قال القرطبي هي مكية باتفاق إلا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفو العذاب [ الدخان : 15 ] .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير أن
nindex.php?page=treesubj&link=32301سورة الدخان نزلت
بمكة .
وأخرج
الترمذي ،
والبيهقي في الشعب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021384من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك .
قال
الترمذي بعد إخراجه : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ،
وعمرو بن أبي خثعم ضعيف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : منكر الحديث .
وأخرج
الترمذي ،
ومحمد بن نصر ،
وابن مردويه ،
والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021385nindex.php?page=treesubj&link=28892من قرأ ( حم ) الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له .
قال
الترمذي بعد إخراجه : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وهشام بن المقدام يضعف ، والحسن لم يسمع من
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، كذا قال
أيوب ،
nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس بن عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16621وعلي بن زيد ، ويشهد له ما أخرجه
ابن الضريس ،
والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فذكره ، وما أخرجه
ابن الضريس ، عن
الحسن مرفوعا بنحوه ، وهو مرسل ، وما أخرجه
الدارمي ،
ومحمد بن نصر ، عن
أبي رافع قال : من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له وزوج من الحور العين .
وأخرج
ابن مردويه عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021386من قرأ سورة ( حم ) الدخان في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بها بيتا في الجنة .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=2والكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فيها يفرق كل أمر حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6رحمة من ربك إنه هو السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=9بل هم في شك يلعبون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يغشى الناس هذا عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ( 16 )
قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=29015nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=2والكتاب المبين قد تقدم - في السورتين المتقدمتين قبل هذه السورة - الكلام على هذا معنى وإعرابا .
[ ص: 1349 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29015_26777إنا أنزلناه في ليلة مباركة جواب القسم ، وإن جعلت الجواب ( حم ) كانت هذه الجملة مستأنفة ، وقد أنكر بعض النحويين أن تكون هذه الجملة جوابا للقسم لأنها صفة للمقسم به ولا تكون صفة المقسم به جوابا للقسم ، وقال : الجواب
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا كنا منذرين ، واختاره ابن عطية ، وقيل : إن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا كنا منذرين جواب ثان ، أو جملة مستأنفة مقررة للإنزال ، وفي حكم العلة له كأنه قال : إنا أنزلناه لأن من شأننا الإنذار ، والضمير في أنزلناه راجع إلى الكتاب المبين وهو القرآن .
وقيل : المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة ، والضمير في ( أنزلناه ) راجع إلى القرآن على معنى أنه - سبحانه - أقسم بسائر الكتب المنزلة أنه أنزل القرآن ، والأول أولى .
والليلة المباركة :
nindex.php?page=treesubj&link=26777ليلة القدر كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر [ القدر : 1 ] ولها أربعة أسماء : الليلة المباركة ، وليلة البراءة ، وليلة الصك ، وليلة القدر . قال عكرمة
: الليلة المباركة هنا ليلة النصف من شعبان . وقال قتادة : أنزل القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم أنزله الله - سبحانه - على نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة ، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا في البقرة عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن [ البقرة : 185 ] وقال
مقاتل : كان ينزل من اللوح كل ليلة قدر من الوحي على مقدار ما ينزل به
جبريل في السنة إلى مثلها من العام ووصف الله - سبحانه - هذه الليلة بأنها مباركة لنزول القرآن فيها وهو مشتمل على مصالح الدين والدنيا ، ولكونها تتنزل فيها الملائكة والروح كما سيأتي في سورة القدر .
ومن جملة بركتها ما ذكره الله - سبحانه - هاهنا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29015_26777فيها يفرق كل أمر حكيم ومعنى يفرق : يفصل ويبين من قولهم : فرقت الشيء أفرقه فرقا ، والأمر الحكيم : المحكم ، وذلك أن الله - سبحانه - يكتب فيها ما يكون في السنة من حياة ، وموت ، وبسط ، وقبض ، وخير ، وشر ، وغير ذلك ، كذا قال
مجاهد ،
وقتادة ،
والحسن ، وغيرهم : وهذه الجملة إما صفة أخرى لليلة وما بينهما اعتراض ، أو مستأنفة لتقرير ما قبلها .
