الثالث والعشرون : . إما على [ ص: 404 ] التشبيه ، كقوله - تعالى - : إضافة الفعل إلى ما ليس بفاعل له في الحقيقة جدارا يريد أن ينقض ( الكهف : 77 ) فإنه شبه ميله للوقوع بشبه المريد له .
وإما لأنه وقع فيه ذلك الفعل ، كقوله - تعالى - : الم غلبت الروم ( الروم : 1 و 2 ) فالغلبة واقعة بهم من غيرهم ، ثم قال : وهم من بعد غلبهم سيغلبون ( الروم : 3 ) فأضاف الغلب إليهم ، وإنما كان كذلك ؛ لأن الغلب وإن كان لغيرهم ، فهو متصل بهم لوقوعه بهم .
ومثله : وآتى المال على حبه ( البقرة : 177 ) ، ويطعمون الطعام على حبه ( الإنسان : 8 ) فالحب في الظاهر مضاف إلى الطعام والمال ، وهو في الحقيقة لصاحبهما .
ومثله : ولمن خاف مقام ربه جنتان ( الرحمن : 46 ) ، ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ( إبراهيم : 14 ) أي مقامه بين يدي .
وإما لوقوعه فيه كقوله - تعالى - : يوما يجعل الولدان شيبا ( المزمل : 17 ) . وإما لأنه سببه ، كقوله - تعالى - : فزادتهم إيمانا ( التوبة : 124 ) ، وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ( فصلت : 23 ) ، ينزع عنهما لباسهما ( الأعراف : 27 ) ، وأحلوا قومهم دار البوار ( إبراهيم : 28 ) كما تقدم في أمثلة المجاز العقلي .
وقد يقال : إن النزع والإحلال يعبر بهما عن فعل ما أوجبهما ، فالمجاز إفرادي لا إسنادي .
وقوله - تعالى - : يوما يجعل الولدان شيبا ( المزمل : 17 ) أي يجعل هوله : فهو من مجاز الحذف .