فسنذكر لك أجوبة أهل العلم ، عما استدل به الذين قالوا بجواز
nindex.php?page=treesubj&link=1364إبداء المرأة وجهها ويديها ، بحضرة الأجانب .
فمن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث
خالد بن دريك عن
عائشة رضي الله عنها : أن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009372يا أسماء ، إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا " وأشار إلى وجهه وكفيه ; وهذا الحديث يجاب عنه بأنه ضعيف من جهتين :
الأولى : هي كونه مرسلا ; لأن
خالد بن دريك لم يسمع من
عائشة ، كما قاله
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم الرازي كما قدمناه في سورة " النور " .
الجهة الثانية : أن في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير الأزدي مولاهم ، قال فيه في " التقريب " : ضعيف ، مع أنه مردود بما ذكرنا من الأدلة على عموم الحجاب ، ومع أنه لو قدر ثبوته قد يحمل على أنه كان قبل الأمر بالحجاب .
ومن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث
جابر الثابت في الصحيح ، قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ، ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على
بلال فأمر بتقوى الله ، وحث على طاعته ، ووعظ الناس ، وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء ، فوعظهن وذكرهن ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009373تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم " فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين ، فقالت : لم يا رسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة ، وتكفرن العشير " ، قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن ، اه . هذا لفظ
مسلم في " صحيحه " ، قالوا : وقول
جابر في هذا الحديث : سفعاء الخدين يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها ، إذ لو كانت محتجبة لما رأى خديها ، ولما علم بأنها سفعاء الخدين . وأجيب عن حديث
جابر هذا : بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها ، وأقرها على ذلك ، بل غاية ما يفيده الحديث أن
جابرا رأى وجهها ، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدا ، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد ، فيراه بعض الناس في تلك الحال ، كما قال
نابغة ذبيان :
[ ص: 253 ] سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
فعلى المحتج بحديث
جابر المذكور ، أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة ، وأقرها على ذلك ، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك . وقد روى القصة المذكورة غير
جابر ، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها ، وقد ذكر
مسلم في " صحيحه " ممن رواها غير
جابر nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وذكره غيره عن غيرهم . ولم يقل أحد ممن روى القصة غير
جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين ، وبذلك تعلم أنه لا دليل على السفور في حديث
جابر المذكور . وقد قال
النووي في شرح حديث
جابر هذا عند
مسلم ، وقوله : فقامت امرأة من سطة النساء ، هكذا هو في النسخ ( سطة ) بكسر السين ، وفتح الطاء المخففة . وفي بعض النسخ : واسطة النساء . قال القاضي : معناه : من خيارهن ، والوسط العدل والخيار ، قال : وزعم حذاق شيوخنا أن هذا الحرف مغير في كتاب
مسلم ، وأن صوابه من سفلة النساء ، وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مسنده ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في سننه . في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة : امرأة ليست من علية النساء ، وهذا ضد التفسير الأول ويعضده قوله بعده : سفعاء الخدين هذا كلام
القاضي ، وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول ، بل هي صحيحة ، وليس المراد بها من خيار النساء كما فسره به هو ، بل المراد : امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن . قال
الجوهري وغيره من أهل اللغة : يقال : وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة ، أي : توسطتهم ، اه منه . وهذا التفسير الأخير هو الصحيح ، فليس في حديث
جابر ثناء البتة على سفعاء الخدين المذكورة ، ويحتمل أن
جابرا ذكر سفعة خديها ليشير إلى أنها ليست ممن شأنها الافتتان بها ; لأن سفعة الخدين قبح في النساء . قال
النووي : سفعاء الخدين ، أي : فيها تغير وسواد . وقال
الجوهري في " صحاحه " : والسفعة في الوجه : سواد في خدي المرأة الشاحبة ، ويقال للحمامة سفعاء لما في عنقها من السفعة ، قال
حميد بن ثور :
من الورق سفعاء العلاطين باكرت فروع أشاء مطلع الشمس أسحما
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : السفعة في الخدين من المعاني المشهورة في كلام العرب : أنها سواد وتغير في الوجه ، من مرض أو مصيبة أو سفر شديد ، ومن ذلك قول
متمم بن نويرة التميمي يبكي أخاه
مالكا :
تقول ابنة العمري ما لك بعدما أراك خضيبا ناعم البال أروعا
[ ص: 254 ] فقلت لها طول الأسى إذ سألتني ولوعة وجد تترك الخد أسفعا
ومعلوم أن من السفعة ما هو طبيعي كما في الصقور ، فقد يكون في خدي الصقر سواد طبيعي ، ومنه قول
زهير بن أبي سلمى :
أهوى لها أسفع الخدين مطرق ريش القوادم لم تنصب له الشبك
والمقصود : أن السفعة في الخدين إشارة إلى قبح الوجه ، وبعض أهل العلم يقول : إن قبيحة الوجه التي لا يرغب فيها الرجال لقبحها ، لها حكم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا .
