قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29052إنه لقول رسول كريم
أجمعوا على أن المراد بالقول هو القرآن ، وأما المراد بالرسول الكريم
جبريل - عليه السلام - بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=20ذي قوة عند ذي العرش مكين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مطاع ثم أمين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وما صاحبكم بمجنون [ 81 \ 22 ] .
فصاحبكم هنا : هو
محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي صحبهم منذ ولادته وذو القوة عند ذي العرش : هو
جبريل - عليه السلام - وفي إسناد القول إليه ما قد يثير شبهة أن القول منه ، مع أنه كلام الله تعالى .
وقد أجاب الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في دفع إيهام الاضطراب ، بإيراد النصوص الصريحة في أن
nindex.php?page=treesubj&link=28425_28424القرآن كلام الله تعالى ، وقال : وإن في نفس هذه الآية ما يرد هذه الشبهة ، ويثبت تلك الحقيقة ، وهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19لقول رسول ; لأن الرسول لا يأتي بقول من عنده ، وإنما القول الذي جاء به هو ما أرسل به من غيره ، إلى ما أرسل إليه به .
تنبيه في
nindex.php?page=treesubj&link=29753وصف جبريل - عليه السلام - بتلك الأوصاف .
نص في تمكينه من حفظ ما أرسل به ، وصيانته عن التغيير والتبديل ، لأنه " مكين " ، فلا يصل إليه ما يخل برسالته ، ولأنه "
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مطاع ثم " . والمطاع لا يؤثر عليه غيره ، والأمين لا يخون ولا يبدل ، فكان القرآن الذي جاء به مصونا من أن يتسلط أحد
[ ص: 447 ] عليه فيغيره ، ومن أن يغيره الذي جاء به ، وهذا كله بمثابة الترجمة لسند تلقي القرآن الكريم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وما صاحبكم بمجنون بيان لتتمة السند ، حيث قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=23ولقد رآه بالأفق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وما هو على الغيب بضنين [ 81 \ 23 - 24 ] ، فنفى عنه - صلى الله عليه وسلم - نقص التلقي بنفي آفة الجنون ، فهو في كمال العقل وقوة الإدراك ، ومن قبل أثبت له كمال الخلق :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم [ 68 \ 4 ] .
وأثبت له اللقيا ، فلم يلتبس عليه
جبريل بغيره ، وهي أعلى درجات السند ، فاجتمع له - صلى الله عليه وسلم - الكمال الخلقي والكمال الخلقي - بضم الخاء وكسرها - أي : الكمال حسا ومعنى ، ثم نفى عنه التهمة بأن يضن بشيء مما أرسل به مع نفاسته وعلو منزلته وجليل علومه ، وأنه كلام رب العالمين .
وفي الختام إفهامهم بأنه ليس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=25بقول شيطان رجيم " [ 81 \ 25 ] ، حيث تقدم
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] .
وأن : "
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا " [ 72 \ 9 ] ، فلم يبق لهم موجب للانصراف عنه ، وألزموا بالأخذ به حيث أصبح من الثابت أنه كلام الله ، جاء به رسول كريم ، وبلغه لصاحبكم صاحب الخلق العظيم ، وليس بقول شيطان رجيم .
فلزمهم الأخذ به ، وإلا فأين تذهبون . أين تسيرون عنه ، بعد أن ثبت لكم سنده ومصدره ؟
ونظير هذا السند في تمجيد القرآن وإثبات إتيانه من الله ، قوله تعالى في أول سورة " النجم " :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=5علمه شديد القوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=6ذو مرة فاستوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=7وهو بالأفق الأعلى [ 53 \ 2 ، 3 - 7 ] .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29052إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَأَمَّا الْمُرَادُ بِالرَّسُولِ الْكَرِيمِ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=20ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [ 81 \ 22 ] .
فَصَاحِبُكُمْ هُنَا : هُوَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي صَحِبَهُمْ مُنْذُ وِلَادَتِهِ وَذُو الْقُوَّةِ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ : هُوَ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي إِسْنَادِ الْقَوْلِ إِلَيْهِ مَا قَدْ يُثِيرُ شُبْهَةً أَنَّ الْقَوْلَ مِنْهُ ، مَعَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ ، بِإِيرَادِ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28425_28424الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ : وَإِنَّ فِي نَفْسِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَرُدُّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ ، وَيُثْبِتُ تِلْكَ الْحَقِيقَةَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=19لَقَوْلُ رَسُولٍ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ لَا يَأْتِي بِقَوْلٍ مِنْ عِنْدِهِ ، وَإِنَّمَا الْقَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِهِ هُوَ مَا أُرْسِلَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، إِلَى مَا أُرْسِلَ إِلَيْهِ بِهِ .
تَنْبِيهٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29753وَصْفِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ .
نَصٌّ فِي تَمْكِينِهِ مِنْ حِفْظِ مَا أُرْسِلَ بِهِ ، وَصِيَانَتِهِ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ ، لِأَنَّهُ " مَكِينٌ " ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ مَا يُخِلُّ بِرِسَالَتِهِ ، وَلِأَنَّهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=21مُطَاعٍ ثَمَّ " . وَالْمُطَاعُ لَا يُؤَثِّرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، وَالْأَمِينُ لَا يَخُونُ وَلَا يُبَدِّلُ ، فَكَانَ الْقُرْآنُ الَّذِي جَاءَ بِهِ مَصُونًا مِنْ أَنْ يَتَسَلَّطَ أَحَدٌ
[ ص: 447 ] عَلَيْهِ فَيُغَيِّرُهُ ، وَمِنْ أَنْ يُغَيِّرَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ ، وَهَذَا كُلُّهُ بِمَثَابَةِ التَّرْجَمَةِ لِسَنَدِ تَلَقِّي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=22وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ بَيَانٌ لِتَتِمَّةِ السَّنَدِ ، حَيْثُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=23وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [ 81 \ 23 - 24 ] ، فَنَفَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقْصَ التَّلَقِّي بِنَفْيِ آفَةِ الْجُنُونِ ، فَهُوَ فِي كَمَالِ الْعَقْلِ وَقُوَّةِ الْإِدْرَاكِ ، وَمِنْ قَبْلُ أَثْبَتَ لَهُ كَمَالَ الْخُلُقِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [ 68 \ 4 ] .
وَأَثْبَتَ لَهُ اللُّقْيَا ، فَلَمْ يَلْتَبِسْ عَلَيْهِ
جِبْرِيلُ بِغَيْرِهِ ، وَهِيَ أَعْلَى دَرَجَاتِ السَّنَدِ ، فَاجْتَمَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَمَالُ الْخُلُقِيُّ وَالْكَمَالُ الْخِلْقِيُّ - بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا - أَيِ : الْكَمَالُ حِسًّا وَمَعْنًى ، ثُمَّ نَفَى عَنْهُ التُّهْمَةَ بِأَنْ يَضِنَّ بِشَيْءٍ مِمَّا أُرْسِلَ بِهِ مَعَ نَفَاسَتِهِ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ وَجَلِيلِ عُلُومِهِ ، وَأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَفِي الْخِتَامِ إِفْهَامُهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=25بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ " [ 81 \ 25 ] ، حَيْثُ تَقَدَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [ 26 \ 212 ] .
وَأَنَّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا " [ 72 \ 9 ] ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مُوجِبٌ لِلِانْصِرَافِ عَنْهُ ، وَأُلْزِمُوا بِالْأَخْذِ بِهِ حَيْثُ أَصْبَحَ مِنَ الثَّابِتِ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ ، جَاءَ بِهِ رَسُولٌ كَرِيمٌ ، وَبَلَّغَهُ لِصَاحِبِكُمْ صَاحِبِ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ ، وَلَيْسَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ .
فَلَزِمَهُمُ الْأَخْذُ بِهِ ، وَإِلَّا فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ . أَيْنَ تَسِيرُونَ عَنْهُ ، بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ لَكُمْ سَنَدُهُ وَمَصْدَرُهُ ؟
وَنَظِيرُ هَذَا السَّنَدِ فِي تَمْجِيدِ الْقُرْآنِ وَإِثْبَاتِ إِتْيَانِهِ مِنَ اللَّهِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ " النَّجْمِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=5عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=6ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=7وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى [ 53 \ 2 ، 3 - 7 ] .