الأول : التأكيد بـ " إن " قال - تعالى - : ياأيها الناس إن وعد الله حق ( فاطر : 5 ) وقوله - تعالى - : اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ( الحج : 1 ) وهي أقوى من التأكيد باللام ، كما قاله عبد القاهر في دلائل الإعجاز ، قال : وأكثر مواقع " إن " بحكم الاستقراء هو الجواب ؛ لكن بشرط " إن " يكون للسائل فيه ظن بخلاف ما أنت تجيبه به ؛ فإما أن تجعل مرد الجواب أصلا فيها فلا ؛ لأنه يؤدي إلى قولك : صالح في جواب : كيف زيد ؟ حتى تقول : إنه صالح ، ولا قائل به ، بخلاف اللام فإنه لا يلحظ فيها غير أصل الجواب .
[ ص: 504 ] وقد يجيء مع التأكيد في تقدير سؤال السائل إذا تقدمها من الكلام ما يلوح نفسه للنفس ، كقوله - تعالى - : اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ( الحج : 1 ) أمرهم بالتقوى ثم علل وجوبها مجيبا لسؤال مقدر بذكر الساعة واصفا لها بأهول وصف ، ليقرر عليه الوجوب .
وكذا قوله - تعالى - : ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( هود : 37 ) أي لا تدعني في شأنهم واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك ، لأنهم محكوم عليهم بالإغراق ، وقد جف به القلم فلا سبيل إلى كفه عنهم .
ومثله في النهي عن الدعاء لمن وجبت شقاوته قوله - تعالى - : ياإبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ( هود : 76 ) .
ومنه قوله - تعالى - : وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم ( يوسف : 53 ) فإن قوله تعالى : وما أبرئ نفسي أورث للمخاطب حيرة : كيف لا ينزه نفسه مع كونها مطمئنة زكية ! فأزال حيرته بقوله - تعالى - : إن النفس لأمارة في جميع الأشخاص ( بالسوء ) إلا المعصوم . وكذا قوله - تعالى - : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ( التوبة : 103 ) .
واعلم أن الأولى مفيدة للتعليل وجواب سؤال مقدر ؛ فإن الفاء يصح أن تقوم فيها مقام " إن " مفيدة للتعليل ، حسن تجريدها عن كونها جوابا للسؤال المقدر ، كما سبق من الأمثلة . كل جملة صدرت بـ إن لإظهار فائدة ،
وإن صدرت لإظهار فائدة الأولى لم يصح قيام الفاء مقامها كقوله : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( الأنبياء : 101 ) بعد قوله : لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ( الأنبياء : 100 ) .
ومن فوائدها تحسين ضمير الشأن معها إذا فسر بالجملة الشرطية ما لا يحسن بدونها كقوله : إنه من يتق ويصبر ( يوسف : 90 ) ، أنه من يحادد الله ورسوله ( التوبة : 63 ) ، أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ( الأنعام : 54 ) ، إنه لا يفلح الكافرون [ ص: 505 ] ( المؤمنون : 117 ) وأما حسنه بدونها في قوله - تعالى - : قل هو الله أحد ( الإخلاص : 1 ) فلفوات الشرط .
الثاني : " أن " المفتوحة ، نحو : علمت أن زيدا قائم ، وهي حرف مؤكد كالمكسورة ؛ نص عليه النحاة ، واستشكله بعضهم قال : لأنك لو صرحت بالمصدر المنسبك منها لم يفد توكيدا ؛ ويقال : التوكيد للمصدر المنحل لأن محلها مع ما بعدها المفرد ؛ وبهذا يفرق بينها وبين " إن " المكسورة ؛ فإن التأكيد في المكسورة للإسناد ، وهذه لأحد الطرفين .
الثالث : " كأن " وفيها التشبيه المؤكد إن كانت بسيطة ، وإن كانت مركبة من كاف التشبيه و أن فهي متضمنة ، لأن فيها ما سبق وزيادة .
