فائدة
روى في كتاب " الأدب المفرد " في بر الوالدين عن البخاري - رضي الله عنه - قال : " نزلت في سعد بن أبي وقاص - عز وجل - : كانت أمي حلفت ألا تأكل ولا تشرب حتى أفارق أربع آيات من كتاب الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) ( لقمان : 15 ) ، والثانية أني كنت أخذت سيفا فأعجبني فقلت : يا رسول الله ، هب لي هذا ، فنزلت : ( يسألونك عن الأنفال ) ( الأنفال : 1 ) ، والثالثة أني كنت مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا [ ص: 129 ] رسول الله ، إني أريد أن أقسم مالي أفأوصي بالنصف ؟ فقال : لا ، فقلت : الثلث ؟ فسكت ، فكان الثلث بعد جائزا . والرابعة أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار ، فضرب رجل منهم أنفي بلحيي جمل فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله - عز وجل - تحريم الخمر " .
واعلم أنه جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول ، ووقع البحث في أنه أيما أولى البداءة به ؟ بتقدم السبب على المسبب ؟ أو بالمناسبة ; لأنها المصححة لنظم الكلام ، وهي سابقة على النزول ، والتحقيق التفصيل ؛ بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كالآية السابقة في : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ( النساء : 58 ) فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب ; لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد ، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة .