سورة الفلق
قيل : إنه لما صرح تعالى بخالص التوحيد في سورة الإخلاص ، وهي معركة الإيمان والشرك ، ومثار الخلاف والخصومة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأعدائه ، أمر صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من شرور الخلق فلا يضروه . إلخ .
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الفلق
. قال قوله تعالى : أبو حيان وغيره : الفلق فعل بمعنى مفعول أي مفلوق ، واختلف في المراد بذلك .
فقيل : إنه الصبح يتفلق عنه الليل .
وقيل : الحس والنوى .
وقيل : هو جب في جهنم .
وقال بعض المفسرين : كل ما فلقه الله عن غيره ، كالليل عن الصبح ، والحب والنوى عن النبت ، والأرض عن النبات ، والجبال عن العون ، والأرحام عن الأولاد ، والسحاب عن المطر .
وقال : إن الله أطلق ولم يقيد ، فتطلق كذلك كما أطلق . ابن جرير
والذي يظهر أن كل الأقوال ما عدا القول بأنه جب في جهنم من قبيل اختلاف التنوع ، وأنها كلها محتملة ، قال على الإطلاق . ابن جرير
أما القول بأنه جب في جهنم ، فلم يثبت فيه نص ، وليست فيه أية مشاهدة يحال عليها للدلالة على قدرة الله تعالى ، كما في الأشياء الأخرى المشاهدة .
[ ص: 159 ] والذي يشهد له القرآن هو الأول ، كما جاء النص الصريح في الصبح والحب والنوى ، كقوله تعالى : إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم [ 6 \ 95 - 96 ] .
وكلها آيات دالة على قدرة الله ، وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي ، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يرى رؤيا ، إلا جاءت كفلق الصبح .
والفلق : بمعنى الصبح معروف في كلام العرب .
وعليه قول الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتقبا أرعى النجوم إلى أن قدر الفلق
وقول الآخر مثله وفيه : إلى أن نور الفلق بدل قدر ، والواقع أنه في قوة الإقسام برب الكون كله يتفلق بعضه عن بعض .