قوله تعالى : إنا خلقناهم مما يعلمون   
 [ ص: 304 ] أجمل ما يعلمون في ما الموصولة " مما " ، وقد بينه تعالى في عدة مراحل : من تراب أولا ، ثم من نطفة . وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان ذلك في أكثر من موضع ، وأصرح نص في ذلك قوله تعالى ألم نخلقكم من ماء مهين    [ 77 \ 20 ] ، وقوله : فلينظر الإنسان مم خلق  خلق من ماء دافق  يخرج من بين الصلب والترائب    [ 86 \ 5 - 7 ] أي : ماء الرجل وماء المرأة يختلطان معا ، كما في قوله تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا  إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج    [ 76 \ 1 - 2 ] . 
وقوله تعالى : كلا إنا خلقناهم مما يعلمون    [ 70 \ 39 ] ليس لمجرد الإخبار ; لأنهم يعلمون ، والعالم ليس في حاجة إلى إخبار ، ولكن يراد بذلك لازم الخبر ، وهو إفهامهم بأن من خلقهم من هذا الذي يعلمون قادر على إعادتهم وبعثهم ومجازاتهم ، كما في سورة " الدهر " إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا    [ 76 \ 2 ] . ثم قال : إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا    [ 76 \ 3 ] . ثم بين المصير إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا  إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا    [ 76 \ 4 - 5 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					