الثامن : . نحو : خطاب المدح ياأيها الذين آمنوا ( البقرة : 104 ) وهذا وقع خطابا لأهل المدينة الذين آمنوا وهاجروا ، تمييزا لهم عن أهل مكة ، وقد سبق أن كل آية فيها : ياأيها الناس ( البقرة : 21 ) لأهل مكة ، وحكمة ذلك أنه يأتي بعد ياأيها الناس الأمر بأصل الإيمان ، ياأيها الذين آمنوا الأمر بتفاصيل الشريعة ، وإن جاء بعدها الأمر بالإيمان كان من قبيل الأمر بالاستصحاب . ويأتي بعد
وقوله - تعالى - : وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ( النور : 31 ) قيل يرد الخطاب بذلك باعتبار الظاهر عند المخاطب ؛ وهم المنافقون ؛ فإنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان ، كما قال - سبحانه - : قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ( المائدة : 41 ) . وقد جوز في تفسير سورة المجادلة في قوله - تعالى - : الزمخشري ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم ( الآية : 12 ) [ ص: 358 ] أن يكون خطابا للمنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ، وأن يكون للمؤمنين .
ومن هذا النوع الخطاب بـ ياأيها النبي ( الأنفال : 64 ) ، ياأيها الرسول ( المائدة : 41 ) ولهذا كقوله في مقام الأمر بالتشريع العام : تجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول ، وكذا عكسه ، ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ( المائدة : 67 ) وفي مقام الخاص : ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ( التحريم : 1 ) ومثله : إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ( الأحزاب : 50 ) .
وتأمل قوله : لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات : 1 ) في مقام الإقتداء بالكتاب والسنة ثم قال : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات : 2 ) فكأنه جمع له المقامين : معنى النبوة والرسالة ، تعديدا للنعم في الحالين .
وقريب منه في المضاف إلى الخاص : يانساء النبي لستن كأحد من النساء ( الأحزاب : 32 ) ولم يقل يا نساء الرسول لما قصد اختصاصهن عن بقية الأمة .
كقوله : وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام ، لكن مع قرينة إرادة التعميم ياأيها النبي إذا طلقتم النساء ( الطلاق : 1 ) ولم يقل " طلقت " .