الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1278 - قصة بني إسرائيل ومسخهم قردة

                                                                                            3307 - حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء في ذي [ ص: 53 ] الحجة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأ الربيع بن سليمان ، أنبأ الشافعي ، أخبرني يحيى بن سليم ، ثنا ابن جريج عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو يقرأ في المصحف قبل أن يذهب بصره ، وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك يا ابن عباس جعلني الله فداك ؟ قال : فقال : هل تعرف أيلة ؟ قلت : وما أيلة ؟ قال : قرية كان بها ناس من اليهود فحرم الله عليهم الحيتان يوم السبت ، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم ، شرعا بيضاء سمان ، كأمثال المخاض بأفنياتهم وأبنياتهم ، فإذا كان في غير يوم السبت ، لم يجدوها ، ولم يدركوها إلا في مشقة ومئونة شديدة ، فقال بعضهم لبعض أو من قال ذلك منهم : لعلنا لو أخذناها يوم السبت ، وأكلناها في غير يوم السبت . ففعل ذلك أهل بيت منهم ، فأخذوا فشووا ، فوجد جيرانهم ريح الشواء ، فقالوا : والله ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء ، فأخذها آخرون حتى فشا ذلك فيهم ، وكثر فافترقوا فرقا ثلاثا ، فرقة أكلت ، وفرقة نهت ، وفرقة قالت : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا . فقالت الفرقة التي نهت : إنا نحذركم غضب الله وعقابه ، أن يصيبكم بخسف أو قذف أو ببعض ما عنده من العذاب ، والله لا نبايتكم في مكان وأنتم فيه ، وخرجوا من السور ، فغدوا عليه من الغد ، فضربوا باب السور ، فلم يجبهم أحد ، فأتوا بسلم فأسندوه إلى السور ، ثم رقي منهم راق على السور ، فقال : يا عباد الله قردة ، والله لها أذناب تعاوى ثلاث مرات ، ثم نزل من السور ففتح السور ، فدخل الناس عليهم ، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ، ولم تعرف الإنس أنسابها من القردة قال : فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه من الإنس ، فيحتك به ، ويلصق ، ويقول الإنسان : أنت فلان ؟ فيشير برأسه أي نعم ، ويبكي ، وتأتي القردة إلى نسيبها وقريبها من الإنس ، فيقول لها : أنت فلانة ؟ فتشير برأسها أي نعم ، وتبكي ، فيقول لهم الإنس : أما إنا حذرناكم غضب الله وعقابه أن يصيبكم بخسف أو مسخ أو ببعض ما عنده من العذاب ، قال ابن عباس : فاسمع الله يقول : أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون . فلا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة قال ابن عباس : فكم قد رأينا من منكر فلم ننه عنه ! قال عكرمة : فقلت : ما ترى جعلني الله فداك ؟ إنهم قد أنكروا ، وكرهوا حين قالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ، فأعجبه قولي ذلك ، وأمر لي ببردين غليظين فكسانيهما .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية