( 208 ) باب ذكر الدليل على أن ، وسعيا كان أو مشيا بسكينة وتؤدة ، والدليل على أن السعي الذي هو سرعة المشي في الوادي بين السعي الذي ذكرت أنه واجب بين الصفا والمروة الصفا والمروة ليس بواجب وجوبا يحرج تاركه ، وأن المشي بينهما جائز ، وهذا من الجنس الذي كنت أعلمت أن اسم السعي قد يقع على المشي على السكينة والتؤدة ، ويقع على سرعة المشي ، واستدللت في ذلك الموضع بقول الله - عز وجل - : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [ الجمعة : 9 ] . فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - المولى بيان ما أنزل الله - عز وجل - من الوحي أن هذا السعي الذي أمر الله به في هذه الآية [ ص: 1310 ] هو المضي والمشي إلى الجمعة على السكينة والوقار بقوله : فلو كان الله جل وعلا أمر بسرعة المشي إلى الجمعة في هذه الآية لما قال " إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة والوقار " المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : " ، وكنت أعلمت في ذلك الموضوع أنه جائز أن يقع اسم الواحد على فعلين ، أحدهما منهي عنه والآخر مأمور به ، إذ اسم السعي قد يقع على المشي على السكينة والوقار وعلى سرعة المشي الذي هو هرولة ، فأمر الله - جل وعلا - بالسعي إلى الجمعة ، وزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السعي إلى الصلاة ، فالسعي الذي أمر الله في هذه الآية المشي الذي هو ضد الهرولة ، والسعي الذي زجر الله عنه عند إتيان الصلاة هو سرعة المشي الذي هو شبه الهرولة أو الهرولة . إذا أتيتم الصلاة فأتوها تمشون ، ولا تأتوها تسعون "