الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 3 ] 11 - سورة هود عليه السلام

                          ( وهي الحادية عشرة في المصحف ، وآياتها 123 آية ) :

                          هي مكية حتما كالتي قبلها ، واستثنى بعضهم منها ثلاث آيات . الأولى : فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك 12 إلخ . الثانية : أفمن كان على بينة من ربه 17 إلخ . والثالثة : وأقم الصلاة طرفي النهار 114 إلخ . قيل : إن هذه الثلاث مدنية ، وهو خلاف الظاهر ولا يقوم عليه دليل ، إلا ما روي في سبب نزول الثالثة من حديث أبي اليسر وغيره وسيأتي بيانه في تفسيرها .

                          وقد نزلت بعد سورة يونس ، وهي في معناها وموضوعها الذي بيناه في تفسيرها ، وهو أصول عقائد الإسلام في الإلهيات والنبوات والبعث والجزاء وعمل الصالحات ، وقد فصل فيها ما أجمل في سورة يونس من قصص الرسل - عليهم السلام - وهي مناسبة لها كل المناسبة ببراعة المطلع في فاتحتها ، والمقطع في خاتمتها ، وتفصيل الدعوة في أثنائها ، فقد افتتحتا بذكر القرآن بعد الر ، ومثلهما في هذا ما بعدهما من السور الأربع إلا الرعد فأولها المر ، وذكر رسالة النبي المبلغ له عن الله - تعالى - وبيان وظيفته فيها ، وهو الإنذار والتبشير ، وختمتا بخطاب الناس بالدعوة إلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمره في الأولى بالصبر حتى يحكم الله بينه وبين الكافرين ، وفي الثانية بالانتظار ; أي انتظار هذا الحكم منه - تعالى - مع الاستقامة على عبادته والتوكل عليه .

                          وذكر في أثناء كل منهما التحدي بالقرآن ، ردا على الذين زعموا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد افتراه ، ولكن هذا الموضوع في الأولى أوفى منه في الثانية ، وكذا محاجة المشركين في أصول الدين كلها ، فقد أجمل في كل منهما ما فصل في الأخرى مع فوائد انفردت بها كل منهما ، فهما باتفاق الموضوع ، واختلاف النظم والأسلوب ، آيتان من آيات الإعجاز ، تخر لتلاوتهما الوجوه للأذقان ، ساجدة للرحمن .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية