( الثاني ) : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28914مبنى الفواصل على الوقف ، ولهذا شاع مقابلة المرفوع بالمجرور وبالعكس ، وكذا المفتوح والمنصوب غير المنون ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11إنا خلقناهم من طين لازب ) ( الصافات : 11 ) مع تقدم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9عذاب واصب ) ( الآية : 9 ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10شهاب ثاقب ) ( الآية : 10 ) ، وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11بماء منهمر ) ( القمر : 11 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12قد قدر ( الآية : 12 ) ، وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وما لهم من دونه من وال ) ( الرعد : 11 ) مع (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وينشئ السحاب الثقال ) ( الآية : 12 ) .
وعبارة
السكاكي قد تعطي اشتراط كون السجع يشترط فيه الموافقة في الإعراب لما قبله على تقدير عدم الوقوف عليه ، كما يشترط ذلك في الشعر . وبه صرح
ابن الخشاب [ ص: 164 ] معترضا على قول
الحريري في المقامة التاسعة والعشرين :
يا صارفا عني المـ ودة والزمان له صروف ومعنفي في فضح من
جاوزت تعنيف العسوف لا تلحني فيما أتيـ
ـت فإنني بهم عروف ولقد نزلت بهم فلم
أرهم يراعون الضيوف وبلوتهم فوجدتهم لما سبكتهم زيوف
ألا ترى أنك إذا أطلقت ظهر الأول والثالث مرفوعين والرابع والخامس منصوبين والثاني مجرورا ، وكذا باقي القصيدة .
والصواب أن ذلك ليس بشرط لما سبق ، ولا شك أن كلمة الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفا عليها ؛ لأن الغرض المجانسة بين القرائن والمزاوجة ، ولا يتم ذلك إلا بالوقف ، ولو وصلت لم يكن بد من إجراء كل القرائن على ما يقتضيه حكم الإعراب ، فعطلت عمل الساجع وفوت غرضهم .
وإذا رأيتهم يخرجون الكلم عن أوضاعها لغرض الازدواج فيقولون : " آتيك بالغدايا والعشايا " مع أن فيه ارتكابا لما يخالف اللغة ، فما ظنك بهم في ذلك .
( الثَّانِي ) : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28914مَبْنَى الْفَوَاصِلِ عَلَى الْوَقْفِ ، وَلِهَذَا شَاعَ مُقَابَلَةُ الْمَرْفُوعِ بِالْمَجْرُورِ وَبِالْعَكْسِ ، وَكَذَا الْمَفْتُوحُ وَالْمَنْصُوبُ غَيْرُ الْمَنَوَّنِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ) ( الصَّافَّاتِ : 11 ) مَعَ تَقَدُّمِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9عَذَابٌ وَاصِبٌ ) ( الْآيَةَ : 9 ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) ( الْآيَةَ : 10 ) ، وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ) ( الْقَمَرِ : 11 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12قَدْ قُدِرَ ( الْآيَةَ : 12 ) ، وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) ( الرَّعْدِ : 11 ) مَعَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ) ( الْآيَةَ : 12 ) .
وَعِبَارَةُ
السَّكَّاكِيِّ قَدْ تُعْطِي اشْتِرَاطَ كَوْنِ السَّجْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِعْرَابِ لِمَا قَبْلَهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ ، كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ . وَبِهِ صَرَّحَ
ابْنُ الْخَشَّابِ [ ص: 164 ] مُعْتَرِضًا عَلَى قَوْلِ
الْحَرِيرِيِّ فِي الْمَقَامَةِ التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ :
يَا صَارِفًا عَنِّي الْمَـ وَدَّةَ وَالزَّمَانُ لَهُ صُرُوفْ وَمُعَنِّفِي فِي فَضْحِ مَنْ
جَاوَزْتُ تَعْنِيفَ الْعَسُوفْ لَا تَلْحَنِي فِيمَا أَتَيْـ
ـتُ فَإِنَّنِي بِهِمُ عَرُوفْ وَلَقَدْ نَزَلْتُ بِهِمْ فَلَمْ
أَرَهُمْ يُرَاعُونَ الضُّيُوفْ وَبَلَوْتُهُمْ فَوَجَدْتُهُمْ لَمَّا سَبَكْتُهُمُ زُيُوفْ
أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا أَطْلَقْتَ ظَهَرَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ مَرْفُوعَيْنِ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مَنْصُوبَيْنِ وَالثَّانِي مَجْرُورًا ، وَكَذَا بَاقِي الْقَصِيدَةِ .
وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِمَا سَبَقَ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَلِمَةَ الْأَسْجَاعِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ سَاكِنَةَ الْأَعْجَازِ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمُجَانَسَةُ بَيْنَ الْقَرَائِنِ وَالْمُزَاوَجَةُ ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا بِالْوَقْفِ ، وَلَوْ وُصِلَتْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِجْرَاءِ كُلِّ الْقَرَائِنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حُكْمُ الْإِعْرَابِ ، فَعَطَّلْتَ عَمَلَ السَّاجِعِ وَفَوَّتَّ غَرَضَهُمْ .
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ يُخْرِجُونَ الْكَلِمَ عَنْ أَوْضَاعِهَا لِغَرَضِ الِازْدِوَاجِ فَيَقُولُونَ : " آتِيكَ بِالْغَدَايَا وَالْعَشَايَا " مَعَ أَنَّ فِيهِ ارْتِكَابًا لِمَا يُخَالِفُ اللُّغَةَ ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ .