قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29055_29468يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه
قيل : الإنسان للجنس وقيل لفرد ، وهو
محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكن السياق يدل للأول للتقسيم الآتي ، فأما من أوتي كتابه بيمينه ، وأما من أوتي كتابه بشماله ; لأنه لا يكون لفرد ، وإنما للجنس وعلى أنه للجنس فالكدح العمل جهد النفس .
وقال
ابن مقبل :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
وقال غيره مشيرا إلى أن الكدح فيه معنى النصب :
ومضت بشاشة كل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأنصب
ويشهد لهذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=4لقد خلقنا الإنسان في كبد [ 90 \ 4 ] كما قدمنا في محله .
تنبيه .
من هذا العرض القرآني الكريم من مقدمة تغيير أوضاع الكون سماء وأرضا ، ووضع الإنسان فيه يكدح إلى ربه "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6كدحا فملاقيه " ، أي : بعلمه الذي يحصل عليه من
[ ص: 469 ] خلال كدحه ، فإن العاقل المتبصر لا يجعل كدحه إلا فيما يرضي الله ويرضى هو به ، وإذا لقي ربه ما دام أنه كادح ، لا محالة كما هو مشاهد .
تنبيه آخر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6ياأيها الإنسان عام في الشمول لكل إنسان مهما كان حاله من مؤمن وكافر ، ومن بر وفاجر ، والكل يكدح ويعمل جاهدا لتحصيل ما هو مقبل عليه ، كما في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009779اعملوا كل ميسر لما خلق له " أي : ومجد فيه وراض به ، وهذا منتهى حكمة العليم الخبير .
ومما هو جدير بالتنبيه عليه ، هو أنه إذا كانت السماء مع عظم جرمها ، والأرض مع مساحة أصلها "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وأذنت لربها وحقت " ، مع أنها لم تتحمل أمانة ، ولن تسأل عن واجب ، فكيف بالإنسان على ضعفه ؟ !
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أأنتم أشد خلقا أم السماء [ 79 \ 27 ] ، وقد تحمل أمانة التكليف فأشفقن منها وحملها الإنسان ، فكان أحق بالسمع والطاعة في كدحه ، إلى أن يلقى ربه لما يرضيه .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29055_29468يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ
قِيلَ : الْإِنْسَانُ لِلْجِنْسِ وَقِيلَ لِفَرْدٍ ، وَهُوَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ لِلتَّقْسِيمِ الْآتِي ، فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِفَرْدٍ ، وَإِنَّمَا لِلْجِنْسِ وَعَلَى أَنَّهُ لِلْجِنْسِ فَالْكَدْحُ الْعَمَلُ جُهْدَ النَّفْسِ .
وَقَالَ
ابْنُ مُقْبِلٍ :
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي الْعَيْشَ أَكْدَحُ
وَقَالَ غَيْرُهُ مُشِيرًا إِلَى أَنَّ الْكَدْحَ فِيهِ مَعْنَى النَّصَبِ :
وَمَضَتْ بِشَاشَةُ كُلِّ عَيْشٍ صَالِحٍ وَبَقِيتُ أَكْدَحُ لِلْحَيَاةِ وَأَنْصَبُ
وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=4لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ [ 90 \ 4 ] كَمَا قَدَّمْنَا فِي مَحَلِّهِ .
تَنْبِيهٌ .
مِنْ هَذَا الْعَرْضِ الْقُرْآنِيِّ الْكَرِيمِ مِنْ مُقَدِّمَةِ تَغْيِيرِ أَوْضَاعِ الْكَوْنِ سَمَاءً وَأَرْضًا ، وَوَضْعِ الْإِنْسَانِ فِيهِ يَكْدَحُ إِلَى رَبِّهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ " ، أَيْ : بِعِلْمِهِ الَّذِي يَحْصُلُ عَلَيْهِ مِنْ
[ ص: 469 ] خِلَالِ كَدْحِهِ ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ الْمُتَبَصِّرَ لَا يَجْعَلُ كَدْحَهُ إِلَّا فِيمَا يُرْضِي اللَّهَ وَيَرْضَى هُوَ بِهِ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ مَا دَامَ أَنَّهُ كَادِحٌ ، لَا مَحَالَةَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ .
تَنْبِيهٌ آخَرُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ عَامٌّ فِي الشُّمُولِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مَهْمَا كَانَ حَالُهُ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ ، وَمِنْ بَرِّ وَفَاجِرٍ ، وَالْكُلُّ يَكْدَحُ وَيَعْمَلُ جَاهِدًا لِتَحْصِيلِ مَا هُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009779اعْمَلُوا كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ " أَيْ : وَمُجِدٌّ فِيهِ وَرَاضٍ بِهِ ، وَهَذَا مُنْتَهَى حِكْمَةِ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ .
وَمِمَّا هُوَ جَدِيرٌ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ، هُوَ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مَعَ عِظَمِ جِرْمِهَا ، وَالْأَرْضُ مَعَ مِسَاحَةِ أَصْلِهَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " ، مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَتَحَمَّلْ أَمَانَةً ، وَلَنْ تُسْأَلَ عَنْ وَاجِبٍ ، فَكَيْفَ بِالْإِنْسَانِ عَلَى ضَعْفِهِ ؟ !
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ [ 79 \ 27 ] ، وَقَدْ تَحْمِلُ أَمَانَةَ التَّكْلِيفِ فَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ، فَكَانَ أَحَقُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي كَدْحِهِ ، إِلَى أَنْ يَلْقَى رَبَّهُ لِمَا يُرْضِيهِ .