قرأ الجمهور يفرق بضم الياء وفتح الراء مخففا ، وقرأ
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج بفتح الياء وضم الراء ونصب ( كل أمر ) ورفع ( حكيم ) على أنه الفاعل .
والحق ما ذهب إليه الجمهور من أن هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان ؛ لأن الله - سبحانه - أجملها هنا وبينها في سورة البقرة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن [ البقرة : 185 ] ، وبقوله في سورة القدر :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر [ القدر : 1 ] فلم يبق بعد هذا البيان الواضح ما يوجب الخلاف ولا ما يقتضي الاشتباه .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أمرا من عندنا قال الزجاج
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : انتصاب أمرا بـ ( يفرق ) أي : يفرق فرقا ؛ لأن أمرا بمعنى فرقا .
والمعنى : إنا نأمر ببيان ذلك ونسخه من اللوح المحفوظ ، فهو على هذا منتصب على المصدرية مثل قولك : يضرب ضربا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : أمرا في موضع المصدر ، والتقدير : أنزلناه إنزالا . وقال
الأخفش : انتصابه على الحال أي : آمرين . وقيل : هو منصوب على الاختصاص أي : أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا ، وفيه تفخيم لشأن القرآن وتعظيم له .
وقد ذكر بعض أهل العلم في انتصاب أمرا اثني عشر وجها ، أظهرها ما ذكرناه .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ( أمر ) بالرفع : أي : هو أمر
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5إنا كنا مرسلين هذه الجملة إما بدل من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا كنا منذرين أو جواب ثالث للقسم ، أو مستأنفة .
قال
الرازي : المعنى : إنا فعلنا ذلك الإنذار لأجل إنا كنا مرسلين للأنبياء .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6رحمة من ربك انتصاب رحمة على العلة أي : أنزلناه للرحمة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : إنها منتصبة على أنها مفعول لمرسلين أي : إنا كنا مرسلين رحمة . وقيل : هي مصدر في موضع الحال أي : راحمين ، قاله
الأخفش . وقرأ
الحسن ( رحمة ) بالرفع على تقدير : هي رحمة
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6إنه هو السميع لمن دعاه العليم بكل شيء .
ثم وصف - سبحانه - نفسه بما يدل على عظيم قدرته الباهرة ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7رب السماوات والأرض وما بينهما قرأ الجمهور ( رب ) بالرفع عطفا على
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6السميع العليم ، أو على أنه مبتدأ ، وخبره ( لا إله إلا هو ) ، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي : هو رب ، وقرأ الكوفيون رب بالجر على أنه بدل من ربك ، أو بيان له أو نعت
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7إن كنتم موقنين بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما ، وقد أقروه بذلك كما حكاه الله عنهم في غير موضع .
وجملة لا إله إلا هو مستأنفة مقررة لما قبلها ، أو خبر ( رب السماوات ) كما مر ، وكذلك جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8يحيي ويميت فإنها مستأنفة مقررة لما قبلها
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8ربكم ورب آبائكم الأولين قرأ الجمهور بالرفع على الاستئناف بتقدير مبتدأ أي : هو ربكم ، أو على أنه بدل من ( رب السماوات ) ، أو بيان أو نعت له ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي في رواية
الشيرازي عنه ،
وابن محيصن ،
وابن أبي إسحاق ،
وأبو حيوة ،
والحسن بالجر ، ووجه الجر ما ذكرناه في قراءة من قرأ بالجر في رب السماوات .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29015_32523_28666بل هم في شك يلعبون أضرب عن كونهم موقنين إلى كونهم في شك من التوحيد والبعث ، وفي إقرارهم بأن الله خالقهم ، وخالق سائر المخلوقات ، وأن ذلك منهم على طريقة اللعب والهزو ، ومحل ( يلعبون ) الرفع على أنه خبر ثان ، أو النصب على الحال .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29015_28762فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ؛ لأن كونهم في شك ولعب يقتضي ذلك ، والمعنى : فانتظر لهم يا
محمد يوم تأتي السماء بدخان مبين ، وقيل : المعنى : احفظ قولهم هذا لتشهد عليهم يوم تأتي السماء بدخان مبين .
وقد اختلف في هذا الدخان المذكور في الآية متى يأتي ؟ فقيل : إنه من أشراط الساعة ، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما .
وقد ثبت في الصحيح أنه من جملة العشر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة ، وقيل : إنه أمر قد مضى ، وهو ما أصاب
قريشا بدعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا ، وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما : وذلك حين دعا عليهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بسنين كسني
[ ص: 1350 ] يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، وكان الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، وقيل : إنه يوم فتح
مكة ، وسيأتي في آخر البحث بيان ما يدل على هذه الأقوال .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يغشى الناس صفة ثانية لدخان أي : يشملهم ويحيط بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11هذا عذاب أليم أي : يقولون هذا عذاب أليم ، أو قائلين ذلك ، أو يقول الله لهم ذلك .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29015_26236ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون أي : يقولون ذلك ، وقد روي أنهم أتوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقالوا : إن كشف الله عنا هذا العذاب أسلمنا ، والمراد بالعذاب الجوع الذي كان بسببه ما يرونه من الدخان ، أو يقولونه إذا رأوا الدخان الذي هو من آيات الساعة ، أو إذا رأوه يوم فتح
مكة على اختلاف الأقوال .
والراجح منها أنه الدخان الذي كانوا يتخيلونه مما نزل بهم من الجهد وشدة الجوع ، ولا ينافي ترجيح هذا ما ورد أن الدخان من آيات الساعة ، فإن ذلك دخان آخر ولا ينافيه أيضا ما قيل : إنه الذي كان يوم فتح
مكة ، فإنه دخان آخر على تقدير صحة وقوعه .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أنى لهم الذكرى أي : كيف يتذكرون ويتعظون بما نزل بهم ، " و " الحال أن قد جاءهم رسول مبين يبين لهم كل شيء يحتاجون إليه من أمر الدين والدنيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثم تولوا عنه أي : أعرضوا عن ذلك الرسول الذي جاءهم ولم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه ، بل جاوزوه
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14وقالوا معلم مجنون أي : قالوا : إنما يعلمه القرآن بشر ، وقالوا إنه مجنون ، فكيف يتذكر هؤلاء وأنى لهم الذكرى .
ثم لما دعوا الله بأن يكشف عنهم العذاب وأنه إذا كشفه عنهم آمنوا أجاب - سبحانه - عليهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفوا العذاب قليلا أي : إنا نكشفه عنهم كشفا قليلا أو زمانا قليلا ، ثم أخبر الله - سبحانه - عنهم أنهم لا ينزجرون عما كانوا عليه من الشرك ، ولا يفون بما وعدوه به من الإيمان ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنكم عائدون أي : إلى ما كنتم عليه من الشرك ، وقد كان الأمر هكذا ، فإن الله - سبحانه - لما كشف عنهم ذلك العذاب رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والعناد ، وقيل : المعنى : إنكم عائدون إلينا بالبعث والنشور ، والأول أولى .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29015_29697يوم نبطش البطشة الكبرى الظرف منصوب بإضمار اذكر ، وقيل : هو بدل من
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10يوم تأتي السماء ، وقيل : هو متعلق بـ منتقمون ، وقيل : بما دل عليه منتقمون وهو ننتقم .
والبطشة الكبرى : هي يوم
بدر ، قاله الأكثر .
والمعنى : أنهم لما عادوا إلى التكذيب والكفر بعد رفع العذاب عنهم انتقم الله منهم بوقعة
بدر .
وقال
الحسن ،
وعكرمة : المراد بها عذاب النار ، واختار هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : والأول أولى .
قرأ الجمهور ( نبطش ) بفتح النون وكسر الطاء أي : نبطش بهم ، وقرأ الحسن ،
وأبو جعفر بضم الطاء وهي لغة ، وقرأ
أبو رجاء ،
وطلحة بضم النون وكسر الطاء .
وقد أخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3في ليلة مباركة قال : أنزل القرآن في ليلة القدر ، ونزل به
جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نجوما لجواب الناس .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29015_30451_30452فيها يفرق كل أمر حكيم قال : يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق وموت ، وحياة ومطر ، حتى يكتب الحاج : يحج فلان ، ويحج فلان .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن ابن عمر
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فيها يفرق كل أمر حكيم قال : أمر السنة إلى السنة إلا الشقاء والسعادة ، فإنه في كتاب الله لا يبدل ولا يغير .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والحاكم ، وصححه ،
والبيهقي في الشعب قال : إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق ، وقد وقع اسمه في الموتى ، ثم قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا أنزلناه في ليلة مباركة الآية ، يعني ليلة القدر ، قال : ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل من موت ، أو حياة ، أو رزق ، كل أمر الدنيا يفرق تلك الليلة إلى مثلها .
وأخرج
ابن زنجويه ،
والديلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى .
وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، عن
عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس ، وهذا مرسل ، ولا تقوم به حجة ، ولا تعارض بمثله صرائح القرآن .
وما روي في هذا فهو إما مرسل أو غير صحيح .
وقد أورد ذلك صاحب الدر المنثور ، وأورد ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان ، وذلك لا يستلزم أنها المراد بقوله في ليلة مباركة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم ، وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=1021388أن قريشا لما استعصت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأبطئوا عن الإسلام قال : اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع ، فأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين الآية ، فأتي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقيل : يا رسول الله ، استسق الله لمضر ، فاستسقى لهم فسقوا ، فأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم ، فأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون فانتقم الله منهم يوم بدر ، فقد مضى البطشة ، والدخان ، واللزام .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نحو هذا من غير وجه ، وروي نحوه عن جماعة من التابعين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة قال : دخلت على ابن عباس فقال : لم أنم هذه الليلة ، فقلت لم ؟ قال : طلع الكوكب ، فخشيت أن يطرق الدخان .
قال
ابن كثير : وهذا إسناد صحيح ، وكذا صححه
السيوطي ولكن ليس فيه أنه سبب نزول الآية .
وقد عرفناك أنه لا منافاة بين كون هذه الآية نازلة في الدخان الذي كان يتراءى
لقريش من الجوع ، وبين كون الدخان من آيات الساعة وعلاماتها وأشراطها .
فقد وردت أحاديث صحاح ، وحسان ، وضعاف بذلك ، وليس فيها أنه سبب نزول الآية ، فلا حاجة بنا إلى التطويل بذكرها ، والواجب التمسك بما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن دخان
قريش عند الجهد والجوع هو سبب النزول ، وبهذا تعرف اندفاع ترجيح من رجح أنه الدخان
[ ص: 1351 ] الذي هو من أشراط الساعة كابن كثير في تفسيره ، وغيره ، وهكذا يندفع قول من قال إنه الدخان الكائن يوم فتح
مكة متمسكا بما أخرجه
ابن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : كان يوم فتح
مكة دخان ، وهو قول الله
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين فإن هذا لا يعارض ما في الصحيحين على تقدير صحة إسناده مع احتمال أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - ظن من وقوع ذلك الدخان يوم الفتح أنه المراد بالآية ، ولهذا لم يصرح بأنه سبب نزولها .
وأخرج ابن جرير ، عن
عكرمة قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : البطشة الكبرى يوم
بدر وأنا أقول هي يوم القيامة . قال
ابن كثير : وهذا إسناد صحيح .
وقال
ابن كثير قبل هذا : فسر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بيوم
بدر ، وهذا قول جماعة ممن وافق
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم ، وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16574العوفي عنه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وجماعة وهو محتمل .
والظاهر أن ذلك يوم القيامة وإن كان يوم
بدر يوم بطشة كبرى أيضا انتهى .
قلت : بل الظاهر أنه يوم
بدر ، وإن كان يوم القيامة يوم بطشة أكبر من كل بطشة ، فإن السياق مع قريش ، فتفسيره بالبطشة الخاصة بهم أولى من تفسيره بالبطشة التي تكون يوم القيامة لكل عاص من الإنس والجن .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هِيَ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ إِلَّا قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ [ الدُّخَانِ : 15 ] .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32301سُورَةَ الدُّخَانِ نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ .
وَأَخْرَجَ
التِّرْمِذِيُّ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021384مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانِ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ .
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ : غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ،
وَعَمْرُو بْنُ أَبِي خَثْعَمٍ ضَعِيفٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ .
وَأَخْرَجَ
التِّرْمِذِيُّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021385nindex.php?page=treesubj&link=28892مَنْ قَرَأَ ( حم ) الدُّخَانِ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ .
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ : غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَهِشَامُ بْنُ الْمِقْدَامِ يُضَعَّفُ ، وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، كَذَا قَالَ
أَيُّوبُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17419وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16621وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ
ابْنُ الضُّرَيْسِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَهُ ، وَمَا أَخْرَجَهُ
ابْنُ الضُّرَيْسِ ، عَنِ
الْحَسَنِ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ ، وَهُوَ مُرْسَلٌ ، وَمَا أَخْرَجَهُ
الدَّارِمِيُّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنْ
أَبِي رَافِعٍ قَالَ : مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021386مَنْ قَرَأَ سُورَةَ ( حم ) الدُّخَانِ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بِهَا بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=2وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=9بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( 16 )
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29015nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=2وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ قَدْ تَقَدَّمَ - فِي السُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ السُّورَةِ - الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مَعْنًى وَإِعْرَابًا .
[ ص: 1349 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29015_26777إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جَوَابُ الْقَسَمِ ، وَإِنْ جَعَلْتَ الْجَوَابَ ( حم ) كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ جَوَابًا لِلْقَسَمِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لِلْمُقْسَمِ بِهِ وَلَا تَكُونُ صِفَةُ الْمُقْسَمِ بِهِ جَوَابًا لِلْقَسَمِ ، وَقَالَ : الْجَوَابُ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَقِيلَ : إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ جَوَابٌ ثَانٍ ، أَوْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِلْإِنْزَالِ ، وَفِي حُكْمِ الْعِلَّةِ لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِنَا الْإِنْذَارَ ، وَالضَّمِيرُ فِي أَنْزَلْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ الْمُبِينِ وَهُوَ الْقُرْآنُ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ سَائِرُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( أَنْزَلْنَاهُ ) رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَقْسَمَ بِسَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
وَاللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26777لَيْلَةُ الْقَدْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [ الْقَدْرِ : 1 ] وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ : اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ ، وَلَيْلَةُ الْبَرَاءَةِ ، وَلَيْلَةُ الصَّكِّ ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ . قَالَ عِكْرِمَةُ
: اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ هُنَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ . وَقَالَ قَتَادَةُ : أُنْزِلَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ أَنْزَلَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي هَذَا فِي الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [ الْبَقَرَةِ : 185 ] وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : كَانَ يَنْزِلُ مِنَ اللَّوْحِ كُلَّ لَيْلَةِ قَدْرٌ مِنَ الْوَحْيِ عَلَى مِقْدَارِ مَا يَنْزِلُ بِهِ
جِبْرِيلُ فِي السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ وَوَصَفَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَلِكَوْنِهَا تَتَنَزَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْقَدْرِ .
وَمِنْ جُمْلَةِ بَرَكَتِهَا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - هَاهُنَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29015_26777فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَمَعْنَى يُفْرَقُ : يُفْصَلُ وَيُبَيَّنُ مِنْ قَوْلِهِمْ : فَرَقْتُ الشَّيْءَ أَفْرُقُهُ فَرْقًا ، وَالْأَمْرُ الْحَكِيمُ : الْمُحْكَمُ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - يَكْتُبُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ حَيَاةٍ ، وَمَوْتٍ ، وَبَسْطٍ ، وَقَبْضٍ ، وَخَيْرٍ ، وَشَرٍّ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالْحَسَنُ ، وَغَيْرُهُمْ : وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ إِمَّا صِفَةٌ أُخْرَى لِلَيْلَةِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُفْرَقُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَنَصْبِ ( كُلُّ أَمْرٍ ) وَرَفْعِ ( حَكِيمٍ ) عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ .
وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - أَجْمَلَهَا هُنَا وَبَيَّنَهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [ الْبَقَرَةِ : 185 ] ، وَبِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْقَدْرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [ الْقَدْرِ : 1 ] فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ مَا يُوجِبُ الْخِلَافَ وَلَا مَا يَقْتَضِي الِاشْتِبَاهَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا قَالَ الزَّجَّاجُ
nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : انْتِصَابُ أَمْرًا بِـ ( يُفْرَقُ ) أَيْ : يُفْرَقُ فَرْقًا ؛ لِأَنَّ أَمْرًا بِمَعْنَى فَرْقًا .
