وقال السيوطي في " الإكليل " في استنباط التنزيل ، قال تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [ 16 \ 89 ] ، وقال : ما فرطنا في الكتاب من شيء [ 6 \ 38 ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ، أخرجه " ستكون فتن " ، قيل : وما المخرج منها ؟ قال : " كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم " الترمذي وغيره ، وقال في سننه : حدثنا سعيد بن منصور خديج بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن ، قال : ابن مسعود ; فإن فيه خبر الأولين والآخرين . قال من أراد العلم فعليه بالقرآن البيهقي : أراد به أصول العلم . وقال : أنزل الله مائة وأربعة كتب ، أودع علومها أربعة : التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان . ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن : المفصل ، ثم أودع علوم المفصل : فاتحة الكتاب ; فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة . أخرجه الحسن البصري البيهقي في الشعب .
[ ص: 428 ] وقال الإمام - رضي الله عنه - : جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة ، وجميع شرح السنة شرح للقرآن . الشافعي
وقال بعض السلف : ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله .
وقال : ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله . أخرجه سعيد بن جبير . ابن أبي حاتم
وقال : إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله . أخرجه ابن مسعود . ابن أبي حاتم
وقال أيضا : أنزل في القرآن كل علم ، وبين لنا فيه كل شيء ، ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن . أخرجه ابن مسعود ، ابن جرير . وابن أبي حاتم
وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، عن ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة " .
وقال أيضا : جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن . الشافعي
قلت : ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " ، رواه بهذا اللفظ إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه في الأوسط من حديث الطبراني عائشة .
وقال أيضا : ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ، فإن قيل : من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة ؟ قلنا : ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة ; لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وفرض علينا الأخذ بقوله . الشافعي
وقال مرة الشافعي بمكة : سلوني عما شئتم ، أخبركم عنه من كتاب الله . فقيل له : ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ؟ فقال : " بسم الله الرحمن الرحيم " [ 1 \ 1 ] ، قال الله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ 59 \ 7 ] ، وحدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : حذيفة بن اليمان أبي بكر ، وعمر " ، وحدثنا " اقتدوا باللذين من بعدي : سفيان ، عن ، عن مسعر بن كدام ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أنه أمر بقتل المحرم الزنبور . عمر بن الخطاب
[ ص: 429 ] وروى ، عن البخاري ، قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات لخلق الله ، فقالت له امرأة في ذلك . فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كتاب الله . فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ؟ ! قال : لئن قرأتيه لقد وجدتيها ! أما قرأت ابن مسعود وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ 59 \ 7 ] ، ؟ قالت : بلى . قال : فإنه قد نهى عنه .
وقال ابن برجان : ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء فهو في القرآن ، أو فيه أصله قرب أو بعد ، فهمه من فهم ، أو عمه عنه من عمه ، وكذا كل ما حكم أو قضى به .
وقال غيره : ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى ; حتى إن بعضهم استنبط عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وستين من قوله " في سورة المنافقين " : ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها [ 63 \ 11 ] ; فإنها رأس ثلاث وستين سورة ، وعقبها " بالتغابن " ، ليظهر التغابن في فقده .
وقال المرسي : جمع القرآن علوم الأولين والآخرين ، بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ، ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، خلا ما استأثر الله به سبحانه ، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم ; مثل الخلفاء الأربعة ، ومثل ، ابن مسعود حتى قال : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله . ثم ورث عنهم التابعون لهم بإحسان ، ثم تقاصرت الهمم ، وفترت العزائم ، وتضاءل أهل العلم ، وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه ; فنوعوا علومه ، وقامت كل طائفة بفن من فنونه . وابن عباس
فاعتنى قوم بضبط لغاته ، وتحرير كلماته ، ومعرفة مخارج حروفه وعددها ، وعد كلماته وآياته ، وسوره وأجزائه ، وأنصافه وأرباعه ، وعدد سجداته ، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة ، والآيات المتماثلة . من غير تعرض لمعانيه ، ولا تدبر لما أودع فيه . فسموا القراء .
