[ ص: 245 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة القلم 
قوله تعالى : ن     . 
تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور  عند الكلام على أول سورة هود : وذكر الأقوال كلها ، وهي خمسة أقوال : 
فقيل : إنها مما استأثر الله بعلمه أو أنها من أسماء الله ، أو مركبة من عدة حروف كل حرف من اسم ، أو أسماء للسور ، أو أنها للإعجاز ، وبين - رحمه الله - وجه كل قول منها ، ورجح الأخير ، وأنها للإعجاز بدليل أنه يأتي بعدها دائما الانتصار للقرآن ، وقد بسط البحث بما يكفي ويشفي . 
وقال ابن كثير  بأقوال أخرى ، منها أن : ن بمعنى الدواة أي : بمناسبة ذكر القلم ، وعزاه إلى الحسن  وقتادة  ، وقال : إن فيه حديثا مرفوعا ، ولكن غريب جدا ، وهو عن  ابن عباس    : " إن الله خلق النون وهي الدواة ، وخلق القلم ، فقال : اكتب   " ، الحديث . 
وعن  أبي هريرة  قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خلق الله النون وهي الدواة   " . 
وذكر  ابن جرير  كل هذه الأوجه وزاد أوجها أخرى : منها أنها افتتاحيات لأوائل السور تسترعي انتباه المستمعين ، ثم يتلى عليهم ما بعدها ، وقيل : هي من حساب الجمل وغير ذلك . 
وقد ذكر  ابن جرير  عند أول " سورة الشورى " : حم  عسق    [ 42 \ 1 - 2 ] أثرا نقله عنه ابن كثير  واستغربه واستنكره ، ولكن وقع ما يقرب من مصداقه ومطابقته مطابقة تامة . 
ونصه من  ابن جرير  قال : جاء رجل إلى  ابن عباس  فقال له وعنده  حذيفة بن اليمان    : أخبرني عن تفسير قول الله : حم  عسق  قال : فأطرق ثم أعرض عنه ، ثم كرر مقالته فأعرض فلم يجبه بشيء ، وكره مقالته ، ثم كررها الثالثة فلم يجبه شيئا . 
 [ ص: 246 ] فقال له حذيفة    : أنا أنبئك بها ، وقد عرفت بم كرهها ، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له : عبد الإله  أو عبد الله  ينزل على نهر من أنهار المشرق تنبني عليه مدينتان فشق النهر بينهما شقا ، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدنهم ، بعث الله على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت ، كأنها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ، ثم يخسف الله بها وبهم جميعا ، فذلك قوله : حم  عسق  يعني عزيمة من الله ، وفتنة ، وقضاء . 
حم  عسق  يعني عدلا منه : سين يعني سيكون و ق يعني واقع بهاتين المدينتين   . اهـ . 
ومع استغراب ابن كثير  إياه واستنكاره له ، فقد وقع مثل ما يشير إليه الحديث على ثورة العراق  على عبد الإله  في بغداد  ، حيث يشقها النهر شقين ، وأنه من آل البيت ، وقد وقع بها ما جاء وصفه في الأثر المذكور . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					