ومن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك ، حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي قدمناه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009374أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس رضي الله عنهما يوم النحر خلفه على عجز راحلته ، وكان الفضل رجلا وضيئا ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يفتيهم ، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطفق الفضل ينظر إليها ، وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم ، والفضل ينظر إليها ، فأخلف بيده ، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا . . . الحديث ، قالوا : فالإخبار عن الخثعمية بأنها وضيئة يفهم منه أنها كانت كاشفة عن وجهها .
وأجيب عن ذلك أيضا من وجهين :
الأول : الجواب بأنه ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه ، وأقرها على ذلك بل غاية ما في الحديث أنها كانت وضيئة ، وفي بعض روايات الحديث : أنها حسناء ، ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها ، وأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك ، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد ، فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها ، كما أوضحناه في رؤية
جابر سفعاء الخدين . ويحتمل أن يكون يعرف حسنها قبل ذلك الوقت لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها ، ومما يوضح هذا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي روي عنه هذا الحديث لم يكن حاضرا وقت نظر أخيه إلى المرأة ونظرها إليه ، لما قدمنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه بالليل من
مزدلفة إلى
منى في ضعفة أهله ، ومعلوم أنه إنما روى الحديث المذكور من طريق أخيه
الفضل ، وهو لم يقل له : إنها كانت كاشفة عن وجهها ،
[ ص: 255 ] واطلاع الفضل على أنها وضيئة حسناء لا يستلزم السفور قصدا لاحتمال أن يكون رأى وجهها ، وعرف حسنه من أجل انكشاف خمارها من غير قصد منها ، واحتمال أنه رآها قبل ذلك وعرف حسنها .
فإن قيل : قوله : إنها وضيئة ، وترتيبه على ذلك بالفاء قوله : فطفق الفضل ينظر إليها ، وقوله : وأعجبه حسنها ، فيه الدلالة الظاهرة على أنه كان يرى وجهها ، وينظر إليه لإعجابه بحسنه .
فالجواب : أن تلك القرائن لا تستلزم استلزاما ، لا ينفك أنها كانت كاشفة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كذلك ، وأقرها ؛ لما ذكرنا من أنواع الاحتمال ، مع أن جمال المرأة قد يعرف وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة ، وذلك لحسن قدها وقوامها ، وقد تعرف وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط ، كما هو معلوم . ولذلك فسر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [ 24 \ 31 ] ، بالملاءة فوق الثياب ، كما تقدم . ومما يوضح أن
الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر :
طافت أمامة بالركبان آونة يا حسنها من قوام ما ومنتقبا
فقد بالغ في حسن قوامها ، مع أن العادة كونه مستورا بالثياب لا منكشفا .
الوجه الثاني : أن المرأة محرمة وإحرام المرأة في وجهها وكفيها ، فعليها كشف وجهها إن لم يكن هناك رجال أجانب ينظرون إليه ، وعليها ستره من الرجال في الإحرام ، كما هو معروف عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن ، ولم يقل أحد إن هذه المرأة الخثعمية نظر إليها أحد غير
nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس رضي الله عنهما ،
والفضل منعه النبي صلى الله عليه وسلم من النظر إليها ، وبذلك يعلم أنها محرمة لم ينظر إليها أحد فكشفها عن وجهها إذا لإحرامها لا لجواز السفور .
فإن قيل : كونها مع الحجاج مظنة أن ينظر الرجال وجهها إن كانت سافرة ; لأن الغالب أن المرأة السافرة وسط الحجيج ، لا تخلو ممن ينظر إلى وجهها من الرجال .
فالجواب : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28811_19346الغالب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الورع وعدم النظر إلى النساء ، فلا مانع عقلا ولا شرعا ولا عادة ، من كونها لم ينظر إليها أحد منهم ، ولو نظر إليها لحكي كما حكي نظر
الفضل إليها ، ويفهم من صرف النبي صلى الله عليه وسلم بصر
الفضل عنها ، أنه لا سبيل إلى ترك
[ ص: 256 ] الأجانب ينظرون إلى الشابة ، وهي سافرة كما ترى ، وقد دلت الأدلة المتقدمة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم .
وبالجملة ، فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب ، مع أن الوجه هو أصل الجمال ، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداع إلى الفتنة ، والوقوع فيما لا ينبغي ، ألم تسمع بعضهم يقول :
قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وبناتك وأخواتك ، ولقد صدق من قال :
وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32397حُكْمَ آيَةِ الْحِجَابِ عَامٌّ ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا خَاصًّا بِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّ قَوْلَهُ لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَقَوْلِهِ لِمِائَةِ امْرَأَةٍ ، كَمَا رَأَيْتَ إِيضَاحَهُ قَرِيبًا .
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحِجَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ 24 \ 60 ]
[ ص: 248 ] لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْقَوَاعِدَ أَيِ الْعَجَائِزَ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا ، أَيْ : لَا يَطْمَعْنَ فِي النِّكَاحِ لِكِبَرِ السِّنِّ وَعَدَمِ حَاجَةِ الرِّجَالِ إِلَيْهِنَّ يُرَخَّصُ لَهُنَّ بِرَفْعِ الْجَنَاحِ عَنْهُنَّ فِي وَضْعِ ثِيَابِهِنَّ ، بِشَرْطِ كَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ، ثُمَّ إِنَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَعَ هَذَا كُلِّهِ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ، أَيْ : يَسْتَعْفِفْنَ عَنْ وَضْعِ الثِّيَابِ خَيْرٌ لَهُنَّ ، أَيْ : وَاسْتِعْفَافُهُنَّ عَنْ وَضْعِ ثِيَابِهِنَّ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِنَّ وَانْقِطَاعِ طَمَعِهِنَّ فِي التَّزْوِيجِ ، وَكَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ خَيْرٌ لَهُنَّ .
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ، أَنَّهُ وَضْعُ مَا يَكُونُ فَوْقَ الْخِمَارِ وَالْقَمِيصِ مِنَ الْجَلَابِيبِ ، الَّتِي تَكُونُ فَوْقَ الْخِمَارِ وَالثِّيَابِ .
فَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي فِيهَا جَمَالٌ وَلَهَا طَمَعٌ فِي النِّكَاحِ ، لَا يُرَخَّصُ لَهَا فِي وَضْعِ شَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهَا وَلَا الْإِخْلَالِ بِشَيْءٍ مِنَ التَّسَتُّرِ بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ .
وَإِذَا عَلِمْتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ حُكْمَ آيَةِ الْحِجَابِ عَامٌّ ، وَأَنَّ مَا ذَكَرْنَا مَعَهَا مِنَ الْآيَاتِ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=1364احْتِجَابِ جَمِيعِ بَدَنِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ، عَلِمْتَ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى الْحِجَابِ ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ آيَةَ الْحِجَابِ خَاصَّةٌ بِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُنَّ خَيْرُ أُسْوَةٍ لِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْآدَابِ الْكَرِيمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلطَّهَارَةِ التَّامَّةِ وَعَدَمِ التَّدَنُّسِ بِأَنْجَاسِ الرِّيبَةِ ، فَمَنْ يُحَاوِلُ مَنْعَ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ كَالدُّعَاةِ لِلسُّفُورِ وَالتَّبَرُّجِ وَالِاخْتِلَاطِ الْيَوْمَ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِهِنَّ فِي هَذَا الْأَدَبِ السَّمَاوِيِّ الْكَرِيمِ الْمُتَضَمِّنِ سَلَامَةَ الْعَرْضِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ دَنَسِ الرِّيبَةِ غَاشٌّ لِأُمَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرِيضُ الْقَلْبِ كَمَا تَرَى .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَعَ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى احْتِجَابِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ، قَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَحَادِيثُ نَبَوِيَّةٌ ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِيهِمَا وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009367 " إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ " ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : " الْحَمْوُ الْمَوْتُ " . أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ " النِّكَاحِ " ، فِي بَابِ : لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ إِلَخْ .
وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ " السَّلَامِ " ، فِي بَابِ تَحْرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=25018الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا ، فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ صَرَّحَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّحْذِيرِ الشَّدِيدِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ ، فَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَنْعِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ وَسُؤَالِهِنَّ مَتَاعًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ
[ ص: 249 ] حِجَابٍ ; لِأَنَّ مَنْ سَأَلَهَا مَتَاعًا لَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَذَّرَهُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا ، وَلَمَّا سَأَلَهُ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ الْحَمْوِ الَّذِي هُوَ قَرِيبُ الزَّوْجِ الَّذِي لَيْسَ مَحْرَمًا لِزَوْجَتِهِ ، كَأَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ وَعَمِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009368الْحَمْوُ الْمَوْتُ " ، فَسَمَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُخُولَ قَرِيبِ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْرَمٍ لَهَا بِاسْمِ الْمَوْتِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ هِيَ أَبْلَغُ عِبَارَاتِ التَّحْذِيرِ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ هُوَ أَفْظَعُ حَادِثٍ يَأْتِي عَلَى الْإِنْسَانِ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَالْمَوْتُ أَعْظَمُ حَادِثٍ مِمَّا يَمُرُّ عَلَى الْجِبِلَّهْ
وَالْجِبِلَّةُ : الْخَلْقُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=184وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ [ 26 \ 184 ] ، فَتَحْذِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا التَّحْذِيرَ الْبَالِغَ مِنْ دُخُولِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ ، وَتَعْبِيرُهُ عَنْ دُخُولِ الْقَرِيبِ عَلَى زَوْجَةِ قَرِيبِهِ بِاسْمِ الْمَوْتِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ نَبَوِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ ، كَمَا تَرَى . إِذْ لَوْ كَانَ حُكْمُهُ خَاصًّا بِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَذَّرَ الرِّجَالَ هَذَا التَّحْذِيرَ الْبَالِغَ الْعَامَّ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّحْذِيرُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلِ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَالدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ وَالْخَلْوَةُ بِهِنَّ كِلَاهُمَا مُحَرَّمٌ تَحْرِيمًا شَدِيدًا بِانْفِرَادِهِ ، كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّ
مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كِلَيْهِمَا حَرَامٌ .
وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009369إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ " ، بِالنَّصْبِ عَلَى التَّحْذِيرِ ، وَهُوَ تَنْبِيهُ الْمُخَاطَبِ عَلَى مَحْذُورٍ لِيَتَحَرَّزَ عَنْهُ ; كَمَا قِيلَ : إِيَّاكَ وَالْأَسَدَ ، وَقَوْلُهُ : " إِيَّاكُمْ " ، مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ : اتَّقُوا .
وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ : اتَّقُوا أَنْفُسَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاءِ ، وَالنِّسَاءُ أَنْ يَدْخُلْنَ عَلَيْكُمْ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ وَهْبٍ ، بِلَفْظِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009370لَا تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاءِ " ، وَتَضَمَّنَ مَنْعُ الدُّخُولِ مَنْعَ الْخَلْوَةِ بِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي " صَحِيحِهِ " ، بَابُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12263أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ : حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ
يُونُسَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [ 24 \ 31 ] ، شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا .
حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12398إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10941صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ :
[ ص: 250 ] أَنَّ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَقُولُ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ، أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ فَشَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي ، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ، انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ . وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْفَتْحِ " ، فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ : قَوْلُهُ : فَاخْتَمَرْنَ ، أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ ، وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ تَضَعَ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَرْمِيهِ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْعَاتِقِ الْأَيْسَرِ ، وَهُوَ التَّقَنُّعُ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُسْدِلُ الْمَرْأَةُ خِمَارَهَا مِنْ وَرَائِهَا وَتَكْشِفُ مَا قُدَّامَهَا فَأُمِرْنَ بِالِاسْتِتَارِ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ " فَتْحِ الْبَارِي " .
وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النِّسَاءَ الصَّحَابِيَّاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ فَهِمْنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1364مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ، يَقْتَضِي سِتْرَ وُجُوهِهِنَّ ، وَأَنَّهُنَّ شَقَقْنَ أُزُرَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ ، أَيْ : سَتَرْنَ وُجُوهَهُنَّ بِهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ الْمُقْتَضِي سِتْرَ وُجُوهِهِنَّ ، وَبِهَذَا يَتَحَقَّقُ الْمُنْصِفُ أَنَّ احْتِجَابَ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ وَسِتْرَهَا وَجْهَهَا عَنْهُمْ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ أَثْنَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى تِلْكَ النِّسَاءِ بِمُسَارَعَتِهِنَّ لِامْتِثَالِ أَوَامِرِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُنَّ مَا فَهِمْنَ سَتْرَ الْوُجُوهِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ، إِلَّا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَهُنَّ يَسْأَلْنَهُ عَنْ كُلِّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِنَّ فِي دِينِهِنَّ ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [ 16 \ 44 ] ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرْنَهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِنَّ . وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " :
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ ، عَنْ
صَفِيَّةَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ ، وَلَفْظُهُ : ذَكَرْنَا عِنْدَ
عَائِشَةَ نِسَاءَ
قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ ، فَقَالَتْ : إِنَّ لِنِسَاءِ
قُرَيْشٍ لَفَضْلًا ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ نِسَاءِ
الْأَنْصَارِ أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ ، وَلَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ " النُّورِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ، فَانْقَلَبَ رِجَالُهُنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أُنْزِلَ فِيهَا ، مَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا قَامَتْ إِلَى مِرْطِهَا فَأَصْبَحْنَ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مُعْتَجِرَاتٍ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ " فَتْحِ الْبَارِي " .
