nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159nindex.php?page=treesubj&link=28975وإن من أهل الكتاب أي : وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به أي : ليؤمنن
بعيسى إيمانا صحيحا ، وهو أنه عبد الله ورسوله ، وآيته للناس قبل موته أي قبل موت ذلك الأحد الذي هو نكرة في سياق النفي ، فيفيد العموم . وحاصل المعنى أن كل أحد من
أهل الكتاب ، عندما يدركه الموت ينكشف له الحق في أمر
عيسى وغيره من أمر الإيمان فيؤمن
بعيسى إيمانا صحيحا ; فاليهودي يعلم أنه رسول صادق غير دعي ولا كذاب ، والنصراني يعلم أنه عبد الله ورسوله ، فلا هو إله ، ولا ابن الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا يشهد عليهم بما تظهر به حقيقة أمره معهم ، ومنه ما حكاه الله عنه في آخر سورة المائدة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ( 5 : 117 ) وقد يشهد للمؤمن منهم ، في حال الاختيار والتكليف ، بإيمانه ، وعلى الكافر بكفره
[ ص: 19 ] ; لأنه مبعوث إليهم ، وكل نبي شهيد على قومه كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ( 4 : 41 ) وذهب بعضهم إلى أن المراد أن كل أحد من
أهل الكتاب يؤمن
بعيسى قبل موت
عيسى ، وهذا مبني على القول بأن
عيسى لما يمت ، وأنه رفع إلى السماء قبل وفاته ، وهم الذين أولوا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إني متوفيك ورافعك إلي ( 3 : 55 ) وهم على هذا يحتاجون إلى تأويل النفي العام هنا بتخصيصه بمن يكون منهم حيا عند نزوله ، فيقولون : المعنى : وما من أحد من
أهل الكتاب الذين ينزل
المسيح من السماء إلى الأرض وهم أحياء ، إلا ليؤمنن به ، ويتبعنه ، والمتبادر من الآية المعنى الأول ، وهذا التخصيص لا دليل عليه ، وهو مبني على شيء لا نص عليه في القرآن حتى يكون قرينة له ، والأخبار التي وردت فيه لم ترد مفسرة للآية .
أما المعنى الأول الذي هو الظاهر المتبادر من النظم البليغ ، فيؤيده ما ورد من اطلاع الناس قبل موتهم ، على منازلهم في الآخرة ، ومن كونهم يبشرون برضوان الله وكرامته ، أو بعذابه وعقوبته ، ففي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت في الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919258إن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، وإن الكافر إذا حضر ، بضم الحاء : أي حضره الموت ، بشر بعذاب الله وعقوبته ، وروى
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
أنس وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت . وعن
عائشة زيادة في حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919259من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " الذي في الصحيحين وغيرهما ، وهي أنهم قالوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919260يا رسول الله كلنا نكره الموت ، فقال : " ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه ، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب لقاءه ، وإن الفاجر إذا حضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه من الشر ، فكره لقاء الله فكره الله لقاءه .
وروى
ابن مردويه وابن منده ، بسند ضعيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "
ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو النار " وروى مثله
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن رجل لم يسم ، عن
علي مرفوعا . فهذه الأحاديث تؤيد ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره في تفسير الآية ; من كون الملائكة تخاطب من يموت من أهل الكتاب قبل خروج روحه ، بحقيقة أمر المسيح ، مع الإنكار الشديد والتقبيح ، ومما يؤيد هذه الحقيقة النص في سورة يونس على تصريح
فرعون بالإيمان حين أدركه الغرق . ولها دلائل أخرى كالأحاديث الواردة في عدم قبول التوبة عند الغرغرة . والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159nindex.php?page=treesubj&link=28975وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيْ : وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ أَيْ : لَيُؤْمِنَنَّ
بِعِيسَى إِيمَانًا صَحِيحًا ، وَهُوَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَآيَتُهُ لِلنَّاسِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ ذَلِكَ الْأَحَدِ الَّذِي هُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ، فَيُفِيدُ الْعُمُومَ . وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ ، عِنْدَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ يَنْكَشِفُ لَهُ الْحَقُّ فِي أَمْرِ
عِيسَى وَغَيْرِهِ مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ فَيُؤْمِنُ
بِعِيسَى إِيمَانًا صَحِيحًا ; فَالْيَهُودِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولٌ صَادِقٌ غَيْرُ دَعِيٍّ وَلَا كَذَّابٍ ، وَالنَّصْرَانِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، فَلَا هُوَ إِلَهٌ ، وَلَا ابْنُ اللَّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِمَا تَظْهَرُ بِهِ حَقِيقَةُ أَمْرِهِ مَعَهُمْ ، وَمِنْهُ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُ فِي آخِرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ( 5 : 117 ) وَقَدْ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْهُمْ ، فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَالتَّكْلِيفِ ، بِإِيمَانِهِ ، وَعَلَى الْكَافِرِ بِكُفْرِهِ
[ ص: 19 ] ; لِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَيْهِمْ ، وَكُلُّ نَبِيٍّ شَهِيدٌ عَلَى قَوْمِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ( 4 : 41 ) وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ يُؤْمِنُ
بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ
عِيسَى ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ
عِيسَى لَمَّا يَمُتْ ، وَأَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ وَفَاتِهِ ، وَهُمُ الَّذِينَ أَوَّلُوا قَوْلَهَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ( 3 : 55 ) وَهُمْ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَأْوِيلِ النَّفْيِ الْعَامِّ هُنَا بِتَخْصِيصِهِ بِمَنْ يَكُونُ مِنْهُمْ حَيًّا عِنْدَ نُزُولِهِ ، فَيَقُولُونَ : الْمَعْنَى : وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَنْزِلُ
الْمَسِيحُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ ، إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ ، وَيَتْبَعَنَّهُ ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى شَيْءٍ لَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى يَكُونَ قَرِينَةً لَهُ ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ مُفَسِّرَةً لِلْآيَةِ .
أَمَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنَ النَّظْمِ الْبَلِيغِ ، فَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ مِنِ اطِّلَاعِ النَّاسِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ ، عَلَى مَنَازِلِهِمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَمِنْ كَوْنِهِمْ يُبَشَّرُونَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ ، أَوْ بِعَذَابِهِ وَعُقُوبَتِهِ ، فَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919258إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ ، بِضَمِّ الْحَاءِ : أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ ، وَرَوَى
أَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ . وَعَنْ
عَائِشَةَ زِيَادَةٌ فِي حَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919259مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ " الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، وَهِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919260يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ ، فَقَالَ : " لَيْسَ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ اللَّهِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ اللَّهَ فَأَحَبَّ لِقَاءَهُ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ اللَّهِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ فَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ .
وَرَوَى
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ مَنْدَهْ ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : "
مَا مِنْ نَفْسٍ تُفَارِقُ الدُّنْيَا حَتَّى تَرَى مَقْعَدَهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ " وَرَوَى مِثْلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ ، عَنْ
عَلِيٍّ مَرْفُوعًا . فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُؤَيِّدُ مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ; مِنْ كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ تُخَاطِبُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ ، بِحَقِيقَةِ أَمْرِ الْمَسِيحِ ، مَعَ الْإِنْكَارِ الشَّدِيدِ وَالتَّقْبِيحِ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ النَّصُّ فِي سُورَةِ يُونُسَ عَلَى تَصْرِيحِ
فِرْعَوْنَ بِالْإِيمَانِ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ . وَلَهَا دَلَائِلُ أُخْرَى كَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .