فائدة
قال في شرح ( رسالة أبو بكر الصيرفي ) : الشافعي أن كل كلام صح أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض ، وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة على حسب ما [ ص: 183 ] تقتضيه الأسماء ، ولن يوجد في الكتاب ولا في السنة شيء من ذلك أبدا ; وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين ، بأن يوجب حكما ثم يحله أو يحرمه ، وهذا لا تناقض فيه وتناقض الكلام لا يكون إلا في إثبات ما نفي ، أو نفي ما أثبت ، بحيث يشترك المثبت والمنفي في الاسم والحدث والزمان والأفعال والحقيقة ; فلو كان الاسم حقيقة في أحدهما ، وفي الآخر مستعارا ، ونفي أحدهما ، وأثبت الآخر لم يعد تناقضا . جماع الاختلاف والتناقض
هذا كله في الأسماء ، وأما المعاني وهو باب القياس ، فكل من أوجد علة وحررها ، وأوجب بها حكما من الأحكام ، ثم ادعى تلك العلة بعينها فيما يأباه الحكم ، فقد تناقض ; فإن رام الفرق لم يسمع منه ; لأنه في فرقه تناقض ، والزيادة في العلة نقص ، أو تقصير عن تحريرها في الابتداء ، وليس هذا على السائل .
وكل مسألة يسأل عنها فلا تخلو من أحد وجهين : إما أن يسأل فيما يستحق الجواب عنه أو لا ، فأما المستحق للجواب فهو ما يمكن كونه ويجوز ، وأما ما استحال كونه فلا يستحق جوابا ; لأن من علم أنه لا يجتمع القيام والقعود ، فسأل : هل يكون الإنسان قائما منتصبا جالسا في حال واحدة ؟ فقد أحال وسأل عن محال ، فلا يستحق الجواب . فإن كان لا يعرف القيام والقعود عرف ، فإذا عرفه فقد استحال عنده ما سأله .
قال : وقد رأيت كثيرا مما يتعاطى العلم يسأل عن المحال - ولا يدري أنه محال - ويجاب عنه ، والآفات تدخل على هؤلاء لقلة علمهم بحق الكلام .