العدد في الجمعة
والواقع أن مسألة قد كثر الخلاف فيها ، فمن قائل : تصح بواحد مع الإمام ، وعزاه العدد في الجمعة ابن رشد ، ومن قائل باثنين مع الإمام وعزاه للطبري القرطبي للحسن ، ومن قائل بثلاثة مع الإمام وعزي لأبي حنيفة ، ومن قائل باثني عشر رجلا ، وعزاه القرطبي لربيعة ، ومن قائل بثلاثين ، ومن قائل بأربعين ، وهو قول الشافعي وأحمد . ومن قائل بكل عدد يتأتى في قرية مستوطنة ، وألا يكونوا ثلاثة ونحوها ، وهو قول مالك . قال في متن خليل : وبجماعة تتقرى بهم قرية بلا حد .
وقال في الشرح : أي جماعة يمكنهم الدفع عن أنفسهم في الأمور الكثيرة لا النادرة ، وذلك يختلف بحسب الجهات إلى أن قال : وأفهم كلام المؤلف أن الاثني عشر لا تتقرى بهم قرية ، فقوله : بلا حد أي بعد الاثني عشر . اهـ .
والواقع أن كل هذه الأقوال ليس عليها مستند يعول عليه في العدد ، بحيث لو نقص واحد بطلت ، ولكن الذي يشهد له الشرع من السماحة واليسر ، هو ما قاله مالك رحمه الله ، وما قدمنا من أن السياق يدل على وجود جماعة لها سوق ، ويتأتى منها الانتشار في الأرض بعد انقضاء الصلاة ، ولم نطل الكلام في هذه المسألة لعدم وجود نص صريح فيها ، وكل ما يستدل به فهو حكاية حال تحتمل الزيادة والنقص ولا يعمل بمفاهيمها ، والعلم عند الله تعالى .