تنبيهات
الأول : قد
nindex.php?page=treesubj&link=28905يكون للشخص اسمان ، فيقتصر على أحدهما دون الآخر لنكتة ; فمنه قوله تعالى في خطاب
الكتابيين : ( يا بني إسرائيل ) ، ولم يذكروا في القرآن إلا بهذا ، دون
[ ص: 250 ] " يا
بني يعقوب " ; وسره أن القوم لما خوطبوا بعبادة الله ، وذكروا بدين أسلافهم ، موعظة لهم ، وتنبيها من غفلتهم ، سموا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله ، فإن " إسرائيل " اسم مضاف إلى الله سبحانه في التأويل ، ولهذا
لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم قوما إلى الإسلام يقال لهم : " بنو عبد الله " قال : يا بني عبد الله ، إن الله قد أحسن اسم أبيكم يحرضهم بذلك على ما يقتضيه اسمه من العبودية ، ولما ذكر موهبته
لإبراهيم وتبشيره به قال : "
يعقوب " ، وكان أولى من "
إسرائيل " ; لأنها موهبة تعقب أخرى ، وبشرى عقب بها بشرى ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ( هود : 71 ) ، وإن كان اسم
يعقوب عبرانيا ، لكن لفظه موافق للعربي ، من العقب والتعقيب ، فانظر مشاكلة الاسمين للمقامين ، فإنه من العجائب .
وكذلك حيث ذكر الله
نوحا سماه به ، واسمه
عبد الغفار ; للتنبيه على كثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه .
ومنه قوله تعالى حاكيا عن
عيسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) ( الصف : 6 ) ، ولم يقل : "
محمد " ; لأنه لم يكن
محمدا حتى كان
أحمد ، حمد ربه فنبأه وشرفه ، فلذلك تقدم على
محمد فذكره
عيسى به .
ومنه : أن
مدين هم
أصحاب الأيكة ، إلا أنه سبحانه حيث أخبر عن
مدين قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85أخاهم شعيبا ) ( الأعراف : 85 ، هود : 84 ، العنكبوت : 36 ) ، وحيث أخبر عن
الأيكة لم يقل : " أخوهم " ، والحكمة فيه أنه لما عرفهم بالنسب ،
[ ص: 251 ] وهو أخوهم في ذلك النسب ذكره ، ولما عرفهم
بالأيكة التي أصابهم فيها العذاب لم يقل : " أخوهم " ، وأخرجه عنهم .
ومنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون ) ( الأنبياء : 87 ) ، فأضافه إلى الحوت ، والمراد "
يونس " ، وقال في سورة " القلم " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48ولا تكن كصاحب الحوت ) ( الآية : 48 ) ، والإضافة بـ " ذي " أشرف من الإضافة بـ " صاحب " ، ولفظ النون أشرف من الحوت ، ولذلك وجد في حروف التهجي كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن والقلم ) ( القلم : 1 ) ، وقد قيل : إنه قسم ، وليس في الآخر ما يشرفه بذلك .
ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تبت يدا أبي لهب ) ( المسد : 1 ) ، فعدل عن الاسم إلى الكنية ; إما لاشتهاره بها ، أو لقبح الاسم ، فقد كان اسمه
عبد العزى .
واعلم أنه لم يسم الله قبيلة من جميع قبائل العرب باسمها إلا
قريشا ; سماهم بذلك في القرآن ليبقى على مر الدهور ذكرهم ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش ) ( قريش : 1 ) .
