فصل
فيما كتبت الألف فيه واوا على لفظ التفخيم
وذلك في أربعة أصول مطردة ، وأربعة أحرف متفرعة .
فالأربعة الأصول هي : " " الصلوة " " ( البقرة : 3 ) ، و " " الزكوة " " ( البقرة : 43 ) ، و " " الحيوة " " ( البقرة : 85 ) ، و " " الربوا " " ( البقرة : 275 ) .
والأربعة الأحرف قوله في الأنعام والكهف : " " بالغدوة " " والنور : " " كمشكوة " " ( الآية : 35 ) ، وفى المؤمن : " " النجوة " " ( غافر : 41 ) وفى النجم : " " ومنوة " " ( الآية : 20 ) .
فأما قوله : وما كان صلاتهم ( الأنفال : 35 ) ، إن صلاتي ( الأنعام : 162 ) ، حياتنا الدنيا ( الأنعام : 29 ) ، وما آتيتم من ربا ( الروم : 39 ) ، فالرسم بالألف في الكل .
[ ص: 39 ] والقصد بذلك تعظيم شأن هذه الأحرف ; فإن الصلاة والزكاة عمودا الإسلام ، والحياة قاعدة النفس ، ومفتاح البقاء ، وترك الربا قاعدة الأمان ، ومفتاح التقوى ، ولهذا قال : " " اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا " " ( البقرة : 278 ) ، إلى قوله : فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ( البقرة : 279 ) ، ويشتمل على أنواع الحرام ، وأنواع الخبائث ، وضروب المفاسد ; وهو نقيض الزكاة ; ولهذا قوبل بينهما في قوله : " " يمحق الله الربوا ويربي الصدقات " " ( البقرة : 276 ) واجتنابه أصل في التصرفات المالية ، وإنما كتبت بالألف في سورة الروم لأنه ليس العام الكلي ; لأن الكلي منفي في حكم الله عليه بالتحريم وفي نفي الكلي نفي جميع جزئياته .
فإن قلت : فلم كتب ( الزكوة ) هنا بالواو ؟ وهلا جرت على نظم ما قبلها من قوله : وما آتيتم من ربا ( الروم : 39 ) ؟ . قلت : لأن المراد بها الكلية في حكم الله ، ولذلك قال : فأولئك هم المضعفون ( الروم : 39 ) .
وأما كتاب " " النجوة " " ( غافر : 41 ) بالواو فلأنها قاعدة الطاعات ومفتاح السعادات ، قال الله تعالى : " " ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجوة " " ( غافر : 41 ) .
وأما الغدوة : فقاعدة الأزمان ، ومبدأ تصرف الإنسان ; مشتقة من الغدو .
وأما المشكوة : فقاعدة الهداية ، ومفتاح الولاية ، قال الله تعالى : يهدي الله لنوره من يشاء ( النور : 35 ) .
وأما منوة : فقاعدة الضلال ، ومفتاح الشرك والإضلال وقد وصفها الله بوصفين : أحدهما : يدل على تكثيرهم الإله من مثنى ومثلث . والثاني : يدل على الاختلاف والتغاير . فمن معطل ومشبه ، تعالى الإله عما يقولون !