الثالث : التوشيح
وسمي به لكون نفس الكلام يدل على آخره ، نزل المعنى منزلة الوشاح ، ونزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح ؛ ولهذا قيل فيه : إن الفاصلة تعلم قبل ذكرها .
وسماه ابن وكيع " المطمع " ؛ لأن صدره مطمع في عجزه كقوله تعالى : ( ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) ( المؤمنون : 14 ) .
وقوله : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) ( آل عمران : 33 ) ، [ ص: 185 ] فإن معنى اصطفاء المذكورين يعلم منه الفاصلة ; إذ المذكورون نوع من جنس العالمين .
وقوله : ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ) ( يس : 37 ) ، فإنه من كان حافظا لهذه السورة متيقظا إلى أن مقاطع فواصلها النون المردفة ، وسمع في صدر هذه الآية : ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) علم أن الفاصلة ( مظلمون ) ، فإن من انسلخ النهار عن ليله أظلم ما دامت تلك الحال .
وقوله : ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) ( الزلزلة : 6 - 8 ) ، فإن قوله : ( ليروا أعمالهم ) يدل على التقسيم .
وقوله : ( وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ( الملك : 13 - 14 ) .
وقوله : ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير ) ( البقرة : 20 ) .