[ ص: 376 ] قوله تعالى : هو الذي يريكم آياته . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه جل وعلا هو الذي يري خلقه آياته ، أي : الكونية القدرية ; ليجعلها علامات لهم على ربوبيته ، واستحقاقه العبادة وحده ، ومن تلك الآيات الليل والنهار والشمس والقمر ; كما قال تعالى : ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر الآية [ 41 \ 37 ] .
ومنها السماوات والأرضون ، وما فيهما والنجوم ، والرياح والسحاب ، والبحار والأنهار ، والعيون والجبال والأشجار وآثار قوم هلكوا ، كما قال تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار إلى قوله لآيات لقوم يعقلون [ 2 \ 164 ] . وقال تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب . وقال تعالى : إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون [ 45 \ 3 - 5 ] ، وقال تعالى إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون [ 10 \ 6 ] .
وما ذكره جل وعلا في آية المؤمن هذه ، من أنه هو الذي يري خلقه آياته ، بينه وزاده إيضاحا في غير هذا الموضع ، فبين أنه يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم ، وأن مراده بذلك البيان أن يتبين لهم أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق ، كما قال تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [ 41 \ 53 ] .
والآفاق جمع أفق وهو الناحية ، والله جل وعلا قد بين من ، ما يتبين به لكل عاقل أنه هو الرب المعبود وحده . كما أشرنا إليه ، من الشمس والقمر والنجوم والأشجار والجبال ، والدواب والبحار ، إلى غير ذلك . غرائب صنعه وعجائبه في نواحي سماواته وأرضه
وبين أيضا أن من آياته التي يريهم ولا يمكنهم أن ينكروا شيئا منها تسخيره لهم الأنعام ليركبوها ويأكلوا من لحومها ، وينتفعوا بألبانها ، وزبدها وسمنها ، وأقطها ويلبسوا من جلودها ، وأصوافها وأوبارها وأشعارها ، كما قال تعالى : الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون [ 40 \ 79 - 81 ] .
[ ص: 377 ] وبين في بعض المواضع أن من آياته التي يريها بعض خلقه معجزات رسله ; لأن المعجزات آيات أي : دلالات وعلامات على صدق الرسل ، كما قال تعالى في فرعون : ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى [ 20 \ 56 ] وبين في موضع آخر أن من آياته التي يريها خلقه عقوبته المكذبين رسله ، كما قال تعالى في قصة إهلاكه قوم لوط : ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون [ 29 \ 35 ] .
وقال في عقوبته فرعون وقومه بالطوفان والجراد والقمل . . . إلخ : فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات الآية [ 7 \ 133 ] .