فأخذه الله نكال الآخرة والأولى قوله تعالى :
النكال : هو اسم لما جعل نكالا للغير ، أي : عقوبة له حتى يعتبر به ، والكلمة من [ ص: 421 ] الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، والنكل القيد . قاله القرطبي .
واختلف في " الآخرة والأولى " : أهم الدنيا والآخرة ؟ أم هم الكلمتان العظيمتان اللتان تكلم بهما فرعون في قوله : ما علمت لكم من إله غيري [ 28 \ 38 ] .
والثانية قوله : أنا ربكم الأعلى [ 79 \ 24 ] .
قال : وكان بينهما أربعون سنة . وقد اختار ابن عباس ابن كثير الأول ، واختار الثاني ، ومعه كثير من المفسرين . ابن جرير
ولكن يرد على اختيار ابن كثير : أن السياق قدم الآخرة ، مع أن تعذيب فرعون مقدم فيه نكال الأولى ، وهي الدنيا .
كما يرد على اختيار ، أن الله تعالى جعل أخذه إياه نكالا ، ليعتبر به من يخشى ، والعبرة تكون أشد بالمحسوس ، وكلمتاه قيلتا في زمنه . ابن جرير
والقرآن يشهد لما قاله ابن كثير ، في قوله تعالى : فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية [ 10 \ 92 ] ، وهذا هو محل الاعتبار .
وقد قال تعالى بعد الآية : إن في ذلك لعبرة لمن يخشى [ 79 \ 26 ] .
واسم الإشارة في قوله : " إن في ذلك " : راجع إلى الأخذ والنكال المذكورين ، أي : المصدر المفهوم ضمنا في قوله تعالى : فأخذه الله ، وقوله : " نكال " ، بل إن " نكال " مصدر بنفسه ، أي : فأخذه الله ونكل به ، وجعل نكاله به عبرة لمن يخشى .