قال : والفصل بينه وبين الأصل - أي بين قولك : كأنه أسد ، وبين : أنه كالأسد ، أنك مع كأن بان على التشبيه من أول الأمر ، وثم بعد مضي صدره على الإثبات . الزمخشري
وقال الإمام في نهاية الإيجاز : اشترك الكاف ، وكأن في الدلالة على التشبيه ، وكأن أبلغ ، وبذلك جزم حازم في منهاج البلغاء ، وقال : وهي إنما تستعمل حيث يقوى الشبه ؛ حتى يكاد الرائي يشك في أن المشبه هو المشبه به أو غيره ، ولذلك قالت بلقيس : كأنه هو ( النمل : 42 ) .
الرابع : لكن لتأكيد الجمل ، ذكره ابن عصفور ، والتنوخي في [ ص: 506 ] الأقصى : وقيل للتأكيد مع الاستدراك . وقيل : للاستدراك المجرد ، وهي أن يثبت لما بعدها حكم يخالف ما قبلها ؛ ومثلها " ليت " ، ولعل ، و " لعن " في لغة بني تميم ؛ لأنهم يبدلون همزة أن المفتوحة عينا ؛ وممن ذكر أنها من المؤكدات : التنوخي .
الخامس : لام الابتداء نحو : إن ربي لسميع الدعاء ( إبراهيم : 39 ) وهي تفيد تأكيد مضمون الجملة ، ولهذا زحلقوها في باب " إن " عن صدر الجملة كراهية ابتداء الكلام بمؤكدين ، ولأنها تدل بجهة التأكيد ، وإن تدل بجهتين : العمل والتأكيد ، والدال بجهتين مقدم على الدال بجهة كنظيره في الإرث وغيره . وإذا جاءت مع " إن " كان بمنزلة تكرار الجملة ثلاث مرات ، لأن " إن " أفادت التكرير مرتين ، فإذا دخلت اللام صارت ثلاثا .
وعن أن اللام لتوكيد الخبر ، وإن لتأكيد الاسم ؛ وفيه تجوز ، لأن التأكيد إنما هو للنسبة لا للاسم والخبر . الكسائي
السادس : وقد نص الفصل ؛ وهو من مؤكدات الجملة ؛ على أنه يفيد التأكيد ، وقال في قوله - تعالى - : سيبويه إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا ( الكهف : 39 ) ، ( أنا ) وصف للياء في ( ترن ) يزيد تأكيدا وهذا صحيح ؛ لأن المضمر يؤكد الضمير ، وأما تأكيد المظهر بالمضمر فلم يعهد ، ولهذا سماه بعضهم " دعامة " ، لأنه يدعم به الكلام ، أي يقوى ، ولهذا قالوا : لا يجاء مع التوكيد ، فلا يقال : زيد نفسه هو الفاضل . ووافق على ذلك في شرح المفصل ، وخالف في أماليه ، فقال : ابن الحاجب ، [ ص: 507 ] لأنه لو كان ، فإما لفظيا أو معنويا ، لا جائز أن يكون لفظيا ، لأن اللفظي إعادة اللفظ الأول كزيد زيد ، أو معناه كقمت ، والفصل ليس هو المسند إليه ولا معناه لأنه ليس مكنيا عن المسند إليه ، ولا مفسرا ، ولا جائز أن يكون معنويا ، لأن ألفاظه محصورة ، كالنفس والعين ، وهذا منه نفي للتوكيد الصناعي ، ولبس للكلام . ضمير الفصل ليس توكيدا
وفي البسيط للواحدي عند قوله - تعالى - : وأولئك هم المفلحون ( البقرة : 5 ) قال : دخل الفصل في قوله - تعالى - : سيبويه تجدوه عند الله هو خيرا ( المزمل : 20 ) وفي قوله - تعالى - : ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم ( آل عمران : 180 ) وفي قوله - تعالى - : ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ( سبأ : 6 ) .
وفي قوله - تعالى - : إن كان هذا هو الحق من عندك ( الأنفال : 32 ) وذكر أن هذا بمنزلة ما في قوله - تعالى - : فبما رحمة ( آل عمران : 159 ) انتهى .
السابع : ويقدمونه قبل الجملة نظرا لدلالته على تعظيم الأمر في نفسه ، والإطناب فيه ، ومن ثم قيل له : الشأن والقصة ، وعادتهم إذا أرادوا ذكر جملة قد يقدمون قبلها ضميرا يكون كناية عن تلك الجملة ، وتكون الجملة خبرا عنه ومفسرة له ، ويفعلون ذلك في مواضع التفخيم ، والغرض منه أن يتطلع السامع إلى الكشف عنه وطلب تفسيره ، وحينئذ تورد الجملة [ ص: 508 ] المفسرة له . وقد يكون لمجرد التعظيم ، كقوله - تعالى - : ضمير البيان للمذكر ، والقصة للمؤنث ، إنني أنا الله لا إله إلا أنا ( طه : 14 ) . وقد يفيد معه الانفراد نحو قوله - تعالى - : قل هو الله أحد ( الإخلاص : 1 ) أي المنفرد بالأحدية .
قال جماعة من النحاة : ( هو ) ضمير الشأن ، والله مبتدأ ثان ، وأحد خبر المبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر الأول ، ولم يفتقر إلى عائد ؛ لأن الجملة تفسير له ، ولكونها مفسرة لم يجب تقديمها عليه ، وقيل : هو كناية عن الله ، لأنهم سألوه أن يصف ربه ، فنزلت .
ومنه : وأنه لما قام عبد الله ( الجن : 19 ) ويجوز تأنيثه إذا كان في الكلام مؤنث ، كقوله - تعالى - : فإنها لا تعمى الأبصار ( الحج : 46 ) فالهاء في : ( فإنها ) ضمير القصة ، و تعمى الأبصار في موضع رفع خبر إن ، وقوله - تعالى - : ( أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ) ( الشعراء : 197 ) بقراءة الياء ، و ( أن يعلمه ) مبتدأ ، و ( آية ) الخبر ، والهاء ضمير القصة ، وأنث لوجود آية في الكلام .
الثامن : تأكيد الضمير ؛ ويجب أن ، كقوله - تعالى - : يؤكد المتصل بالمنفصل إذا عطف عليه اسكن أنت وزوجك الجنة ( البقرة : 35 ) وقوله - تعالى - : فاذهب أنت وربك ( المائدة : 24 ) .
وقيل : لا يجب التأكيد ، بل يشترط الفاصل بينهما ؛ بدليل قوله - تعالى - : ما أشركنا ولا آباؤنا ( الأنعام : 148 ) فعطف ( آباؤنا ) على المضمر المرفوع ؛ وليس هنا تأكيد بل فاصل وهو ( لا ) وهذا لا حجة فيه ؛ لأنها دخلت بعد واو العطف ، والذي يقوم مقام التأكيد إنما يأتي قبل واو العطف ، كالآيات المتقدمة بدليل قوله : فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ( هود : 112 ) .
ومنهم من لم يشترط فاصلا ، بدليل قوله : إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ( الأعراف : 115 ) فأكد السحرة ضمير أنفسهم في الإلقاء دون ضمير موسى ، حيث لم يقولوا : إما أن تلقي أنت . وفيه دليل على أنهم أحبوا التقديم في الإلقاء لعلمهم بأنهم [ ص: 509 ] يأتون بسحر عظيم يقرر عظمته في أذهان الحاضرين ، فلا يرفعها ما يأتي بعدها على زعمهم ، وإنما ابتدءوابموسى فعرضوا عليه البداءة بالإلقاء على عادة العلماء والصناع في تأدبهم مع قرنائهم ! ومن ثم قيل تأدبوا تهذبوا .
وأجيب بأنه إنما لم يؤكد في الآية ؛ لأنه استغنى عن التأكيد بالتصريح بالأولية في قوله : وإما أن نكون أول من ألقى ( طه : 65 ) وهذا جواب بياني لا نحوي .
؟ فالجواب من وجهين : فإن قيل : ما وجه هذا الإطناب ، وهلا قالوا : إما أن تلقي وإما أن نلقي
أحدهما : لفظي ، وهو المزاوجة لرؤوس الآي على سياق خواتمها ، من أول السورة إلى آخرها .
والثاني : معنوي وهو أنه سبحانه أراد أن يخبر عن قوة أنفس السحرة واستطالتهم عند أنفسهم على موسى ؛ فجاء عنهم باللفظ أتم وأوفى منه في إسنادهم الفعل إليه . ذكر ذلك في خاطرياته ثم أورد سؤالا وهو : إنا نعلم أن السحرة لم يكونوا أهل لسان فيذهب بهم هذا المذهب من صيغة الكلام ! وأجاب بأن جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية ، إنما هو من معروف معانيهم : وليست بحقيقة ألفاظهم ، ولهذا لا يشك في أن قوله تعالى : ابن جني قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ( طه : 63 ) أن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم .
التاسع : ولهذا قيل بإفادة الحصر ، ذكره [ ص: 510 ] تصدير الجملة بضمير مبتدأ يفيد التأكيد ؛ في مواضع من كشافه . قال في قوله - تعالى - : الزمخشري وبالآخرة هم يوقنون ( البقرة : 4 ) معناه الحصر ، أي لا يؤمن بالآخرة إلا هم . وقال في قوله : أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ( الأنبياء : 21 ) أن معناه لا ينشر إلا هم ، وإن المنكر عليهم ما يلزمهم حصر الألوهية فيهم . ثم خالف هذه القاعدة لما خالف مذهبه الفاسد في قوله - تعالى - : وما هم بخارجين من النار ( البقرة : 167 ) فقال : هم هنا بمنزلتها في قوله :
هم يفرشون اللبد كل طمرة في دلالته على قوة أمرهم فيما أسند إليهم ، لا على الاختصاص . انتهى .
وبيانه أن مقتضى قاعدته في هذه الآية يدل على خروج المؤمنين الفساق من النار ؛ وليس هذا معتقده ، فعدل عن ذلك إلى التأويل للآية بفائدة تتم له ، فجعل الضمير المذكور يفيد تأكيد نسبة الخلود لهم لا اختصاصه بهم ؛ وهم عنده بهذه المثابة لأن عصاة المؤمنين وإن خلدوا في النار على زعمه إلا أن الكفار عنده أحق بالخلود وأدخل في استحقاقه من عصاة المؤمنين ، فتخيل في تخريج الآية على قاعدة مذهبه من غير خروج عن قاعدة أهل المعاني في اقتضاء تقديم الضمير الاختصاص . والجواب عن هذا أن إفادة تقديم الضمير المبتدأ للاختصاص والحصر أقوى وأشهر عندهم من إفادة مجرد التمكن في الصفة .
وقد نص الجرجاني في دلائل الإعجاز على أن للاختصاص جليلة ، وأما إرادة تحقيق الأمر عند السامع أنهم بهذه الصفة ، وأنهم متمكنون منها فليست جليلة ، وإذا كان كذلك فلا يعدل عن المعنى الظاهر إلا بدليل ، وليس هنا ما يقتضي إخراج الكلام عن معناه الجلي ، كيف وقد صحت الأحاديث وتواترت على أن العصاة [ ص: 511 ] يخرجون من النار بشفاعة إفادة تقديم الفاعل على الفعل محمد - صلى الله عليه وسلم - وشفاعة غيره ، حتى لا يبقى فيها موحد أبدا ! فهذه الآية فيها دليل لأهل السنة على انفراد الكفار بالخلود في النار واختصاصهم بذلك ، والسنة المتواترة موافقة ، ولا دليل للمخالف سوى قاعدة الحسن والقبيح العقليين وإلزامهم الله تعالى مما لا ينبغي لهم أن يلزموه من عدم العفو وتحقيق العقاب والخلود الأبدي للمؤمنين في النار . نعوذ بالله من ذلك .
فائدة : ، بل هو كذلك إذا تقدم الفاعل ، أو المفعول ، أو الجار ، أو المجرور المتعلقات بالفعل ؛ ومن أمثلته قوله - تعالى - : لا تخص إفادة الحصر بتقديم الضمير المبتدأ قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ( الملك : 29 ) فإن الإيمان لما لم يكن منحصرا في الإيمان بالله بل لا بد معه من رسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، وغيره مما يتوقف صحة الإيمان عليه بخلاف التوكل ، فإنه لا يكون إلا على الله وحده لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين - قدم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص التوكل من العبد على الله دون غيره ، لأن غيره لا يملك ضرا ولا نفعا فيتوكل عليه ؛ ولذلك قدم الظروف في قوله : لا فيها غول ( الصافات : 47 ) ليفيد النفي عنها فقط واختصاصها بذلك ، بخلاف تأخيره في لا ريب فيه ( البقرة : 2 ) لأن نفي الريب لا يختص بالقرآن ، بل سائر الكتب المنزلة كذلك .
العاشر : منها هاء التنبيه في النداء نحو : يا أيها ، قال : وأما الألف والهاء اللتان لحقتا أيا توكيدا ، فكأنك كررت " يا " مرتين إذا قلت : يا أيها ، وصار الاسم تنبيها . هذا كلامه ، وهو حسن جدا ، وقد وقع عليه سيبويه فقال : وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لفائدة تبيين معاضدة حرف النداء ومكاتفته بتأكيد معناه ووقوعها عوضا مما يستحقه ، أي من الإضافة . الزمخشري
[ ص: 512 ] الحادي عشر : يا الموضوعة للبعيد إذا نودي بها القريب الفطن ، قال : إنه للتأكيد المؤذن بأن الخطاب الذي يتلوه معتنى به جدا . الزمخشري
الثاني عشر : الواو ، زعم أنها تدخل على الجملة الواقعة صفة لتأكيد ثبوت الصفة بالموصوف ، كما تدخل على الجملة الحالية ، كقوله - تعالى - : الزمخشري وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ( الحجر : 4 ) وقوله - تعالى - : ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ( الكهف : 22 ) والصحيح أن ؛ لأن الاستثناء المفرغ لا يقع في الصفات بل الجملة حال من ( قرية ) لكونها عامة بتقديم ( إلا ) عليها . الجملة الموصوف بها لا تقترن بالواو
الثالث عشر : إما المكسورة كقوله - تعالى - : فإما يأتينكم مني هدى ( البقرة : 38 ) أصلها إن الشرطية زيدت ما تأكيدا ، وكلام يقتضي أن سبب اللحاق نون التوكيد . الزجاج
وقال الفارسي : الأمر بالعكس ؛ لمشابهة فعل الشرط بدخول ما للتأكيد بالفعل المقسم عليه من جهة أنها كالعدم في القسم لما فيها من التأكيد . . وجميع ما في القرآن من الشرط بعد إما توكيده بالنون
قال أبو البقاء : وهو القياس ، لأن زيادة ( ما ) مؤذنة بإرادة شدة التوكيد ، واختلف النحاة ؟ فقال أتلزم النون المؤكدة فعل الشرط عند وصل إما أم لا المبرد : يلزم ولا تحذف إلا ضرورة ، وقال والزجاج وغيره : لا تلزم فيجوز إثباتها وحذفها ، والإثبات أحسن . ويجوز حذف " ما " وإثبات " النون " . قال سيبويه : إن شئت لم تقحم النون ، كما أنك إذا شئت لم تجئ بها . انتهى . سيبويه
[ ص: 513 ] وجاء السماع بعدم النون بعد إما ، كقول الشاعر :
فإما تريني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها
الرابع عشر : أما المفتوحة ، قال في قوله - تعالى - : الزمخشري فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ( البقرة : 26 ) إنها تفيد التأكيد .
الخامس عشر : ألا الاستفتاحية كما صرح به في قوله - تعالى - : الزمخشري ، ألا إنهم هم المفسدون ( البقرة : 12 ) ويدل عليه قولهم : إنها للتحقيق ؛ أي تحقيق الجملة بعدها ، وهذا معنى التأكيد . قال : ولكونها بهذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم ، نحو : الزمخشري ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( يونس : 62 ) .
السادس عشر : ما النافية ، نحو : ما زيد قائما أو قائم ، على لغة تميم جعل فيها معنى التوكيد ؛ لأنه جعلها في النفي جوابا لـ " قد " في الإثبات ، كما أن قد فيها معنى التوكيد ، فكذلك ما جعل جوابا لها ، ذكره سيبويه في شرح المفصل . ابن الحاجب
السابع عشر : الباء في الخبر ، نحو ما زيد بمنطلق ، قال في كشافه [ ص: 514 ] القديم : هي عند البصريين لتأكيد النفي . وقال الكوفيون : قولك : ما زيد بمنطلق ، جواب إن زيدا لمنطلق ، ما بإزاء إن والباء بإزاء اللام ؛ والمعنى راجع إلى أنها للتأكيد ؛ لأن اللام لتأكيد الإيجاب ، فإذا كانت بإزائها كانت لتأكيد النفي . هذا كله في مؤكدات الجملة الاسمية . الزمخشري