20295 ( قال الشيخ رحمه الله ) : فمن ذهب إلى هذا زعم أن هذا أيضا مذهب - رحمه الله - ألا تراه قال في كتاب أدب القاضي : ذهب الناس من تأول القرآن ، والأحاديث ، والقياس أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها ، فتباينوا فيها تباينا شديدا ، واستحل فيها بعضهم من بعض بعض ما تطول حكايته ، وكل ذلك متقادم منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ، ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل ، وإن خطأه وضلله ، ثم ساق الكلام إلى أن قال : وشهادة من يرى الكذب شركا بالله ، أو معصية له يوجب عليها النار أولى أن تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المأثم فيها ( قالوا ) : والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفرا دون كفر وهو كما قال الله عز وجل ( الشافعي ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه ، إنه ليس بكفر ينقل عن ملة ولكن كفر دون كفر ( قال الشيخ ) رحمه الله : فكأنهم أرادوا بتكفيرهم ما ذهبوا إليه من نفي هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه ، وجحودهم لها بتأويل بعيد ، مع اعتقادهم إثبات ما أثبت الله تعالى فعدلوا عن الظاهر بتأويل فلم يخرجوا به عن الملة ، وإن كان التأويل خطأ كما لم يخرج من أنكر إثبات المعوذتين في المصاحف كسائر السور من الملة لما ذهب إليه من الشبهة ، وإن كانت عند غيره خطأ ، والذي روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: ابن عباس القدرية مجوس هذه الأمة إنما سماهم مجوسا لمضاهاة بعض ما يذهبون إليه مذاهب المجوس في قولهم بالأصلين ، وهما النور والظلمة ، يزعمون أن الخير من فعل النور ، وأن الشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية كذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى غيره ، والله تعالى خالق الخير والشر ، والأمران معا منضافان إليه خلقا ، وإيجادا وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا ، هذا قول - رحمه الله - على الخير . أبي سليمان الخطابي