ومنه : ومكروا ومكر الله ( آل عمران : 54 ) تجوز بلفظ المكر عن عقوبته لأنه سبب لها .
ومنه قوله : أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ( البقرة : 282 ) إنما جعلت المرأتان للتذكير إذا وقع الضلال لا ليقع الضلال ؛ فلما كان الضلال سببا للتذكير أقيم مقامه .
ومنه إطلاق اسم الكتاب على الحفظ ؛ أي المكتوب فإن الكتابة سبب له ، كقوله [ ص: 382 ] تعالى : سنكتب ما قالوا ( آل عمران : 181 ) أي سنحفظه حتى يجازيهم عليه .
ومنه إطلاق اسم السمع على القبول ، كقوله - تعالى - : ما كانوا يستطيعون السمع ( هود : 20 ) أي ما كانوا يستطيعون قبول ذلك والعمل به ؛ لأن قبول الشيء مرتب على سماعه ومسبب عنه . ويجوز أن يكون في نفي السمع لابتغاء فائدته . ومنه قول الشاعر :
وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها فليس لمخضوب البنان يمين
أي وفاء يمين .ومنه إطلاق الإيمان على ما نشأ عنه من الطاعة ، كقوله - تعالى - : وما كان الله ليضيع إيمانكم ( البقرة : 143 ) . أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ( البقرة : 85 ) أي أفتعلمون ببعض التوراة وهو فداء الأسارى ، وتتركون العمل ببعض وهو قتل إخوانهم وإخراجهم من ديارهم .
وجعل الشيخ عز الدين من الأنواع نسبة الفعل إلى سبب سببه ، كقوله - تعالى - : فأخرجهما مما كانا فيه ( البقرة : 36 ) أي كما أخرج أبويكم فلا يخرجنكما من الجنة : ينزع عنهما لباسهما ( الأعراف : 27 ) المخرج والنازع في الحقيقة هو الله - عز وجل - ، وسبب ذلك أكل الشجرة ، وسبب أكل الشجرة وسوسة الشيطان ومقاسمته على أنه من الناصحين . وقد مثل البيانيون بهذه الآية للسبب وإنما هي لسبب السبب . وقوله : وأحلوا قومهم دار البوار ( إبراهيم : 28 ) لما أمروهم بالكفر الموجب لحلول النار .