إنما الله إله واحد ليس له أجزاء ولا أقانيم ، ولا هو مركب ولا متحد بشيء من المخلوقات سبحانه أن يكون له ولد أي تنزه وتقدس عن أن يكون له ولد كما تقولون في المسيح إنه ابنه وإنه هو عينه ، فإنه تبارك وتعالى ليس له جنس فيكون له منه زوج يقترن بها فتلد له ابنا ، والنكتة في اختيار لفظ الولد في الرد عليهم ، على لفظ الابن الذي يعبرون به ، هي بيان أنهم إذا كانوا يريدون الابن الحقيقي الذي يفهم من هذا اللفظ ، فلا بد أن يكون ولدا ، أي مولودا من تلقيح أبيه لأمه ، وهذا محال على الله تعالى ، وإن أرادوا أنه ابن مجازا لا حقيقة كما أطلق في كتب العهد العتيق والعهد الجديد على إسرائيل وداود وعلى صانعي السلام وغيرهم من الأخيار ، فلا يكون له دخل في الألوهية ، ولا يعد من باب الخصوصية .
له ما في السماوات وما في الأرض أي ليس له ولد خاص مولود منه يصح أن يسمى ابنه حقيقة ، بل له كل ما في السماوات والأرض والمسيح من جملتها خلق كل ذلك خلقا ، وكل ذي عقل منها وإدراك يفتخر بأن يكون له عبدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ( 19 : 93 ) لا فرق في هذا بين الملائكة المقربين ، والنبيين الصالحين ، كما صرحت به الآية التالية لهذه ، ولا بين من خلقه ابتداء من غير أب ولا أم كالملائكة وآدم ، ومن خلق من أصل واحد كحواء وعيسى ، ومن خلق من الزوجين الذكر والأنثى ، كلهم بالنسبة إليه - تعالى - سواء ، عبيد له من خلقه محتاجون دائما إلى فضله ، وهو يتصرف فيهم كما يشاء وكفى بالله وكيلا أي به الكفاية لمن عرفه وعرف سننه في خلقه إذا وكلوا إليه أمورهم ، ولم يحاولوا الخروج عن سننه وشرائعه بسوء اختيارهم .