فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة إلخ ; أي فإذا كان الأمر كذلك ، وهو المعقول الذي لا تحتمل غيره النقول ، فآمنوا بالله إيمانا يليق به ، وهو أنه واحد أحد ، فرد صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، تنزه عن صفات الحوادث ، ونسبتها إليه . واحدة ، وهي أنها مخلوقة وهو الخالق ، ومملوكة وهو المالك ، وأن هذه الأرض في مجموع ملكه أقل من حبة رمل بالنسبة إلى اليابس منها ، ومن نقطة ماء بالنسبة إلى بحارها وأنهارها ، فمن الجهل الفاضح أن يجعل له ند وكفء فيها ، أو يقال : إنه حل أو اتحد بشيء منها ، وآمنوا برسله كلهم ، كما يليق بهم ، وهو أنهم عبيد له خصهم بضرب من العلم والهداية " الوحي " ليعلموا الناس كيف يوحدون ربهم ويعبدونه ويشكرونه ، وكيف يزكون أنفسهم ، ويصلحون ذات بينهم
[ ص: 72 ] ولا تقولوا : ، أو : الله ثلاثة أقانيم كل منها عين الآخر ، فكل منها إله كامل ، ومجموعها إله واحد ، فتسفهوا أنفسكم بترك التوحيد الخالص الذي هو ملة الآلهة ثلاثة : الآب والابن وروح القدس إبراهيم وسائر الأنبياء عليهم السلام ، والقول بالتثليث الذي هو عقيدة الوثنيين الطغام ، ثم تدعوا الجمع بين التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي ، وهو تناقض تحيله العقول ولا تقبله الأفهام انتهوا خيرا لكم أي انتهوا عن هذا القول الذي ابتدعتموه في دين الأنبياء تقليدا لآبائكم الوثنيين الأغبياء ، يكن هذا الانتهاء خيرا لكم ، أو انتهوا عنه وانتحلوا قولا آخر خيرا لكم منه ، وهو قول جميع النبيين والمرسلين بتوحيده وتنزيهه حتى المسيح الذي سميتموه إلها فإن مما لا تزالون تحفظون عنه قوله في إنجيل يوحنا : ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) .