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال ، والحروف العاملة وغيرها . وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها ، وضروب الأفعال ، واللازم والمتعدي ، ورسوم خط الكلمات ، وجميع ما يتعلق به ; حتى إن بعضهم أعرب مشكله . وبعضهم أعربه كلمة كلمة .
[ ص: 430 ] واعتنى المفسرون بألفاظه ، فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ، ولفظا يدل على معنيين ، ولفظا يدل على أكثر ; فأجروا الأول : على حكمه ، وأوضحوا الخفي منه ، وخاضوا إلى ترجيح أحد محتمالات ذي المعنيين أو المعاني ، وأعمل كل منهم فكره ، وقال بما اقتضاه نظره .
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية ، والشواهد الأصلية والنظرية ; مثل قوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ 21 \ 22 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ; فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده ، وبقائه وقدمه ، وقدرته وعلمه ، وتنزيهه عما لا يليق به ; وسموا هذا العلم بـ " ، أصول الدين " .
وتأملت طائفة معاني خطابه ; فرأت منها ما يقتضي العموم ، ومنها ما يقتضي الخصوص ، إلى غير ذلك ; فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز ، وتكلموا في التخصيص والإضمار ، والنص والظاهر ، والمجمل والمحكم والمتشابه ، والأمر والنهي والنسخ ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة ، واستصحاب الحال والاستقراء ; وسموا هذا الفن " أصول الفقه " .
وأحكمت طائفة صحيح النظر ، وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام ، وسائر الأحكام ، فأسسوا أصوله وفروعه ، وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا ; وسموه ب " علم الفروع " وب " ، الفقه أيضا " .
وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة ، والأمم الخالية ، ونقلوا أخبارهم ، ودونوا آثارهم ووقائعهم . حتى ذكروا بدء الدنيا ، وأول الأشياء ; وسموا ذلك ب " التاريخ والقصص " .
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال ، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال ، وتكاد تدكدك الجبال ; فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد ، والتحذير والتبشير ، وذكر الموت والمعاد ، والنشر والحشر ، والحساب والعقاب ، والجنة والنار ، فصولا من المواعظ ، وأصولا من الزواجر . فسموا بذلك " الخطباء والوعاظ " .
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير ; مثل ما ورد في قصة يوسف : من البقرات السمان ، وفي منامي صاحبي السجن ، وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات ، وسموه " تعبير الرؤيا " ; واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب ، فإن عز عليهم إخراجها [ ص: 431 ] منه ، فمن السنة التي هي شارحة الكتاب ، فإن عسر فمن الحكم والأمثال . ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم ، وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله : وأمر بالعرف [ 7 \ 199 ] .
وأخذ قوم مما في آيات المواريث من ذكر السهام وأربابها ، وغير ذلك " علم الفرائض " ، واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث ، والربع والسدس والثمن " حساب الفرائض " ، ومسائل العول ; واستخرجوا منه أحكام الوصايا .
ونظر قوم إلى ما فيه الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار ، والشمس والقمر ومنازله ، والنجوم والبروج ، وغير ذلك ; فاستخرجوا " علم المواقيت " .
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم ، وحسن السياق والمبادئ ، والمقاطيع والمخالص والتلوين في الخطاب ، والإطناب والإيجاز ، وغير ذلك ; فاستنبطوا منه " علم المعاني والبيان والبديع " .
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة ; فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق ، جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها ، مثل الغناء والبقاء ، والحضور والخوف والهيبة ، والأنس والوحشة ، والقبض والبسط ، وما أشبه ذلك .
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه .
وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل ، مثل : الطب ، والجدل ، والهيئة ، والهندسة والجبر ، والمقابلة والنجامة ، وغير ذلك .
أما : فمداره على حفظ نظام الصحة ، واستحكام القوة ; وذلك إنما يكون باعتدال المزاج تبعا للكيفيات المتضادة ، وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله : الطب وكان بين ذلك قواما [ 25 \ 67 ] .
وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله ، وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله : شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس [ 16 \ 69 ] .
ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب ، وشفاء الصدور .
وأما الهيئة : ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السماوات والأرض ، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات منه .
[ ص: 432 ]
وأما : ففي قوله : الهندسة انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب [ 77 \ 30 ، 31 ] ، فإن فيه قاعدة هندسية ، وهو أن الشكل المثلث لا ظل له .
وأما الجدل : فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج ، والقول بالموجب ، والمعارضة ، وغير ذلك شيئا كثيرا ، ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم .
وأما الجبر والمقابلة : فقد قيل : إن أوائل السور ذكر عدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة ، وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة ، وتاريخ مدة الدنيا ، وما مضى وما بقي ، مضروبا بعضها في بعض .
وأما النجامة : ففي قوله : أو أثارة من علم [ 46 \ 4 ] ، فقد فسره بذلك . ابن عباس
وفيه من أصول الصنائع ، وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها ، فمن الصنائع الخياطة في قوله : وطفقا يخصفان . . . الآية [ 7 \ 22 ، 20 \ 121 ] ، والحدادة في قوله تعالى : آتوني زبر الحديد [ 18 \ 96 ] ، وقوله : وألنا له الحديد الآية [ 34 \ 10 ] ، والبناء في آيات ، والنجارة ، أن اصنع الفلك [ 23 \ 27 ] ، والغزل : نقضت غزلها [ 16 \ 92 ] ، والنسج : كمثل العنكبوت اتخذت بيتا [ 29 \ 41 ] ، والفلاحة : أفرأيتم ما تحرثون [ 56 \ 63 ] ، في آيات أخر ، والصيد في آيات ، والغوص : ، والشياطين كل بناء وغواص [ 38 \ 37 ] ، وتستخرجون حلية [ 16 \ 14 ] ، والصياغة واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا . . . الآية [ 7 \ 148 ] ، والزجاجة : صرح ممرد من قوارير [ 37 \ 44 ] ، المصباح في زجاجة [ 24 \ 35 ] ، والفخارة فأوقد لي ياهامان على الطين [ 28 \ 38 ] ، والملاحة أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر [ 18 \ 79 ] ، والكتابة علم بالقلم [ 96 \ 4 ] ، في آيات أخر ، والخبز والطحن : ، أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه [ 12 \ 36 ] ، والطبخ ، بعجل حنيذ [ 11 \ 69 ] ، والغسل والقصارة ، وثيابك فطهر [ 74 \ 4 ] ، قال الحواريون [ 3 \ 52 ] [ 5 \ 112 ] [ 61 \ 14 ] ، وهم القصارون ، والجزارة إلا ما ذكيتم [ 5 \ 3 ] ، والبيع والشراء في آيات كثيرة ، والصبغ ، صبغة الله . . . الآية [ 2 \ 138 ] ، جدد بيض وحمر . . . الآية [ 35 \ 27 ] ، والحجارة ، وتنحتون من الجبال بيوتا [ 26 \ 149 ] ، والكيالة [ ص: 433 ] والوزن في آيات كثيرة ، والرمي : وما رميت إذ رميت [ 8 \ 17 ] ، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ 8 \ 60 ] .
وفيه من أسماء الألات ، وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات ، وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله : ما فرطنا في الكتاب من شيء [ 6 \ 38 ] ، انتهى كلام المرسي ملخصا مع زيادات .
قلت : قد . أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل ، إلا وفي القرآن ما يدل عليها . وفيه علم عجائب المخلوقات ، وملكوت السماوات والأرض ، وما في الأفق الأعلى ، وما تحت الثرى ، وبدء الخلق ، وأسماء مشاهير الرسل والملائكة ، وعيون أخبار الأمم السالفة ; كقصة اشتمل كتاب الله على كل شيء آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة ، وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ، ورفع إدريس وإغراق قوم نوح ، وقصة عاد الأولى والثانية ، وثمود ، والناقة ، وقوم لوط ، وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين ، وقوم تبع ، ويونس ، وإلياس ، وأصحاب الرس ، وقصة موسى في ولادته وفي إلقائه في اليم ، وقتله القبطي ، ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب ، وكلامه تعالى بجانب الطور ، وبعثه إلى فرعون ، وخروجه وإغراق عدوه ، وقصة العجل ، والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة ، وقصة القتال وذبح البقرة ، وقصته في قتال الجبارين ، وقصته مع الخضر والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين ، وقصة طالوت وداود مع جالوت وقتله ، وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبإ وفتنته ، وقصة القوم الذين خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم ، وقصة إبراهيم في مجادلته قومه ، ومناظرته النمروذ ، ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة ، وبنائه البيت ، وقصة الذبيح ، وقصة يوسف وما أبسطها ، وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه ، وقصة زكريا وابنه يحيى ، وأيوب وذي الكفل ، وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد ، وقصة أصحاب الكهف والرقيم ، وقصة بختنصر ، وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة ، وقصة أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين ، وقصة مؤمن آل فرعون ، وقصة أصحاب الفيل ، وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء .
وفيه من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إبراهيم به ، وبشارة عيسى وبعثه وهجرته . ومن غزواته : غزوة بدر في ( سورة الأنفال ) ، وأحد في ( آل عمران ) ، وبدر الصغرى فيها ، والخندق في ( الأحزاب ) ، والنضير في ( الحشر ) ، والحديبية في ( الفتح ) ، وتبوك في [ ص: 434 ] ( براءة ) ، وحجة الوداع في ( المائدة ) ، ونكاحه ، وتحريم سريته ، وتظاهر أزواجه عليه ، وقصة الإفك ، وقصة الإسراء ، وانشقاق القمر ، وسحر زينب بنت جحش اليهود إياه .
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته ، وكيفية الموت ، وقبض الروح وما يفعل بها بعد صعودها إلى السماء ، وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة ، وعذاب القبر والسؤال فيه ، ومقر الأرواح ، ، وهي : وأشراط الساعة الكبرى العشرة
نزول عيسى ، وخروج الدجال ، ويأجوج ومأجوج ، والدابة ، والدخان ، ورفع القرآن ، وطلوع الشمس من مغربها ، وإغلاق باب التوبة ، والخسف .
وأحوال البعث : من نفخة الصور ، والفزع ، والصعق ، والقيام ، والحشر والنشر ، وأهوال الموقف ، وشدة حر الشمس ، وظل العرش ، والصراط ، والميزان ، والحوض ، والحساب لقوم ، ونجاة آخرين منه ، وشهادة الأعضاء ، وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهور ، والشفاعة ، والجنة وأبوابها ، وما فيها من الأشجار والثمار والأنهار ، والحلي والألوان ، والدرجات ، ورؤيته تعالى ، والنار وما فيها من الأودية ، وأنواع العقاب ، وألوان العذاب ، والزقوم والحميم ، إلى غير ذلك مما لو بسط جاء في مجلدات .
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث . وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم ، وفيه من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة .
وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون .
وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة .
وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر .
وفيه تصديق كل حديث ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه جملة القول في ذلك . اه كلام السيوطي في ( الإكليل ) .
وإنما أوردناه برمته مع طوله ; لما فيه من إيضاح : أن القرآن فيه بيان كل شيء . وإن كانت في الكلام المذكور أشياء جديرة بالانتقاد تركنا مناقشتها خوف الإطالة المملة ، مع كثرة الفائدة في الكلام المذكور في الجملة .
وفي قوله تعالى : تبيانا لكل شيء [ 16 \ 89 ] ، وجهان من الإعراب :
أحدهما : أنه مفعول من أجله . والثاني : أنه مصدر منكر واقع حالا ; على حد قوله في الخلاصة [ ص: 435 ]
ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع
تنبيه .
أظهر القولين : أن التبيان مصدر ، ولم يسمع كسر تاء التفعال مصدرا إلا في التبيان والتلقاء . وقال بعض أهل العلم : التبيان اسم لا مصدر . قال أبو حيان في ( البحر ) : والظاهر أن " تبيانا " مصدر جاء على تفعال ، وإن كان باب المصادر يجيء على تفعال ( بالفتح ) كالترداد والتطواف . ونظير تبيان في كسر تائه : تلقاء ، وقد جوز فتحه في غير القرآن . وقال الزجاج ابن عطية : " تبيانا " اسم وليس بمصدر ; وهو قول أكثر النحاة . وروى ثعلب عن الكوفيين ، عن البصريين : أنه مصدر ، ولم يجئ على تفعال من المصادر إلا ضربان : والمبرد
تبيان وتلقاء . اه والعلم عند الله تعالى .