( الفصل الثالث ) :
( في وظيفة الرسل الأساسية وصفاتهم وبيناتهم وفيه إحدى عشرة عقيدة ) :
( الأولى : ) هي ما بعثهم الله لأجله من تبليغ رسالته بإنذار من تولى عن الإيمان وعصى ، وتبشير من أجاب الدعوة فآمن واهتدى ، والشواهد عليها من هذه السورة قوله - تعالى - في دعوة رسوله خاتم النبيين : - وظيفة الرسل الأساسية إنني لكم منه نذير وبشير - 2 وقوله له : - إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل - 12 ومثل هذا الحصر في القرآن كثير ، وقوله حكاية عن نوح - عليه السلام - وهو أول رسله إلى الأقوام المشركة : - إني لكم نذير مبين - 25 وقوله حكاية عن رسوله هود - عليه السلام - : - فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم - 57 .
وموضوع التبليغ هو الدعوة إلى أركان الدين الثلاثة المبينة آنفا ، وعليها مدار سعادة المكلفين في الدنيا والآخرة ، وكلها مبطلة لما كان عليه أقوامهم المشركون من أن بينهم وبين الله - تعالى - وسائط منهم أو من غيرهم من خلقه يقربونهم إليه بجاههم ، ويقضون حوائجهم من جلب نفع أو دفع ضر بشفاعتهم لهم عنده ، أو بتصرفهم في خلقه بما خصهم به من خوارق العادات ، إلا ما جعله من آياته دليلا على صدقهم في دعوى الرسالة ، كإبراء عيسى - عليه السلام - للأكمه والأبرص وإحيائه للموتى بإذن الله له ، بأن دعاه في ذلك فاستجاب له وسيأتي بيانه .