[ ص: 79 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الممتحنة
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29031يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم .
نهى تعالى المؤمنين عن اتخاذ العدو المشرك أولياء ، ولفظ العدو مفرد ، ويطلق على الفرد والجماعة .
ومن إطلاقه على الفرد قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=117فقلنا ياآدم إن هذا عدو لك ولزوجك [ 20 \ 117 ] يعني بالعدو إبليس .
ومن إطلاقه على الجمع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو [ 18 \ 50 ] ، والمراد هنا الجمع لما في السياق من القرائن منها قوله ( أولياء ) بالجمع ، ومنها :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تلقون إليهم بالمودة ، وهو ضمير جمع ، ومنها : وقد كفروا بواو الجمع ، ومنها يخرجون أيضا بالجمع ، وقوله بعدها :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا [ 60 \ 2 ] وكلها بضمائر الجمع .
أما العدو المراد هنا فقد عم وخص في وصفه فوصفه أولا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وقد كفروا بما جاءكم من الحق ، وخص بوصفه يخرجون الرسول ، والوصف بالكفر يشمل الجميع ، فيكون ذكرهما معا للتأكيد والاهتمام بالخاص ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل [ 2 \ 98 ] ففي ذكر الخاص هنا وهو وصف العدو بإخراج الرسول والمؤمنين للتهييج على من أخرجوهم من ديارهم كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وأخرجوهم من حيث أخرجوكم [ 2 \ 191 ] .
وقد بين تعالى المراد بالذين أخرجوا الرسول والمؤمنين في عدة مواضع ، منها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك [ 47 \ 13 ] أي :
مكة ، ومنها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار [ ص: 80 ] [ 9 \ 40 ] الآية .
فعليه يكون المراد بعدوي وعدوكم هنا خصوص المشركين
بمكة .
وقد أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة ، وقصة الرسالة مع الظعينة لأهل
مكة قبل الفتح بإخبارهم بتجهز المسلمين إليهم مما يؤيد المراد بالعدو هنا ، ولكن ، وإن كانت بصورة السبب قطعية الدخول إلا أن عموم اللفظ لا يهمل ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1عدوي وعدوكم ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وقد كفروا بما جاءكم من الحق يشمل كل من كفر بما جاءنا من الحق
كاليهود ، والنصارى ، والمنافقين ، ومن تجدد من الطوائف الحديثة .
وقد جاء النص على كل طائفة مستقلة ، ففي سورة المجادلة عن المنافقين قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم [ 58 \ 14 ] .
وتكلم عليها الشيخ - رحمة الله تعالى عليه - .
وعن
اليهود في سورة " الحشر " كما تقدم ، وعن
اليهود والنصارى معا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء [ 5 \ 51 ] .
ومن الطوائف المحدثة كل من كفر بما جاءنا من الحق من شيوعية وغيرهم ،
وكالهندوكية ، والبوذية وغيرهم ، ومما يتبع هذا العموم ما جاء في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون [ 5 \ 57 - 58 ] .
فكل من هزئ بشيء من الدين أو اتخذه لعبا ولهوا فإنه يخشى عليه من تناول هذه الآية إياه .
تنبيه
ذكر المقابلة هنا بين
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1عدوي وعدوكم أولياء فيه إبراز صورة الحال وتقبيح الفعل ؛ لأن العداوة تتنافى مع الموالاة والمسارة للعدو بالمودة ، وقد ناقش بعض المفسرين قضية التقديم والتأخير في تقديم عدوي أولا ، وعطف عدوكم عليه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي : التقديم لأن عداوة العبد لله بدون علة ، وعداوة العبد للعبد لعلة ، وما كان بدون علة فهو مقدم على
[ ص: 81 ] ما كان بعلة . ا هـ .
والذي يظهر والله تعالى أعلم أن التقديم لغرض شرعي ، وبلاغي ، وهو أن عداوة العبد لله هي الأصل ، وهي أشد قبحا ، فلذا قدمت ، وقبحها في أنهم عبدوا غير خالقهم ، وشكروا غير رازقهم ، وكذبوا رسل ربهم وآذوهم .
وقد جاء في الأحاديث القدسية ما يستأنس به في ذلك فيما رواه
البيهقي والحاكم عن
معاذ ، والديلمي nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ما نصه : "
إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري " وفيه "
خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلي بالمعاصي " كما أن تقديمه يؤكد بأنه هو السبب في العداوة بين المؤمنين والكافرين ، وما كان سببا فحقه التقديم .
ويدل على ما ذكرنا من أنه الأصل ، أن الكفار لو آمنوا بالله وانتفت عداوتهم لله لأصبحوا إخوانا للمؤمنين ، وانتفت العداوة بينهما ، وكذا كونه مغيا بغاية في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله [ 4 \ 89 ] ، ومثله قوله تعالى في قوم إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده [ 60 \ 4 ] فإذا هاجر المشركون وآمن الكافرون ، انتفت العداوة وجاءت الموالاة .
ومما قدمنا من أن سبب النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=28802موالاة الأعداء ، هو الكفر يعلم أنه إذا وجدت عداوة لا لسبب الكفر فلا ينهى عن تلك الموالاة ؛ لتخلف العلة الأساسية ، كما جاء في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم [ 64 \ 14 ] ، ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم [ 64 \ 14 ] .
فلما تخلف السبب الأساسي في النهي عن موالاة العدو الذي هو الكفر ، جاء الحث على العفو والصفح والغفران ؛ لأن هذه العداوة لسبب آخر هو ما بينه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة [ 64 \ 15 ] ، فكان مقتضاها فقط الحذر من أن يفتنوه ، وكان مقتضى الزوجية حسن العشرة ، كما هو معلوم . وسيأتي زيادة إيضاح لهذه المسألة عند هذه الآية إن شاء الله تعالى .
وقد نص صراحة على عدم النهي المذكور في خصوص من لم يعادوهم في الدين في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم [ ص: 82 ] الآية [ 60 \ 8 ] .
وللموالاة أحكام عامة وخاصة ، وقد بحثها الشيخ - رحمة الله تعالى عليه - في عدة مواضع من الأضواء :
منها في الجزء الثاني عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ 5 \ 51 ] ، وقد أطال البحث فيها .
ومنها في الجزء الثالث عرض ضمن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ 17 \ 9 ] ، وبين روابط العالم الإسلامي بتوسع .
ومنها في الجزء الرابع عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أفتتخذونه وذريته أولياء [ 18 \ 50 ] الآية .
ومنها في مخطوط السابع عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم [ 47 \ 26 ] ، وأحال فيها على آية " الممتحنة " هذه .
ومنها أيضا عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=26ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر [ 47 \ 26 ] ، وأحال عندها على مواضع متقدمة من سورة " الشورى " " وبني إسرائيل " .
ومنها في سورة " المجادلة " على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم [ 58 \ 14 ] .
وفيما كتبه - رحمة الله تعالى عليه - بيان لكل جوانب أحكام هذه الآية ، غير أني لم أجده - رحمة الله تعالى عليه - تعرض لما في هذه السورة من خصوص التخصيص للآية بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم الآية [ 60 \ 8 ] .
ولم أسمع منه - رحمة الله تعالى عليه - فيها شيئا مع أنها نص في تخصيص العموم من هذه الآية ، وسيأتي لها بيان لذلك عندها إن شاء الله .
تنبيه
رد أهل السنة بهذه الآية وأمثالها على
المعتزلة قولهم : إن المعصية تنافي الإيمان ؛
[ ص: 83 ] لأن الله ناداهم بوصف الإيمان مع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ، فلم يخرجهم بضلالهم عن عموم إيمانهم ، ويشهد لهذا أن الضلال هنا عن سواء السبيل لا مطلق السبيل .
[ ص: 79 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29031يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ .
نَهَى تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ الْعَدُوِّ الْمُشْرِكِ أَوْلِيَاءَ ، وَلَفْظُ الْعَدُوِّ مُفْرَدٌ ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةِ .
وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْفَرْدِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=117فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ [ 20 \ 117 ] يَعْنِي بِالْعَدُوِّ إِبْلِيسَ .
وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْجَمْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [ 18 \ 50 ] ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْجَمْعُ لِمَا فِي السِّيَاقِ مِنَ الْقَرَائِنِ مِنْهَا قَوْلُهُ ( أَوْلِيَاءَ ) بِالْجَمْعِ ، وَمِنْهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَهُوَ ضَمِيرُ جَمْعٍ ، وَمِنْهَا : وَقَدْ كَفَرُوا بِوَاوِ الْجَمْعِ ، وَمِنْهَا يُخْرِجُونَ أَيْضًا بِالْجَمْعِ ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا [ 60 \ 2 ] وَكُلُّهَا بِضَمَائِرِ الْجَمْعِ .
أَمَّا الْعَدُوُّ الْمُرَادُ هُنَا فَقَدْ عَمَّ وَخَصَّ فِي وَصْفِهِ فَوَصَفَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ، وَخَصَّ بِوَصْفِهِ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ ، وَالْوَصْفُ بِالْكُفْرِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ ، فَيَكُونُ ذِكْرُهُمَا مَعًا لِلتَّأْكِيدِ وَالِاهْتِمَامِ بِالْخَاصِّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ [ 2 \ 98 ] فَفِي ذِكْرِ الْخَاصِّ هُنَا وَهُوَ وَصْفُ الْعَدُوِّ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ لِلتَّهْيِيجِ عَلَى مَنْ أَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ [ 2 \ 191 ] .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى الْمُرَادَ بِالَّذِينِ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [ 47 \ 13 ] أَيْ :
مَكَّةَ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [ ص: 80 ] [ 9 \ 40 ] الْآيَةَ .
فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِعَدُوِّي وَعَدُوِّكُمْ هُنَا خُصُوصَ الْمُشْرِكِينَ
بِمَكَّةَ .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ ، وَقِصَّةِ الرِّسَالَةِ مَعَ الظَّعِينَةِ لِأَهْلِ
مَكَّةَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِإِخْبَارِهِمْ بِتَجَهُّزِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُؤَيِّدُ الْمُرَادَ بِالْعَدُوِّ هُنَا ، وَلَكِنْ ، وَإِنْ كَانَتْ بِصُورَةِ السَّبَبِ قَطْعِيَّةَ الدُّخُولِ إِلَّا أَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ لَا يُهْمَلُ ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ كَفَرَ بِمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ
كَالْيَهُودِ ، وَالنَّصَارَى ، وَالْمُنَافِقِينَ ، وَمَنْ تَجَدَّدَ مِنَ الطَّوَائِفِ الْحَدِيثَةِ .
وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ ، فَفِي سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ عَنِ الْمُنَافِقِينَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ [ 58 \ 14 ] .
وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - .
وَعَنِ
الْيَهُودِ فِي سُورَةِ " الْحَشْرِ " كَمَا تَقَدَّمَ ، وَعَنِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَعًا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [ 5 \ 51 ] .
وَمِنَ الطَّوَائِفِ الْمُحْدَثَةِ كُلُّ مَنْ كَفَرَ بِمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ مِنْ شُيُوعِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ ،
وَكَالْهِنْدُوكِيَّةِ ، وَالْبُوذِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَمِمَّا يَتْبَعُ هَذَا الْعُمُومَ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [ 5 \ 57 - 58 ] .
فَكُلُّ مَنْ هَزِئَ بِشَيْءٍ مِنَ الدِّينِ أَوِ اتَّخَذَهُ لَعِبًا وَلَهْوًا فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ تَنَاوُلِ هَذِهِ الْآيَةِ إِيَّاهُ .
تَنْبِيهٌ
ذِكْرُ الْمُقَابَلَةِ هُنَا بَيْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ فِيهِ إِبْرَازُ صُورَةِ الْحَالِ وَتَقْبِيحُ الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ تَتَنَافَى مَعَ الْمُوَالَاةِ وَالْمُسَارَّةِ لِلْعَدُوِّ بِالْمَوَدَّةِ ، وَقَدْ نَاقَشَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ قَضِيَّةَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي تَقْدِيمِ عَدُوِّي أَوَّلًا ، وَعَطْفِ عَدُوِّكُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16785الْفَخْرُ الرَّازِيُّ : التَّقْدِيمُ لِأَنَّ عَدَاوَةَ الْعَبْدِ لِلَّهِ بِدُونِ عِلَّةٍ ، وَعَدَاوَةَ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ لِعِلَّةٍ ، وَمَا كَانَ بِدُونِ عِلَّةٍ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى
[ ص: 81 ] مَا كَانَ بِعِلَّةٍ . ا هـ .
وَالَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ ، وَبَلَاغِيٍّ ، وَهُوَ أَنَّ عَدَاوَةَ الْعَبْدِ لِلَّهِ هِيَ الْأَصْلُ ، وَهِيَ أَشَدُّ قُبْحًا ، فَلِذَا قُدِّمَتْ ، وَقُبْحُهَا فِي أَنَّهُمْ عَبَدُوا غَيْرَ خَالِقِهِمْ ، وَشَكَرُوا غَيْرَ رَازِقِهِمْ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَ رَبِّهِمْ وَآذَوْهُمْ .
وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ مَا يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي ذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ
مُعَاذٍ ، وَالدَّيْلَمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ مَا نَصُّهُ : "
إِنِّي وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ فِي نَبَأٍ عَظِيمٍ أَخْلُقُ وَيُعْبُدُ غَيْرِي ، وَأَرْزُقُ وَيُشْكَرُ غَيْرِي " وَفِيهِ "
خَيْرِي إِلَى الْعِبَادِ نَازِلٌ ، وَشَرُّهُمْ إِلَيَّ صَاعِدٌ أَتَحَبَّبُ إِلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ وَيَتَبَغَّضُونَ إِلَيَّ بِالْمَعَاصِي " كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَهُ يُؤَكِّدُ بِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ فِي الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ ، وَمَا كَانَ سَبَبًا فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ .
وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ الْأَصْلُ ، أَنَّ الْكَفَّارَ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَانْتَفَتْ عَدَاوَتُهُمْ لِلَّهِ لَأَصْبَحُوا إِخْوَانًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَانْتَفَتِ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا ، وَكَذَا كَوْنُهُ مُغَيًّا بِغَايَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ 4 \ 89 ] ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [ 60 \ 4 ] فَإِذَا هَاجَرَ الْمُشْرِكُونَ وَآمَنَ الْكَافِرُونَ ، انْتَفَتِ الْعَدَاوَةُ وَجَاءَتِ الْمُوَالَاةُ .
وَمِمَّا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28802مُوَالَاةِ الْأَعْدَاءِ ، هُوَ الْكُفْرُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتْ عَدَاوَةٌ لَا لِسَبَبِ الْكُفْرِ فَلَا يُنْهَى عَنْ تِلْكَ الْمُوَالَاةِ ؛ لِتَخَلُّفِ الْعِلَّةِ الْأَسَاسِيَّةِ ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [ 64 \ 14 ] ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ 64 \ 14 ] .
فَلَمَّا تَخَلَّفَ السَّبَبُ الْأَسَاسِيُّ فِي النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْعَدُوِّ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ ، جَاءَ الْحَثُّ عَلَى الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْغُفْرَانِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَدَاوَةَ لِسَبَبٍ آخَرَ هُوَ مَا بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [ 64 \ 15 ] ، فَكَانَ مُقْتَضَاهَا فَقَطِ الْحَذَرُ مِنْ أَنْ يَفْتِنُوهُ ، وَكَانَ مُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ حُسْنَ الْعِشْرَةِ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ . وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ إِيضَاحٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَدْ نَصَّ صَرَاحَةً عَلَى عَدَمِ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ فِي خُصُوصِ مَنْ لَمْ يُعَادُوهُمْ فِي الدِّينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [ ص: 82 ] الْآيَةَ [ 60 \ 8 ] .
وَلِلْمُوَالَاةِ أَحْكَامٌ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ ، وَقَدْ بَحَثَهَا الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْأَضْوَاءِ :
مِنْهَا فِي الْجُزْءِ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [ 5 \ 51 ] ، وَقَدْ أَطَالَ الْبَحْثَ فِيهَا .
وَمِنْهَا فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ عُرِضَ ضِمْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [ 17 \ 9 ] ، وَبَيْنَ رَوَابِطِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ بِتَوَسُّعٍ .
وَمِنْهَا فِي الْجُزْءِ الرَّابِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ [ 18 \ 50 ] الْآيَةَ .
وَمِنْهَا فِي مَخْطُوطِ السَّابِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ [ 47 \ 26 ] ، وَأَحَالَ فِيهَا عَلَى آيَةِ " الْمُمْتَحَنَةِ " هَذِهِ .
وَمِنْهَا أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=26ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [ 47 \ 26 ] ، وَأَحَالَ عِنْدَهَا عَلَى مَوَاضِعَ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ سُورَةِ " الشُّورَى " " وَبَنِي إِسْرَائِيلَ " .
وَمِنْهَا فِي سُورَةِ " الْمُجَادِلَةِ " عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [ 58 \ 14 ] .
وَفِيمَا كَتَبَهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - بَيَانٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْآيَةِ ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَجِدْهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - تَعَرَّضَ لِمَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ خُصُوصِ التَّخْصِيصِ لِلْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ الْآيَةَ [ 60 \ 8 ] .
وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - فِيهَا شَيْئًا مَعَ أَنَّهَا نَصٌّ فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَسَيَأْتِي لَهَا بَيَانٌ لِذَلِكَ عِنْدَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
تَنْبِيهٌ
رَدُّ أَهْلِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا عَلَى
الْمُعْتَزِلَةِ قَوْلَهُمْ : إِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُنَافِي الْإِيمَانَ ؛
[ ص: 83 ] لِأَنَّ اللَّهَ نَادَاهُمْ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ مَعَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ، فَلَمْ يُخْرِجْهُمْ بِضَلَالِهِمْ عَنْ عُمُومِ إِيمَانِهِمْ ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ الضَّلَالَ هُنَا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ لَا مُطْلَقَ السَّبِيلِ .