وَمَعْنَى مُعْتَجَرَاتٍ : مُخْتَمِرَاتٍ ، كَمَا جَاءَ مُوَضَّحًا فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا ، فَتَرَى
عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَعَ عِلْمِهَا وَفَهْمِهَا وَتُقَاهَا أَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ هَذَا الثَّنَاءَ الْعَظِيمَ ، وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهَا مَا رَأَتْ أَشَدَّ مِنْهُنَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ فَهْمَهُنَّ لُزُومَ سَتْرِ الْوُجُوهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ مِنْ تَصْدِيقِهِنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَإِيمَانِهِنَّ بِتَنْزِيلِهِ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ احْتِجَابَ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ وَسِتْرَهُنَّ وُجُوهَهُنَّ تَصْدِيقٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَإِيمَانٌ بِتَنْزِيلِهِ ، كَمَا تَرَى .
[ ص: 251 ] فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ ، مِمَّنْ يَدَّعِي مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى سَتْرِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَنِ الْأَجَانِبِ ، مَعَ أَنَّ الصَّحَابِيَّاتِ فَعَلْنَ ذَلِكَ مُمْتَثِلَاتٍ أَمْرَ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ إِيمَانًا بِتَنْزِيلِهِ ، وَمَعْنَى هَذَا ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ . وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ وَأَصْرَحِهَا فِي لُزُومِ الْحِجَابِ لِجَمِيعِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا تَرَى .
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ : وَقَالَ
الْبَزَّارُ أَيْضًا : حَدَّثْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16710عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، حَدَّثْنَا
هَمَّامٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17167مُوَرِّقٍ ، عَنْ
أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009371إِنِ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ بِرَوْحَةِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا " ، وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
بُنْدَارٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16710عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ بِهِ نَحْوَهُ ، اه مِنْهُ .
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ صَاحِبُ " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " ، وَقَالَ : رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْكَبِيرِ " ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَعْتَضِدُ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ ، وَمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ ، يَدُلُّ عَلَى الْحِجَابِ لِلُزُومِ سَتْرِ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَوْرَةِ .
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ : مَا ذَكَرَ
الْهَيْثَمِيُّ أَيْضًا فِي " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=1364إِنَّمَا النِّسَاءُ عَوْرَةٌ ، وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا وَمَا بِهَا مِنْ بَأْسٍ فَيَسْتَشْرِفُهَا الشَّيْطَانُ ، فَيَقُولُ : إِنَّكِ لَا تَمُرِّينَ بِأَحَدٍ إِلَّا أَعْجَبْتِيهِ ، وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَلْبَسُ ثِيَابَهَا فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدِينَ ؟ فَتَقُولُ : أَعُودُ مَرِيضًا أَوْ أَشْهَدُ جِنَازَةً ، أَوْ أُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ ، وَمَا عَبَدَتِ امْرَأَةٌ رَبَّهَا ، مِثْلَ أَنْ تَعْبُدَهُ فِي بَيْتِهَا ، ثُمَّ قَالَ : رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْكَبِيرِ " ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، اه مِنْهُ . وَمِثْلُهُ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ .
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا ، الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1621_1615صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا خَيْرٌ لَهَا مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي سُورَةِ " النُّورِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=36يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ الْآيَةَ [ 24 \ 36 - 37 ] ، وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ يُرِيدُ الْحَقَّ .
فَقَدْ ذَكَرْنَا الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ ، وَالْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْحِجَابِ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ مِنْ أَصْرَحِهَا فِي ذَلِكَ آيَةَ " النُّورِ " ، مَعَ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ لَهَا ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ فَقَدْ أَوْضَحْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ تَفْسِيرَ الصَّحَابَةِ لَهَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْجُودٌ بَيْنَهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا يَدْخُلُ فِيهِ سَتْرُ الْوَجْهِ وَتَغْطِيَتُهُ عَنِ
[ ص: 252 ] الرِّجَالِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1364سَتْرَ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَمَلٌ بِالْقُرْآنِ ، كَمَا قَالَتْهُ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عُمُومِ الْحِجَابِ يَكْفِي الْمُنْصِفَ ، فَسَنَذْكُرُ لَكَ أَجْوِبَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=1364إِبْدَاءِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا ، بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ .
فَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ
خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ، وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009372يَا أَسْمَاءُ ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْحَيْضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا " وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ ; وَهَذَا الْحَدِيثُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَتَيْنِ :
الْأُولَى : هِيَ كَوْنُهُ مُرْسَلًا ; لِأَنَّ
خَالِدَ بْنَ دُرَيْكٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ
عَائِشَةَ ، كَمَا قَالَهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11970وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي سُورَةِ " النُّورِ " .
الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15991سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ ، قَالَ فِيهِ فِي " التَّقْرِيبِ " : ضَعِيفٌ ، مَعَ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عُمُومِ الْحِجَابِ ، وَمَعَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ ثُبُوتُهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْحِجَابِ .
وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ
جَابِرٍ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ ، قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ ، وَلَا إِقَامَةٍ ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى
بِلَالٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَوَعَظَ النَّاسَ ، وَذَكَّرَهُمْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009373تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ " فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ ، فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ " ، قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ ، اه . هَذَا لَفَظُ
مُسْلِمٍ فِي " صَحِيحِهِ " ، قَالُوا : وَقَوْلُ
جَابِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا ، إِذْ لَوْ كَانَتْ مُحْتَجِبَةً لَمَا رَأَى خَدَّيْهَا ، وَلَمَا عَلِمَ بِأَنَّهَا سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ . وَأُجِيبُ عَنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ هَذَا : بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهَا كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا ، وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ أَنَّ
جَابِرًا رَأَى وَجْهَهَا ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ كَشْفَهَا عَنْهُ قَصْدًا ، وَكَمْ مِنِ امْرَأَةٍ يَسْقُطُ خِمَارُهَا عَنْ وَجْهِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، فَيَرَاهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْحَالِ ، كَمَا قَالَ
نَابِغَةُ ذُبْيَانَ :
[ ص: 253 ] سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ
فَعَلَى الْمُحْتَجِّ بِحَدِيثِ
جَابِرٍ الْمَذْكُورِ ، أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهَا سَافِرَةً ، وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى إِثْبَاتِ ذَلِكَ . وَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ غَيْرُ
جَابِرٍ ، فَلَمْ يَذْكُرْ كَشْفَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ وَجْهِهَا ، وَقَدْ ذَكَرَ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " مِمَّنْ رَوَاهَا غَيْرَ
جَابِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنَ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنَ عُمَرَ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِمْ . وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى الْقِصَّةَ غَيْرَ
جَابِرٍ أَنَّهُ رَأَى خَدَّيْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ السَّفْعَاءِ الْخَدَّيْنِ ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى السُّفُورِ فِي حَدِيثِ
جَابِرٍ الْمَذْكُورِ . وَقَدْ قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ
جَابِرٍ هَذَا عِنْدَ
مُسْلِمٍ ، وَقَوْلُهُ : فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ ، هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( سِطَةٌ ) بِكَسْرِ السِّينِ ، وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ . وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَاسِطَةِ النِّسَاءِ . قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ : مِنْ خِيَارِهِنَّ ، وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ وَالْخِيَارُ ، قَالَ : وَزَعَمَ حُذَّاقُ شُيُوخِنَا أَنَّ هَذَا الْحَرْفَ مُغَيَّرٌ فِي كِتَابِ
مُسْلِمٍ ، وَأَنَّ صَوَابَهُ مِنْ سِفْلَةِ النِّسَاءِ ، وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مَسْنَدِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ . فِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12508لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ : امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ ، وَهَذَا ضِدُّ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ : سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ هَذَا كَلَامُ
