تنبيه آخر .
اتفق علماء الاجتماع أن أربعة : أسس الأخلاق
هي : الحكمة ، والعفة ، والشجاعة ، والعدالة .
ويقابلها رذائل أربعة :
هي الجهل ، والشره ، والجبن ، والجور .
ويتفرع عن كل فضيلة فروعها :
الحكمة : الذكاء وسهولة الفهم ، وسعة العلم . وعن العفة : القناعة ، والورع ، والحياء ، والسخاء ، والدعة ، والصبر ، والحرية . وعن الشجاعة : النجدة ، وعظم الهمة . وعن السماحة : الكرم ، والإيثار ، والمواساة ، والمسامحة .
[ ص: 252 ] أما - فيتفرع عنها : الصداقة ، والألفة ، وصلة الرحم ، وترك الحقد ، ومكافأة الشر بالخير ، واستعمال اللطف . فهذه أصول الأخلاق وفروعها ، فلم تبق خصلة منها إلا وهي مكتملة فيه - صلى الله عليه وسلم - . العدالة - وهي أم الفضائل الأخلاقية
وقد برأه الله من كل رذيلة ، فتحقق أنه - صلى الله عليه وسلم - على خلق عظيم ، فعلا وعقلا .
وقال : لقد كان - صلى الله عليه وسلم - على خلق عظيم . والخلق ما تخلق به الإنسان ; لأن الله تعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : الفخر الرازي أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [ 6 \ 90 ] ، ولا بد لكل نبي من خصلة فاضلة . فاجتمع له - صلى الله عليه وسلم - جميع خصال الفضل عند جميع الأنبياء . وهذا وإن كان له وجه إلا أن واقع سيرته - صلى الله عليه وسلم - أعم من ذلك .
فقد كان قبل البعثة والوحي ، ملقبا عند القرشيين بالأمين ، كما في قصة وضع الحجر في الكعبة ; إذ قالوا عنه : الأمين ارتضيناه .
وجاء عن ، لما أخذ أسيرا وأهدته زيد بن حارثة - رضي الله عنها - لخدمته - صلى الله عليه وسلم - . وجاء أهله بالفداء يفادونه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهم : " خديجة زيد : والله لا أختار على صحبتك أحدا أبدا ، فقال له أهله : ويحك ! أتختار الرق على الحرية ؟ ! فقال : نعم ، والله لقد صحبته فلم يقل لي لشيء فعلته : لم فعلته قط . ولا لشيء لم أفعله : لم لم تفعله قط : " ورجع قومه ، وبقي هو عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذ بيده ، وأعلن تبنيه على ما كان معهودا قبل البعثة . ادعوه وأخبروه ، فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء ) فقال
إننا لو قلنا : إن اختيار الله إياه قبل وجوده ، وتعهد الله إياه بعد وجوده ; من شق الصدر في طفولته ، ومن موت أبويه ورعاية الله له .
كما في قوله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى إلى قوله : ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث [ 93 \ 3 - 11 ] .
إنها نعمة الله تعالى عليه ، وعلى أمته معه - صلوات الله وسلامه عليه - ورزقنا التأسي به .