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ : قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28905يَكُونُ لِلشَّخْصِ اسْمَانِ ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِنُكْتَةٍ ; فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي خِطَابِ
الْكِتَابِيِّينَ : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ، وَلَمْ يُذْكَرُوا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِهَذَا ، دُونَ
[ ص: 250 ] " يَا
بَنِي يَعْقُوبَ " ; وَسِرُّهُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ ، وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ ، مَوْعِظَةً لَهُمْ ، وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ ، سُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ ، فَإِنَّ " إِسْرَائِيلَ " اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي التَّأْوِيلِ ، وَلِهَذَا
لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا إِلَى الْإِسْلَامِ يُقَالُ لَهُمْ : " بَنُو عَبْدِ اللَّهِ " قَالَ : يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ
لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ قَالَ : "
يَعْقُوبَ " ، وَكَانَ أَوْلَى مِنْ "
إِسْرَائِيلَ " ; لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ تَعْقُبُ أُخْرَى ، وَبُشْرَى عَقَّبَ بِهَا بُشْرَى ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) ( هُودٍ : 71 ) ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ
يَعْقُوبَ عِبْرَانِيًّا ، لَكِنَّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيِّ ، مِنَ الْعَقِبِ وَالتَّعْقِيبِ ، فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ ، فَإِنَّهُ مِنَ الْعَجَائِبِ .
وَكَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ
نُوحًا سَمَّاهُ بِهِ ، وَاسْمُهُ
عَبْدُ الْغَفَّارِ ; لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ
عِيسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصَّفِّ : 6 ) ، وَلَمْ يَقُلْ : "
مُحَمَّدٌ " ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ
أَحْمَدَ ، حَمِدَ رَبَّهُ فَنَبَّأَهُ وَشَرَّفَهُ ، فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَ عَلَى
مُحَمَّدٍ فَذَكَّرَهُ
عِيسَى بِهِ .
وَمِنْهُ : أَنَّ
مَدْيَنَ هُمْ
أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ، إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيْثُ أَخْبَرَ عَنْ
مَدْيَنَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ) ( الْأَعْرَافِ : 85 ، هُودٍ : 84 ، الْعَنْكَبُوتِ : 36 ) ، وَحَيْثُ أَخْبَرَ عَنِ
الْأَيْكَةِ لَمْ يَقُلْ : " أَخُوهُمْ " ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا عَرَّفَهُمْ بِالنَّسَبِ ،
[ ص: 251 ] وَهُوَ أَخُوهُمْ فِي ذَلِكَ النَّسَبِ ذَكَّرَهُ ، وَلَمَّا عَرَّفَهُمْ
بِالْأَيْكَةِ الَّتِي أَصَابَهُمْ فِيهَا الْعَذَابُ لَمْ يَقُلْ : " أَخُوهُمْ " ، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُمْ .
وَمِنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ ) ( الْأَنْبِيَاءِ : 87 ) ، فَأَضَافَهُ إِلَى الْحُوتِ ، وَالْمُرَادُ "
يُونُسُ " ، وَقَالَ فِي سُورَةِ " الْقَلَمِ " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) ( الْآيَةَ : 48 ) ، وَالْإِضَافَةُ بِـ " ذِي " أَشْرَفُ مِنَ الْإِضَافَةِ بِـ " صَاحِبِ " ، وَلَفْظُ النُّونِ أَشْرَفُ مِنَ الْحُوتِ ، وَلِذَلِكَ وُجِدَ فِي حُرُوفِ التَّهَجِّي كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن وَالْقَلَمِ ) ( الْقَلَمِ : 1 ) ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ قَسَمٌ ، وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ مَا يُشَرِّفُهُ بِذَلِكَ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) ( الْمَسَدِ : 1 ) ، فَعَدَلَ عَنِ الِاسْمِ إِلَى الْكُنْيَةِ ; إِمَّا لِاشْتِهَارِهِ بِهَا ، أَوْ لِقُبْحِ الِاسْمِ ، فَقَدْ كَانَ اسْمُهُ
عَبْدَ الْعُزَّى .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ اللَّهُ قَبِيلَةً مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ بِاسْمِهَا إِلَّا
قُرَيْشًا ; سَمَّاهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ لِيَبْقَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ ذِكْرُهُمْ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ) ( قُرَيْشٍ : 1 ) .