الْقَاضِي ، وَهَذَا الَّذِي ادَّعَوْهُ مِنْ تَغْيِيرِ الْكَلِمَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مِنْ خِيَارِ النِّسَاءِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ هُوَ ، بَلِ الْمُرَادُ : امْرَأَةٌ مِنْ وَسَطِ النِّسَاءِ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِهِنَّ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ : يُقَالُ : وَسَطْتُ الْقَوْمَ أَسِطُهُمْ وَسْطًا وَسِطَةً ، أَيْ : تَوَسَّطْتُهُمْ ، اه مِنْهُ . وَهَذَا التَّفْسِيرُ الْأَخِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ ، فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ
جَابِرٍ ثَنَاءٌ الْبَتَّةَ عَلَى سَفْعَاءِ الْخَدَّيْنِ الْمَذْكُورَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ
جَابِرًا ذَكَرَ سَفْعَةَ خَدَّيْهَا لِيُشِيرَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ شَأْنُهَا الِافْتِتَانُ بِهَا ; لِأَنَّ سَفْعَةَ الْخَدَّيْنِ قُبْحٌ فِي النِّسَاءِ . قَالَ
النَّوَوِيُّ : سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ ، أَيْ : فِيهَا تَغَيُّرٌ وَسَوَادٌ . وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ فِي " صِحَاحِهِ " : وَالسَّفْعَةُ فِي الْوَجْهِ : سَوَادٌ فِي خَدَّيِ الْمَرْأَةِ الشَّاحِبَةِ ، وَيُقَالُ لِلْحَمَامَةِ سَفْعَاءُ لِمَا فِي عُنُقِهَا مِنَ السَّفْعَةِ ، قَالَ
حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ :
مِنَ الْوُرْقِ سَفْعَاءُ الْعِلَاطَيْنِ بَاكَرَتْ فُرُوعَ أَشَاءٍ مَطْلَعَ الشَّمْسِ أَسْحَمَا
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ : السَّفْعَةُ فِي الْخَدَّيْنِ مِنَ الْمَعَانِي الْمَشْهُورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : أَنَّهَا سَوَادٌ وَتَغَيُّرٌ فِي الْوَجْهِ ، مِنْ مَرَضٍ أَوْ مُصِيبَةٍ أَوْ سَفَرٍ شَدِيدٍ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيِّ يَبْكِي أَخَاهُ
مَالِكًا :
تَقُولُ ابْنَةُ الْعُمَرِيِّ مَا لَكَ بَعْدَمَا أَرَاكَ خَضِيبًا نَاعِمَ الْبَالِ أَرْوَعَا
[ ص: 254 ] فَقُلْتُ لَهَا طُولُ الْأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي وَلَوْعَةُ وَجْدٍ تَتْرُكُ الْخَدَّ أَسْفَعَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنَ السَّفْعَةِ مَا هُوَ طَبِيعِيٌّ كَمَا فِي الصُّقُورِ ، فَقَدْ يَكُونُ فِي خَدَّيِ الصَّقْرِ سَوَادٌ طَبِيعِيٌّ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى :
أَهْوَى لَهَا أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ مُطَّرِقُ رِيشَ الْقَوَادِمِ لَمْ تُنْصَبْ لَهُ الشَّبَكُ
وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ السَّفْعَةَ فِي الْخَدَّيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى قُبْحِ الْوَجْهِ ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : إِنَّ قَبِيحَةَ الْوَجْهِ الَّتِي لَا يَرْغَبُ فِيهَا الرِّجَالُ لِقُبْحِهَا ، لَهَا حُكْمُ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا .
وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى ذَلِكَ ، حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009374أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=69الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْتِيهِمْ ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ ، فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا . . . الْحَدِيثَ ، قَالُوا : فَالْإِخْبَارُ عَنِ الْخَثْعَمِيَّةِ بِأَنَّهَا وَضِيئَةٌ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا .
وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهَا كَاشِفَةً عَنْهُ ، وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ بَلْ غَايَةُ مَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ وَضِيئَةً ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ : أَنَّهَا حَسْنَاءُ ، وَمَعْرِفَةُ كَوْنِهَا وَضِيئَةً أَوْ حَسْنَاءَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ قَدْ يَنْكَشِفُ عَنْهَا خِمَارُهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، فَيَرَاهَا بَعْضُ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ كَشْفِهَا عَنْ وَجْهِهَا ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي رُؤْيَةِ
جَابِرٍ سَفْعَاءَ الْخَدَّيْنِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ حُسْنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَعَرَفَهَا ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْتَ نَظَرِ أَخِيهِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَنَظَرِهَا إِلَيْهِ ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَهُ بِاللَّيْلِ مِنْ
مُزْدَلِفَةَ إِلَى
مِنًى فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنْ طَرِيقِ أَخِيهِ
الْفَضْلِ ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ لَهُ : إِنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا ،
[ ص: 255 ] وَاطِّلَاعُ الْفَضْلِ عَلَى أَنَّهَا وَضِيئَةٌ حَسْنَاءُ لَا يَسْتَلْزِمُ السُّفُورَ قَصْدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَأَى وَجْهَهَا ، وَعَرَفَ حُسْنَهُ مِنْ أَجْلِ انْكِشَافِ خِمَارِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهَا ، وَاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَعَرَفَ حُسْنَهَا .
فَإِنْ قِيلَ : قَوْلُهُ : إِنَّهَا وَضِيئَةٌ ، وَتَرْتِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْفَاءِ قَوْلَهُ : فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، وَقَوْلَهُ : وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا ، فِيهِ الدَّلَالَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى وَجْهَهَا ، وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ لِإِعْجَابِهِ بِحُسْنِهِ .
