[ ص: 252 ] الثالث : قيل : مريم بنت عمران " ; فإنه ذكر اسمها في نحو ثلاثين موضعا ; لحكمة ذكرها بعض الأشياخ ، قال : إن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ ، ولا يبتذلون أسماءهن ، بل يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحوه ، فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ، ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر والتصريح بها ، فلما قالت النصارى في لم يذكر الله تعالى امرأة في القرآن وسماها باسمها إلا " مريم وفي ابنها ما قالت ، صرح الله تعالى باسمها ، ولم يكن عنها ; تأكيدا للأموة والعبودية التي هي صفة لها ، وإجراء للكلام على عادة العرب في ذكر أبنائها ، ومع هذا فإن عيسى لا أب له ، واعتقاد هذا واجب ، فإذا تكرر ذكره منسوبا إلى الأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفي الأب عنه ، وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود ، لعنهم الله .