( 535 ) باب ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أن تطوع النهار أربعا لا مثنى في خبر النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد ، فليصل ركعتين قبل أن يجلس ، [ ص: 595 ] وفي أخبار النبي صلى الله عليه وسلم : " " إذا دخل أحدكم المسجد ، والإمام يخطب فليصل ركعتين قبل أن يجلس وفي خبر " : كعب بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا ضحى ، فيبدأ بالمسجد ، فيصلي فيه ركعتين وفي أن لجابر لما أتاه بالبعير ليسلمه إليه : " أصليت ؟ " قال : لا قال : " قم فصل ركعتين " وفي خبر ابن عباس : قوله " من يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء ، وله عبد أو فرس " وبصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في الاستسقاء نهارا لا ليلا وفي خبر ابن عمر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعدها وحدثتني حفصة وفي خبر بركعتين قبل صلاة الغداة علي بن أبي طالب وفي خبر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على أثر كل صلاة ركعتين إلا الفجر ، والعصر بلال وفي خبر ما أذنبت قط إلا صليت ركعتين : أبي بكر الصديق " ما من عبد يذنب ذنبا ، فيتوضأ ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله إلا غفر له وفي خبر " : أنس بن مالك " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين [ ص: 596 ] وفي خبر " عائشة : ، ثم يرجع إلى بيتي ، فيصلي ركعتين " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعا وفي خبر " : سعد بن أبي وقاص بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه " حتى إذا مر بمسجد وفي خبر " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من العالية ، ، عن محمود بن الربيع عتبان بن مالك : " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته سبحة الضحى ركعتين وفي خبر " : أبي هريرة ، وفيه : ركعتي الضحى " أوصاني خليلي بثلاث وفي خبر " عبد الله بن شقيق ، عن عائشة : ، فيصلي ركعتين " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قط إلا أن يقدم من سفر وفي خبر " أبي ذر ، وقال في الخبر : ويجزي من ذلك ركعتا الضحى " يصبح على كل سلامى من بني آدم صدقة وفي خبر : أبي هريرة ، ولو كانت مثل زبد البحر " من حافظ على شفعتي الضحى ، غفرت ذنوبه . "
وفي خبر ، عن أنس بن سيرين : أنس بن مالك " يا رسول الله لو دعوت ، فأمر بناحية بيتهم ، فنضح ، وفيه بساط ، فقام فصلي ركعتين قال " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أهل بيت من الأنصار ، فقالوا : أبو بكر : " ففي كل هذه الأخبار كلها دلالة على أن التطوع بالنهار مثنى مثنى لا أربعا كما زعم من لم يتدبر هذه الأخبار ، ولم يطلبها ، فيسمعها ممن يفهمها .
فأما خبر عائشة الذي ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعا ، فليس في الخبر أنه صلاهن بتسليمة واحدة ، ، قد [ ص: 597 ] أخبر أنه صلى قبل الظهر ركعتين ، ولو كانت صلاة النهار أربعا لا ركعتين ، لما جاز للمرء أن يصلي بعد الظهر ركعتين ، وكان عليه أن يضيف إلى الركعتين أخريين لتتم أربعا ، وكان عليه أن يصلي قبل صلاة الغداة أربعا ؛ لأنه من صلاة النهار لا من صلاة الليل ، ولم نسمع خبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتا من جهة النقل أنه صلى بالنهار أربعا بتسليمة واحدة صلاة تطوع ، فإن خيل إلى بعض من لم ينعم الروية أن خبر وابن عمر عبد الله بن شقيق ، عن عائشة إذ ذكرت أربعا في الخبر ، قيل له : فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعا بتسليمة واحدة ، ، عن سعيد المقبري أبي سلمة ، عن عائشة في ذكرها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ، فقالت ، كان يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا فهذه اللفظة في صلاة الليل كاللفظة التي ذكرها عبد الله بن شقيق عنها في الأربع قبل الظهر ، أفيجوز أن يتأول متأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الأربعات بالليل ، كل أربع ركعات منها بتسليمة واحدة ، وهم لا يخالفونا أن صلاة الليل مثنى مثنى خلا الوتر ، فمعنى خبر أبي سلمة ، عن عائشة عندهم كخبر عبد الله بن شقيق عنها عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الأربع بتسليمتين لا بتسليمة واحدة .
وفي خبر عاصم بن ضمرة ، عن ، علي بن أبي طالب وإذا كانت من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند الظهر صلى أربعا ، ويصلي قبل الظهر أربعا ، وبعدها ركعتين ، وقبل العصر أربعا ، ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين ، ومن تبعهم من المسلمين إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها عند العصر صلى ركعتين ، 1211 ثنا كان النبي صلى الله عليه وسلم بندار ، ثنا محمد ، ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت عاصم بن ضمرة قال : [ ص: 598 ] سألت عليا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر هذا الحديث . قال أبو بكر : " ففي هذا الخبر خبر علي بن أبي طالب فأما ذكر الأربع قبل الظهر ، والأربع قبل العصر ، فهذه من الألفاظ المجملة التي دلت عليه الأخبار المفسرة ، فدل خبر قد صلى من النهار ركعتين مرتين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ابن عمر ، أن كل ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في النهار من التطوع ، فإنما صلاهن مثنى مثنى على ما خبر أنها صلاة النهار والليل جميعا ، ولو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى من النهار أربعا بتسليم كان هذا عندنا من الاختلاف المباح ، فكان المرء مخيرا بين أن يصلي أربعا بتسليمة بالنهار ، وبين أن يسلم في كل ركعتين . " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى "
وقوله في خبر علي : ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المؤمنين ، فهذه اللفظة تحتمل معنيين ، أحدهما أنه كان يفصل بين كل ركعتين بتشهد ، إذ في التشهد التسليم على الملائكة ومن تبعهم من المسلمين ، وهذا معنى يبعد ، والثاني أنه كان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم الذي هو فصل بين هاتين الركعتين ، وبين ما بعدهما من الصلاة ، وهذا هو المفهوم في المخاطبة ؛ لأن العلماء لا يطلقون اسم الفصل بالتشهد من غير سلام يفصل بين الركعتين وبين ما بعدهما ، ومحال من جهة الفقه أن يقال : يصلي الظهر أربعا ، يفصل بينهما بسلام ، أو العصر أربعا يفصل بينهما بسلام ، أو المغرب ثلاثا يفصل بينهما بسلام ، أو العشاء أربعا يفصل بينهما بسلام ، وإنما يجب أن يصلي المرء الظهر والعصر والعشاء كل واحدة منهن أربعة موصولة لا مفصولة ، وكذلك المغرب يجب أن يصلي ثلاثا موصولة لا مفصولة ، ويجب أن يفرق بين الوصل وبين الفصل ، والعلماء من جهة الفقه لا يعلمون الفصل بالتشهد من غير تسليم يكون [ ص: 599 ] به خارجا من الصلاة ، ثم يبتدأ فيما بعدها ، ولو كان التشهد يكون فصلا بين الركعتين وبين ما بعد ، لجاز لمصل إذا تشهد في كل صلاة ، يجوز أن يتطوع بعدها ، أن يقوم قبل أن يسلم فيبتدئ في التطوع على العمد ، وكذاك كان يجوز له أن يتطوع من الليل بعشر ركعات وأكثر بتسليمة واحدة يتشهد في كل ركعتين ، لو كان التشهد فصلا بين ما مضى وبين ما بعد من الصلاة ، وهذا خلاف مذهب مخالفينا من العراقيين " " .