فَالْجَوَابُ : أَنَّ تِلْكَ الْقَرَائِنَ لَا تَسْتَلْزِمُ اسْتِلْزَامًا ، لَا يَنْفَكُّ أَنَّهَا كَانَتْ كَاشِفَةً ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهَا كَذَلِكَ ، وَأَقَرَّهَا ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنْوَاعِ الِاحْتِمَالِ ، مَعَ أَنَّ جَمَالَ الْمَرْأَةِ قَدْ يُعْرَفُ وَيُنْظَرُ إِلَيْهَا لِجَمَالِهَا وَهِيَ مُخْتَمِرَةٌ ، وَذَلِكَ لِحُسْنِ قَدِّهَا وَقَوَامِهَا ، وَقَدْ تُعْرَفُ وَضَاءَتُهَا وَحُسْنُهَا مِنْ رُؤْيَةِ بَنَانِهَا فَقَطْ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ . وَلِذَلِكَ فَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ 24 \ 31 ] ، بِالْمُلَاءَةِ فَوْقَ الثِّيَابِ ، كَمَا تَقَدَّمَ . وَمِمَّا يُوَضِّحُ أَنَّ
الْحُسْنَ يُعْرَفُ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
طَافَتْ أُمَامَةُ بِالرُّكْبَانِ آوِنَةً يَا حُسْنَهَا مِنْ قَوَامٍ مَا وَمُنْتَقِبَا
فَقَدْ بَالَغَ فِي حُسْنِ قَوَامِهَا ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ كَوْنُهُ مَسْتُورًا بِالثِّيَابِ لَا مُنْكَشِفًا .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ الْمَرْأَةَ مُحْرِمَةٌ وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا ، فَعَلَيْهَا كَشْفُ وَجْهِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِجَالٌ أَجَانِبُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَعَلَيْهَا سَتْرَهُ مِنَ الرِّجَالِ فِي الْإِحْرَامِ ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِنَّ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الْخَثْعَمِيَّةَ نَظَرَ إِلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=69الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
وَالْفَضْلُ مَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهَا مُحْرِمَةٌ لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا أَحَدٌ فَكَشْفُهَا عَنْ وَجْهِهَا إذًا لِإِحْرَامِهَا لَا لِجَوَازِ السُّفُورِ .
فَإِنْ قِيلَ : كَوْنُهَا مَعَ الْحُجَّاجِ مَظِنَّةُ أَنْ يَنْظُرَ الرِّجَالُ وَجْهَهَا إِنْ كَانَتْ سَافِرَةً ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ السَّافِرَةَ وَسَطَ الْحَجِيجِ ، لَا تَخْلُو مِمَّنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهَا مِنَ الرِّجَالِ .
فَالْجَوَابُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28811_19346الْغَالِبَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَرَعُ وَعَدَمُ النَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ ، فَلَا مَانِعَ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا وَلَا عَادَةً ، مِنْ كَوْنِهَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَلَوْ نَظَرَ إِلَيْهَا لَحُكِيَ كَمَا حُكِيَ نَظَرُ
الْفَضْلِ إِلَيْهَا ، وَيُفْهَمُ مَنْ صَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَ
الْفَضْلِ عَنْهَا ، أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى تَرْكِ
[ ص: 256 ] الْأَجَانِبِ يَنْظُرُونَ إِلَى الشَّابَّةِ ، وَهِيَ سَافِرَةٌ كَمَا تَرَى ، وَقَدْ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى أَنَّهَا يَلْزَمُهَا حَجْبُ جَمِيعِ بَدَنِهَا عَنْهُمْ .
وَبِالْجُمْلَةِ ، فَإِنَّ الْمُنْصِفَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَأْذَنَ الشَّارِعُ لِلنِّسَاءِ فِي الْكَشْفِ عَنِ الْوَجْهِ أَمَامَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ، مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ هُوَ أَصْلُ الْجَمَالِ ، وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الشَّابَّةِ الْجَمِيلَةِ هُوَ أَعْظَمُ مُثِيرٍ لِلْغَرِيزَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَدَاعٍ إِلَى الْفِتْنَةِ ، وَالْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي ، أَلَمْ تَسْمَعْ بَعْضَهُمْ يَقُولُ :
قُلْتُ اسْمَحُوا لِي أَنْ أَفُوزَ بِنَظْرَةٍ وَدَعُوا الْقِيَامَةَ بَعْدَ ذَاكَ تَقُومُ
أَتَرْضَى أَيُّهَا الْإِنْسَانُ أَنْ تَسْمَحَ لَهُ بِهَذِهِ النَّظْرَةِ إِلَى نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ وَأَخَوَاتِكَ ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ :
وَمَا عَجَبٌ أَنَّ النِّسَاءَ تَرَجَّلَتْ وَلَكِنَّ تَأْنِيثَ الرِّجَالِ عُجَابُ