وَالْمَعْنَى : إِنَّا نَأْمُرُ بِبَيَانِ ذَلِكَ وَنَسْخِهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مُنْتَصِبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ مِثْلُ قَوْلِكَ : يَضْرِبُ ضَرْبًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : أَمْرًا فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ ، وَالتَّقْدِيرُ : أَنْزَلْنَاهُ إِنْزَالًا . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : انْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ أَيْ : آمِرِينَ . وَقِيلَ : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَيْ : أَعْنِي بِهَذَا الْأَمْرِ أَمْرًا حَاصِلًا مِنْ عِنْدِنَا ، وَفِيهِ تَفْخِيمٌ لِشَأْنِ الْقُرْآنِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ .
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي انْتِصَابِ أَمْرًا اثْنَيْ عَشَرَ وَجْهًا ، أَظْهَرُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ( أَمْرٌ ) بِالرَّفْعِ : أَيْ : هُوَ أَمْرٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ إِمَّا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ أَوْ جَوَابٌ ثَالِثٌ لِلْقَسَمِ ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ .
قَالَ
الرَّازِيُّ : الْمَعْنَى : إِنَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ الْإِنْذَارَ لِأَجْلِ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ لِلْأَنْبِيَاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ انْتِصَابُ رَحْمَةٍ عَلَى الْعِلَّةِ أَيْ : أَنْزَلْنَاهُ لِلرَّحْمَةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : إِنَّهَا مُنْتَصِبَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ لِمُرْسِلِينَ أَيْ : إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً . وَقِيلَ : هِيَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ : رَاحِمِينَ ، قَالَهُ
الْأَخْفَشُ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ( رَحْمَةٌ ) بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ : هِيَ رَحْمَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لِمَنْ دَعَاهُ الْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ .
ثُمَّ وَصَفَ - سُبْحَانَهُ - نَفْسَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( رَبُّ ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=6السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرَهُ ( لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : هُوَ رَبٌّ ، وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ رَبِّ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ رَبِّكَ ، أَوْ بَيَانٌ لَهُ أَوْ نَعْتٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=7إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بِأَنَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَقَدْ أَقَرُّوهُ بِذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
وَجُمْلَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا ، أَوْ خَبَرُ ( رَبِّ السَّمَاوَاتِ ) كَمَا مَرَّ ، وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِنَّهَا مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=8رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أَيْ : هُوَ رَبُّكُمْ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ( رَبِّ السَّمَاوَاتِ ) ، أَوْ بَيَانٌ أَوْ نَعْتٌ لَهُ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ فِي رِوَايَةِ
الشِّيرَازِيِّ عَنْهُ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
وَالْحَسَنُ بِالْجَرِّ ، وَوَجْهُ الْجَرِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالْجَرِّ فِي رَبِّ السَّمَاوَاتِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29015_32523_28666بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ أَضْرَبَ عَنْ كَوْنِهِمْ مُوقِنِينَ إِلَى كَوْنِهِمْ فِي شَكٍّ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ ، وَفِي إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ ، وَخَالِقُ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّعِبِ وَالْهَزْوِ ، وَمَحَلُّ ( يَلْعَبُونَ ) الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ ، أَوِ النُّصْبُ عَلَى الْحَالِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29015_28762فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ الْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُمْ فِي شَكٍّ وَلَعِبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى : فَانْتَظِرْ لَهُمْ يَا
مُحَمَّدُ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى : احْفَظْ قَوْلَهُمْ هَذَا لِتَشْهَدَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الدُّخَانِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ مَتَى يَأْتِي ؟ فَقِيلَ : إِنَّهُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَشْرِ الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ أَمْرٌ قَدْ مَضَى ، وَهُوَ مَا أَصَابَ
قُرَيْشًا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ دُخَانًا ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : وَذَلِكَ حِينَ دَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِسِنِينَ كَسِنِي
[ ص: 1350 ] يُوسُفَ ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ يَوْمُ فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَحْثِ بَيَانُ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11يَغْشَى النَّاسَ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِدُخَانٍ أَيْ : يَشْمَلُهُمْ وَيُحِيطُ بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=11هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ أَيْ : يَقُولُونَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، أَوْ قَائِلِينَ ذَلِكَ ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29015_26236رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أَيْ : يَقُولُونَ ذَلِكَ ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا : إِنْ كَشَفَ اللَّهُ عَنَّا هَذَا الْعَذَابَ أَسْلَمْنَا ، وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الْجُوعُ الَّذِي كَانَ بِسَبَبِهِ مَا يَرَوْنَهُ مِنَ الدُّخَانِ ، أَوْ يَقُولُونَهُ إِذَا رَأَوُا الدُّخَانَ الَّذِي هُوَ مِنْ آيَاتِ السَّاعَةِ ، أَوْ إِذَا رَأَوْهُ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ .
وَالرَّاجِحُ مِنْهَا أَنَّهُ الدُّخَانُ الَّذِي كَانُوا يَتَخَيَّلُونَهُ مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ وَشِدَّةِ الْجُوعِ ، وَلَا يُنَافِي تَرْجِيحُ هَذَا مَا وَرَدَ أَنَّ الدُّخَانَ مِنْ آيَاتِ السَّاعَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ دُخَانٌ آخَرُ وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا قِيلَ : إِنَّهُ الَّذِي كَانَ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ ، فَإِنَّهُ دُخَانٌ آخَرُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ وُقُوعِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى أَيْ : كَيْفَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ بِمَا نَزَلَ بِهِمْ ، " وَ " الْحَالُ أَنْ قَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ يُبَيِّنُ لَهُمْ كُلَّ شَيْءٍ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ أَيْ : أَعْرَضُوا عَنْ ذَلِكَ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَهُمْ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ ، بَلْ جَاوَزُوهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=14وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أَيْ : قَالُوا : إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ بَشَرٌ ، وَقَالُوا إِنَّهُ مَجْنُونٌ ، فَكَيْفَ يَتَذَكَّرُ هَؤُلَاءِ وَأَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى .
ثُمَّ لَمَّا دَعَوُا اللَّهَ بِأَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَأَنَّهُ إِذَا كَشَفَهُ عَنْهُمْ آمَنُوا أَجَابَ - سُبْحَانَهُ - عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا أَيْ : إِنَّا نَكْشِفُهُ عَنْهُمْ كَشْفًا قَلِيلًا أَوْ زَمَانًا قَلِيلًا ، ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَنْزَجِرُونَ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ ، وَلَا يَفُونَ بِمَا وَعَدُوهُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّكُمْ عَائِدُونَ أَيْ : إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ ، وَقَدْ كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا ، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - لَمَّا كَشَفَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابَ رَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى : إِنَّكُمْ عَائِدُونَ إِلَيْنَا بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29015_29697يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى الظَّرْفُ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ اذْكُرْ ، وَقِيلَ : هُوَ بَدَلٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ ، وَقِيلَ : هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِـ مُنْتَقِمُونَ ، وَقِيلَ : بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مُنْتَقِمُونَ وَهُوَ نَنْتَقِمُ .
وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى : هِيَ يَوْمُ
بَدْرٍ ، قَالَهُ الْأَكْثَرُ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ لَمَّا عَادُوا إِلَى التَّكْذِيبِ وَالْكُفْرِ بَعْدَ رَفْعِ الْعَذَابِ عَنْهُمُ انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ بِوَقْعَةِ
بَدْرٍ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ ،
وَعِكْرِمَةُ : الْمُرَادُ بِهَا عَذَابُ النَّارِ ، وَاخْتَارَ هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( نَبْطِشُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ : نَبْطِشُ بِهِمْ ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ بِضَمِّ الطَّاءِ وَهِيَ لُغَةٌ ، وَقَرَأَ
أَبُو رَجَاءٍ ،
وَطَلْحَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الطَّاءِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ قَالَ : أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَنَزَلَ بِهِ
جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نُجُومًا لِجَوَابِ النَّاسِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29015_30451_30452فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قَالَ : يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ وَمَوْتٍ ، وَحَيَاةٍ وَمَطَرٍ ، حَتَّى يُكْتَبَ الْحَاجُّ : يَحُجُّ فُلَانٌ ، وَيَحُجُّ فُلَانٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قَالَ : أَمْرُ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ ، فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا يُبَدَّلُ وَلَا يُغَيَّرُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَالْحَاكِمُ ، وَصَحَّحَهُ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ قَالَ : إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى ، ثُمَّ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ الْآيَةَ ، يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، قَالَ : فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ مِنْ مَوْتٍ ، أَوْ حَيَاةٍ ، أَوْ رِزْقٍ ، كُلُّ أَمْرِ الدُّنْيَا يُفْرَقُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى مِثْلِهَا .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ زَنْجَوَيْهِ ،
وَالدَّيْلَمِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
تُقْطَعُ الْآجَالُ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى شَعْبَانَ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهُ وَقَدْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى .
وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ ، وَهَذَا مُرْسَلٌ ، وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ، وَلَا تُعَارَضُ بِمِثْلِهِ صَرَائِحُ الْقُرْآنِ .
وَمَا رُوِيَ فِي هَذَا فَهُوَ إِمَّا مُرْسَلٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ .
وَقَدْ أَوْرَدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ، وَأَوْرَدَ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1021388أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَبْطَئُوا عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ الْآيَةَ ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ ، فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَسُقُوا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=16يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَقَدْ مَضَى الْبَطْشَةُ ، وَالدُّخَانُ ، وَاللِّزَامُ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَالْحَاكِمُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : لَمْ أَنَمْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، فَقُلْتُ لِمَ ؟ قَالَ : طَلَعَ الْكَوْكَبُ ، فَخَشِيتُ أَنْ يَطْرُقَ الدُّخَانُ .
قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ
السُّيُوطِيُّ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ .
وَقَدْ عَرَّفْنَاكَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ هَذِهِ الْآيَةِ نَازِلَةً فِي الدُّخَانِ الَّذِي كَانَ يَتَرَاءَى
لِقُرَيْشٍ مِنَ الْجُوعِ ، وَبَيْنَ كَوْنِ الدُّخَانِ مِنْ آيَاتِ السَّاعَةِ وَعَلَامَاتِهَا وَأَشْرَاطِهَا .
فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ، وَحِسَانٌ ، وَضِعَافٌ بِذَلِكَ ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى التَّطْوِيلِ بِذِكْرِهَا ، وَالْوَاجِبُ التَّمَسُّكُ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ دُخَانَ
قُرَيْشٍ عِنْدَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ هُوَ سَبَبُ النُّزُولِ ، وَبِهَذَا تَعْرِفُ انْدِفَاعَ تَرْجِيحِ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهُ الدُّخَانُ
[ ص: 1351 ] الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَابْنِ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَغَيْرِهِ ، وَهَكَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ الدُّخَانُ الْكَائِنُ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ مُتَمَسِّكًا بِمَا أَخْرَجَهُ
ابْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ دُخَانٌ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=10فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يُعَارِضُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ظَنَّ مِنْ وُقُوعِ ذَلِكَ الدُّخَانِ يَوْمَ الْفَتْحِ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ ، وَلِهَذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِهَا .
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : الْبَطْشَةُ الْكُبْرَى يَوْمَ
بَدْرٍ وَأَنَا أَقُولُ هِيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ . قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ قَبْلَ هَذَا : فَسَّرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ بِيَوْمِ
بَدْرٍ ، وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ وَافَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى تَفْسِيرِهِ الدُّخَانَ بِمَا تَقَدَّمَ ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16574الْعَوْفِيِّ عَنْهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ
بَدْرٍ يَوْمَ بَطْشَةٍ كُبْرَى أَيْضًا انْتَهَى .
قُلْتُ : بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَوْمُ
بَدْرٍ ، وَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمَ بَطْشَةٍ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ بَطْشَةٍ ، فَإِنَّ السِّيَاقَ مَعَ قُرَيْشٍ ، فَتَفْسِيرُهُ بِالْبَطْشَةِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْبَطْشَةِ الَّتِي تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِكُلِّ عَاصٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ .