هم وسط يرضى الأنام لحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم
ويكون الرسول عليكم شهيدا ) لم يبين هنا هل هو شهيد عليهم في الدنيا أو الآخرة ؟ ولكنه بين في موضع آخر : أنه شهيد عليهم في الآخرة وذلك في قوله : ( قوله تعالى : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) [ 4 \ 41 ، 42 ] .
قوله تعالى : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم ) الآية ، ظاهر هذه الآية قد يتوهم منه الجاهل أنه تعالى يستفيد بالاختبار علما لم يكن يعلمه - سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا - بل هو تعالى عالم بكل ما سيكون قبل أن يكون ، وقد بين أنه لا يستفيد بالاختبار علما لم يكن يعلمه بقوله جل وعلا : ( وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ) [ 3 \ 154 ] فقوله : ( والله عليم بذات الصدور ) بعد قوله : ( ليبتلي ) دليل قاطع على أنه لم يستفد بالاختبار شيئا لم يكن عالما به ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ; لأن العليم بذات الصدورغني عن الاختبار وفي هذه الآية بيان عظيم لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختباره لخلقه ، ومعنى ( إلا لنعلم ) أي : علما يترتب عليه الثواب والعقاب فلا ينافي أنه كان عالما به قبل ذلك ، وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس . أما عالم السر والنجوى فهو عالم بكل ما سيكون كما لا يخفى .
وقوله : ( من يتبع الرسول ) أشار إلى أن الرسول هو محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله مخاطبا له : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ) الآية ; لأن هذا الخطاب له إجماعا .
قوله تعالى : ( وما كان الله ليضيع ) أي : صلاتكم إلى بيت المقدس على الأصح ، ويستروح ذلك من قوله قبله : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ) ولا سيما على القول باعتبار دلالة الاقتران ، والخلاف فيها معروف في الأصول .