( المسألة الثانية : فقد هداية السمع والبصر وهما أول طرق الاستدلال ) :
وهذا معنى يغفل عنه أكثر الناس أيضا ، ولذلك قرره القرآن كثيرا بأساليب بليغة ، ومنها قوله قبل مسألة خسران النفس في أهلها : - ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون - 20 ونكتة اختلاف التعبير فيه أن الإنسان يسمع الأصوات وإن لم يقصد سماعها ولم يصغ لها ، فالمراد هنا أنهم لشدة كراهتهم أن يسمعوا آيات الله وحججه في كتابه ما كانوا يستطيعون إلقاء السمع له إذا تلي ، لئلا يسمعوه فيحولهم عما كانوا فيه ، كما يدل عليه قولهم : - إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها - 25 : 42 ولو ألقوا السمع لما سمعوا سماع فهم وتأمل ، ولو سمعوا لما عقلوا وفقهوا كما وصفهم في الأنفال ( 8 : 21 - 33 ) وقال هنا حكاية عن قوم مدين : - قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول - 91 وكذلك ما كانوا يبصرون الآيات المرئية إذا هم نظروا دلائلها ومنها رؤية المصطفي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قال فيهم : - وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون - 7 : 198 .
[ ص: 182 ] ووضح هذا بضربه المثل لهم وللمؤمنين بقوله فيهما : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع .